المخيم المنسي: مأساة النازحين في مخيم سهلة البنات شرق الرقة

في قلب الزحام الذي يشكله صدى الصراعات وانفجارات الحروب، يبزغ وجود النازحين كرسالة حزينة وواضحة، يضطرون فيها لترك مساكنهم ومأواهم الأصلي بحثًا عن بقعة أمان تضمن لهم قليلاً من السكينة والحياة الكريمة. وفي هذا السياق، تبرز منطقة شرق الرقة في سوريا كمنطقة شهدت واحدة من أقسى العواصف الناتجة عن الحروب والصراعات، وقد ألقت بظلالها السوداء على سكانها، وخاصة على النساء والأطفال.

تتجلى هذه المأساة بوضوح في حوالي ٥٣ مخيمًا عشوائيًا في ريف الرقة، تحتضن أجسادًا متعبة تضجّ بحوالي ٨٥ ألف نسمة، يتراءى الأغلبية منهم بالنساء والأطفال الذين أصبحوا رهائن لسوء الأوضاع المعيشية وعدم وجود أبسط مقومات الحياة الكريمة. وسط هذا البؤس واليأس، يعاني هؤلاء النازحون من غياب تام للتدخل الإنساني المناسب من قِبَل الإدارة الذاتية التابعة لمليشيا قسد، ومن قلة الاهتمام من المنظمات الإنسانية والخدمية العاملة في المنطقة.

ومن تلك المخيمات المنسية مخيم “سهلة البنات” الواقع شرق الرقة على ٧ كيلو متر، وهو مأوى لحوالي ٦٠٠٠ نازح من مناطق ريف دير الزور الشرقي، والذي تمنعهم قسد من العودة إلى منازلهم بحجة وجود مخاوف أمنية من عودة تنظيم داعش إلى المنطقة، فيما تمنعهم قوات الأسايش التابعة لقسد من الانتقال للعيش داخل مدينة الرقة لدواع أمنية، مع استمرار حملات الدهم والاعتقال التي تتطال قاطني المخيم، وغياب أي نوع من المساعدات الإنسانية فيه، حيث يعمل سكانه، بما في ذلك النساء والفتيات، في مكب النفايات العشوائي، يجمعون البلاستيك والحديد والعبوات الفارغة من النفايات، ويقومون بجمع الخضار وبقايا الطعام للاستهلاك والبيع.

تتعاظم مخاطر الظلم والاستغلال بوجود النساء والفتيات في هذا البيئة المتردية، فتتزايد فرص التعرض لأشكال مختلفة من الاعتداء والتحرش والاستغلال الجنسي وحتى الاتجار بالبشر. تحذر المنظمات الدولية من أن غياب خدمات الحماية وضعف الرقابة يجعل هؤلاء الأفراد عُرضة للخطر بشكل متزايد.

يصبح واجبًا إنسانيًا لا يُمكن تجاهله معالجة الوضع الصعب الذي يعيشه النازحون في مخيم “سهلة البنات” وفي مناطق أخرى بشرق الرقة. يتوجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لتقديم العون والدعم لهؤلاء الناس، وبالأخص للنساء والفتيات اللواتي يواجهن تهديدات خطيرة على حياتهن وكرامتهن. وينبغي أن يضغط المجتمع الدولي بقوة لتأمين الحماية والإعادة التوطين الآمن للنازحين، بالإضافة إلى توفير فرص العمل والتعليم لهم.