أطوار الدولة الداعشيّة

الرقة تذبح بصمت

“اللّهمّ إذا كانت الدولة دولة خوارج فاقصم ظهرها، واقتل قادتها، وأسقط رايتها” بهذا الكلام اعلن العدناني بداية دولة الخلافة, ليأتي الجواب: ” كذلك قال ربّك هو عليّ هيّن”، دعاء يحمل في طيّاته أطوار دولة الخلافة، ولعلّ التنظيم كان أول من تنبّأ بها والتي بدأت تظهر بشكل جليّ منذ أكثر من عام، وسنأتي عليها تباعاً:

الطّور الأوّل – طور قصم الظهر: كان اختيار التنظيم لمناطق سيطرته اختياراً ذكيّاً من خلال توفّر الظروف البيئيّة، من نفط وماء وكهرباء، وإلى ما هنالك من ثروات، وظروف جغرافيّة المتمثّلة من خلال الحدود مع العراق وتركيا والتي كانت ممر لعبور مقاتليه للداخل السوريّ، وقوُاته العاملة على بثّ الرعب في صفوف المدنيين من خلال ترويعهم بأفظع المشاهد الدمويّة، كلّ تلك الظروف مجتمعة كانت مناخاً مناسباً لقيام كيان داعش، وما لبث أنّ تشكل “التحالف الدولي” لقتال تنظيم داعش، والذي عمل على تفكيك التنظيم من خلال توجيه ضربات قاصمة له جاءت في الصميم فكانت أولى أهداف هذا التحالف هي مخازن أسلحة داعش ومقراته، ومن ثمّ قصف معسكراته التي يقوم فيها بتدريب الناشئة من “أشبال” الخلافة، فكان بذلك بداية استنزاف لمقدّراته القتاليّة.

أمّا الهدف الثاني والمتمثل بتجفيف منابعه الاقتصاديّة من خلال استهداف التحالف لحقول النفط ومصافيه التقليدية ( الحرّاقات)، فكانت النتيجة انهيار كامل لاقتصاد التنظيم.


الطّور الثانيّ- طور قتل القادة: يعتبر استهداف واغتيال قادة داعش من الطرق السالكة لشلّ حركة التنظيم العسكريّة، ولعلّ أبرز القيادات الذين قتلوا خلال عامين وبطرق مختلفة، أبو عمر الشيشاني والذي كان مثابة وزير حرب التنظيم،، والعقل المفكر جنيد حسين وهو معدّ الجيش الإلكتروني للتنظيم من خلال تنفيذ قرصنات عبر الانترنت والتي أتت عليه ضربة دمّرت عقله، والكثير من القادة الذين كان لهم ثقلهم في التنظيم وكان آخرهم أبو محمد العدنانيّ الناطق الإعلامي للتنظيم والذي قضى منذ أيام بغارة للتحالف الدولي قرب مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، ولعلّ مقتل قياديين بهذا الحجم و من الصفّ الأوّل كان غاية في بتر أطراف التنظيم والحؤول دون تنفيذ أهدافه و مخططاته.


الطّور الثالث :طور سقوط الرّاية والذي يتبعه سقوط “الدولة” ويُعتبر نتيجة طبيعيّة لنهاية أي دولة على مرّ الأزمنة، ولعلّ أيام التنظيم الأخيرة على الحدود الشماليّة السوريّة شاهد على هذا السقوط، فكانت البداية بتسليم داعش لأجزاء واسعة من الشمال السوريّ لوحدات الحماية الكرديّة تحت ضربات التحالف، لتكمل انسحابها من باقي الأجزاء نتيجة تدخل الجيش الحرّ المدعوم من قبل تركيا، والتي لا تزال مستمرّة.
وبانقضاء هذه الأطوار الثلاث يبدأ نجم داعش بالأفول، كما أفلت تنظيمات من شذاذ الآفاق قبله، وبذلك يكون قد أتمّ مهمّته المرسومة من قتل لأهل السنّة وتهجيرهم من أراضيهم وتسليمها للوحدات الكرديّة ، راسماً بذلك حدود الدولة الإنفصاليّة.