هل الرقة مقبلة على مجاعة وشيكة ؟

الرقة تذبح بصمت

يبدو جلياً أنّ محافظة الرقة اليوم، أصبحت على أبواب مرحلة المجاعة، كنتيجة لنقص المواد الغذائية مؤخراً، الناتج عن قطع القوات المهاجمة لمعظم الطرق المؤدية إلى الرقة، إضافة لإنخفاض منسوب الأمطار لهذا العام والأعوام السابقة، الأمر الذي حرم الرقة من سلتها الزراعية.

يعيش في الرقة حوالي 400 ألف مدني، وعدد من اللاجئين العراقيين وصلوا إلى الرقة من الموصل مؤخراً، فيما يزداد عدد اللاجئين بشكل يومي، إضافة لآلاف النازحين من مدينة تدمر، مما شكل ضغطاً على موارد المدينة المُستنزفة أصلاً، الأمر الذي يستوجب دق ناقوس الخطر الغذائي.

واقع زراعي منهك

كانت الرقة أحد أهم مناطق إنتاج القمح في سوريا، إلا أنّها شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الخمس الأخيرة، بسبب موجات الجفاف المتعاقبة وسياسات حكومة الأسد نحو التحرير الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار المحروقات والسماد عدة أضعاف.

وبعد تحرير الرقة، لم يتحسن واقع الحال الزراعي كثيراً، فإضافة للقصف اليومي، كان لغياب تصريف الانتاج دوراً كبيراً في تردي الواقع الزراعي في المحافظة، هذا واستمر استنزاف الاحتياطيات من القمح المخزن في صوامع الرقة والعراءات والذي بلغ عام 2013 حوالي 460 ألف طن، بحسب وثائق مديرية الزراعة في محافظة الرقة، ولعدم قدرة مطحنة الرشيد على سد احتياج المدينة، تم نقل القمح إلى مطاحن النقارين في ريف حلب، والتي كانت تخضع لسيطرة الجيش السوري الحر آنذاك، وكانت تتم تغطية الكلفة المادية المرتفعة لعملية الطحن والنقل عبر المقايضة بالقمح، وبعد سيطرة داعش على المحافظة في مطلع العام 2014 استمر الاستنزاف المستمر بل وأضيف إليها السماح بإخراج القمح إلى مناطق النظام مقابل فرض ضرائب معينة “زكاة الزرع”، قامت داعش بتحرير سعر الخبز فأصبح يباع بسعر التكلفة واستطاعت بناء عدد من المطاحن الصغيرة لتغطي النقص الحاصل في صيف عام 2015، وبعد تقدم ميليشيات سوريا الديمقراطية والسيطرة على تل أبيض تم اخراج مساحات كبيرة من المناطق المزروعة من دائرة الانتاج، إما من خلال إحتراق الأراض الزراعية أو تهجير هذه الميليشيات للفلاحين عن أراضيهم مما دفعهم للتوجه نحو تركيا للعمل هناك.

سلة الرقة الغذائية


تعد منطقة الكسرات المحاذية لنهر الفرات، من أخصب أراضي الرقة وربما على مستوى سوريا وهي معروفة بكونها سلة الرقة من الخضروات الصيفية، لكنها تراجعت بشكل كبير نتيجة ظروف المدينة عامة وغلاء السماد المرتبط سعره بالدولار وضعف القدرة الشرائية لأغلب سكان المدينة.

ثروة حيوانية مهددة بالإنقراض


ونتيجة تراجع القطاع الزراعي، كان من الطبيعي أن ينعكس ذلك على تربية الحيوانات، إضافة لغلاء وندرة الأدوية البيطرية، كما ولعب تهريب رؤوس الماشية “العواس” إلى تركيا، للإستفادة من فرق الأسعار بين البلدين، دوراً كبيراً في تراجع الثروة الحيوانية.

انعدام المساعدات الإنسانية


عمد تنظيم داعش لإغلاق جميع المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرته، بحجة ارتباطها بالتمويل الخارجي والعمالة، والتي كانت تتحمل قدراً كبيراً من المسؤولية في رعاية شؤون النازحين من المحافظات الأخرى.

مؤشرات تنذر عن سوء الواقع الغذائي لمحافظة الرقة، وقرب وقوع أزمة غذائية حادة خاصة بعد كثرة التصريحات عن عملية عسكرية تهدف إلى “عزل” الرقة تمهيداً لاقتحامها، وقد يطول هذا العزل الذي هو بطبيعة الحال سيكون حصاراً، جاعلاً حياة مئات الآلاف مهددة بالموت جوعاً.