شبِّيحة الرقّة وقد خَلَوا إلي شياطينهِم

الرقة تذبح بصمت

ليست الخلوة إلى الشياطين، الصفة الوحيدة المميزة للمنافقين “المنحبَّكجيَّة”، إذ لا ينطبق على شبيحة الرقّة السوريّة اليوم سوى مقولة “غاب القطّ العب يا فأر”، أربعة أعوام مضت ولم نسمع لهم رِكزاً، منكسي الرؤوس، صامتون، يظهرون عكس ما يبطنون، اليوم يُسَيَّرون في مسيراتٍ، -الكلمة التي لربّما أصبحنا نعود لمعاجم اللّغة لاستخراجها-، يهتفون فداءً لروح القائد، وكأنَّ أرواح من سبقوهم لم تكن كافية لتثبيت عرشه المهتزّ، وبعودةٍ للذاكرة ولشهر آذار من العامّ ٢٠١٣ وفي يوم تحرير الرقّة من رجس النظام، إلّا من بعض أذنابه الذين سرعان ما أعلنوا نفاقهم للجيش الحرّ، وبحُجّة أنّهم معه ،نفاقٌ لا يُراد من باطنه سوى الحصول على امتيازات تسمح بإشراكهم في الاستفادة من الاقتصاد الجديد للرقّة، ناهيك عن تحديد مواقع بيوت المدنيين ليتمّ قصفها من قِبل طيران النظام، ولم يُستغرِب دورهم بتسليم الكثير من أبناء الثورة لتنظيم داعش إبّان سيطرتهم على الرقّة في مطلع عام ٢٠١٤.
 
واليوم ومع سيطرة ميليشيا سوريا الديمقراطيّة “قسد” على الرقّة، وعودة النّظام وميليشياته إلى الجزء الشرقيّ من ريف الرقّة، عاد الشبّيحة يجددون العهد والولاء للقائد، ويعاهدونه بالدّمّ، ويرفعون أعلامه، وصوره، ملوّحين بحقبةٍ جديدةٍ معه.
 
ولا ننسى أو نغفل عن أهل الردّة ممّن كان لهم السبق بتأييد الثورة السوريّة ،ودعمها في بداياتها، ولم يستطيعوا العبور إلى تركيا، أو غيرها من دول اللّجوء، بعد خروج التنظيم، ليجدوا أنفسهم مرتميين في حضن الوطن، يُمارسون نفاق التشبيح الغير اضطّراريّ، بالرغم من استدعاء النظام لهم في وقتٍ سابق قبل انسحابه من الرقّة، على خلفية تأييدهم للثورة، أو مشاركة أحد أفراد العائلة في المظاهرات ضدّه.
 
وفي بقعةٍ من مناطق سيطرة النظام، نجد الحزبيين القُدامى مجتمعين وشيوخ العشائر الذين لا يحِلّون ولا يربطون، وما يُمليه عليهم حديثي العهد، من طلائع البعث، من توزيعٍ للمهام، وشَغْلٍ للمناصب، وكأنّهم يُمنُّون أنفسهم بتشكيل “حكومة الرقّة الحُرَّة”، على غِرار “حكومة فرنسا الحرّة” التي شكّلها شارل ديغول في لندن.
 
ونُذكّر أنّ سياسة كتابة التقارير، والخطّ الجميل، أي “طقّ البراغيّ” باللَّهجة المحليّة، لا تزال الطريق الأسهل والأكثر ضماناً لنيل رضا القائد، والوصول للمنصب المنشود.
 
ونحن اليوم لا ننكر الانتكاسة التي تمرُّ بها الثورة السوريّة اليوم، وما تتعرّض له المناطق المحرَّرة من تهجير وتغيير ديمغرافيًّ، إلّا أنّنا في المقابل لا ننكر مبدأ الحريةّ، والتحرّر من النظام الطاغيّة، ومن يجاريه في أفعاله، ولا نتجرّد من قيَم نسير قُدُمًا من أجل ترسيخها، لا أن نُثبِّت أقوالٍ قيلت فينا، أو عنّا، أقوال اندثرت مع بداية الثورة، واليوم يعيدها شبِّيحة الرقّة إلى الأذهان والمسامع “أهل الرقّة يصفقون للجاي، ويعفطون للرايح”، إلّا ما رحِم ربِّي، مقولة لطالما أطلقها من سكن الرقّة من أبناء المحافظات السوريّة الأُخرى، متّهمين إيّاهم بالنفاق، إلا أنّ أهل الرقة ما نكفوا يثبتون العكس دائماً، من بدايات الثورة الأولى، بعد الوقوف في وجه النظام وطرده، معلنين مدينتهم عاصمةً للحريّة، والتي ستعود يوماً ما دام في الأرض ثائر واحد من أبنهائها.