داعش يفرض التجنيد الإجباري في الرقة.. ومعركة كسر العظم تقترب

 

 

داعش يفرض التجنيد الإجباري في الرقة.. ومعركة كسر العظم تقترب

الرقة تذبح بصمت – روزنة

لم يعد التجنيد الإجباري، حكراً على جيش النظام السوري، بل تنظيم “داعش” دخل على الخط أيضاً، وبدأ بالإعلان عن الأمر في مدينة الرقة، ما يضع آلاف الشباب السوريين، أمام خطر السحب إلى قوات التنظيم، والارتباط بالأحزمة الناسفة، وركوب المفخخات!

لا تفارق الدموع، وجه أم أحمد، وكذا الخوف والقلق، فأبناؤها، أصبحوا مقاتلين في تنظيم “داعش”، وهي، أمام معادلة أن يكون أولادها، قاتلين، أو مقتولين!

الحال ينسحب على أبو أحمد أيضاً، وإن بطريقة أخرى، حيث يتحاشى الناسَ ومعارفه وأقربائه، في مدينة الرقة، “أشعر بنوع من الخذلان، فلم أستطع تربية أبنائي كما أشتهي”، يقول الرجل.

هكذا، حال العائلة الرقاوية، بعدما انتسب أحد الأبناء للتنظيم، وأثر على أخته وأخيه، فتبعوا خطواته، نحو داعش.

تجنيد إجباري!

خلال شهر تشرين الأول الماضي، عمّم التنظيم قراراً، على القطاع الشمالي لمحافظة الرقة، شمال سوريا، مطالباً الشباب، المتجاوزين حاجز الـ14 سنة، بالتوجه إلى أقسام الشرطة التابعة له، لتسجيل أسمائهم، تمهيداً لضمهم، إلى قواته، وسياراته المفخخة!

محافظة الرقة، التي تقدر مساحتها بنحو 19 ألف كم مربع، شهدت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، خروج نحو 20 ألف شاب منها، هربوا من سلطة داعش، وقبضته، المستهدفة للشباب والمراهقين ليحملوا السلاح، ويكونوا وقوداً، في آلته التي تضرب المناطق السورية.

يؤكد أبو فادي ابن الرقة، أنه وزوجته، يراجعان مقرات التنظيم والشرطة التابعة له، بشكل دوري، بحثاً عن ابنهما، الذي تم تجنيده في صفوف داعش، وهو لم يتجاوز الـ16 عاماً من عمره. ويقول الزوجان: “نقوم بالدعاء على التنظيم الذي خطف ابننا”.

محاسبة!

بعدما أصدر التنظيم تعميمه، بالتجنيد الإجباري في صفوفه، هدد الأهالي، ومن يخالفونه، بعقوبة “المحاسبة الشرعية”، وهي عنوان عريض، في طيّاته الكثير.

رصدنا آراء المدنيين من سكان الرقة، مدينةً وريفاً، إذ يرون، أن باب المحاسبة الشرعية، واسع، وقد يصل أحياناً إلى تكفير المخالف، وهو ما يشرع القتل، وفي أحسن الظروف، سيخضع مخالف قوانين التنظيم، لدورة شرعية مطولة، تصل به، إلى مبايعة داعش مكرهاً وفعل أي شي، لقاء الخلاص من السجن الملازم للدورة، ويضاف إلى كل ذلك، خطر مصادرة الأملاك.

داعش يفرض التجنيد الإجباري في الرقة.. ومعركة كسر العظم تقترب

منير، أحد أبناء المنطقة الشمالية بمحافظة الرقة، من قرية كبش وسطي، يؤكد، أن التنظيم، استدعى وجهاء المنطقة مؤخراً لتجديد البيعة مكرهين، وذلك تحسباً لعدم تهربهم من تجنيد أبنائهم.

ويتابع: “الكل هنا يتكلم أن التنظيم يريد الزج بنا في معاركه، كما زج بالكثير من الشباب بمعركة عين العرب كوباني، والتي مات فيها المئات من المنطقة الشمالية”.

وبحسب منير، أغلب الشبان بالمنطقة، يعملون بالزراعة وتربية الأغنام وغيرها من المهن الريفية، ومعظم الناس، لم ترق لهم فكرة الانضمام لأي فصائل عسكرية، “التنظيم وعبر أذنابه، يحاول جاهداً تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب، والبعض من شباب المنطقة، غادروها، بعيداً، للبحث عن مصدر رزقهم”، يوضح الشاب.

قبضة داعش في الرقة

منذ صيف عام 2013، ومدينة الرقة تئن تحت قبضة “داعش”، وحتى الآن، يسيطر على كامل الريف الشرقي والغربي لمحافظة الرقة، فيما خرجت مؤخراً 50% من مساحات الريف الشمالي عن سيطرته، خاسراً مناطق “سلوك، تل أبيض، وعين عيسى” بشكل نهائي، وبقيت منطقة بئر الهشم، والمزارع حولها، تحت قبضته. 0

وتبلغ نسبة السوريين النازحين بالرقة المدينة وريفها، قرابة 250.000 نسمة، القسم الأكبر منهم من (تدمر – السخنة – دير الزور)، وهذا العدد لا يندرج ضمن أعداد سكان محافظة الرقة، البالغ 800 ألف.

داعش يفرض التجنيد الإجباري في الرقة.. ومعركة كسر العظم تقترب

ومن أهم أسباب انضمام أهل الرقة، لتنظيم داعش، هو الحاجة المادية، مثل عائلة أبو علي، الذي انضم 3 من أبنائه، إلى صفوف قوات داعش.

“عائلتي مكونة من 11 شخصاً، وأنا لا أستطيع العمل، لذلك اضطرني الأمر لأن ألحق أبنائي بالتنظيم، الذي يعطي كل واحد منهم، 200 دولار، ناهيك عن المساعدات الغذائية وغيرها”، يؤكد أبو علي.

داعش يفرض التجنيد الإجباري في الرقة.. ومعركة كسر العظم تقترب

روزنة و الرقة تذبح بصمت، أجرتا استطلاعاً للرأي، على عينة عشوائية من أهل الرقة المقيمين فيها، ورصدتا آراء 70 شخصاً، حول تقبلهم لداعش، ورفضهم له.

وكانت الأجوبة، 10% أكدوا أنهم مجبرين على التعامل مع داعش، بسبب ضيق العيش، والحاجة للمال والعمل، ورفض 42% التعامل مع التنظيم، مع إقرارهم بأن بعض عناصره جيدين، فيما شدد 38.5% على رفضهم القاطع، للتعامل مع داعش، أما النسبة المتبقية، وهي 7%، قالو إنهم يبحثون عن مصدر رزقهم، ولا يهمهم التنظيم أو غيره.

ماذا عن المهاجرين في الرقة؟

تصل نسبة الأجانب، أو “المهاجرين”، من عناصر التنظيم في الرقة، لقرابة الـ 30%، والباقي، سوريون، من مناطق مختلفة.

وتؤكد مصادر من قلب الرقة، أن أبناء المحافظة، يشكلون نحو 30% من نسبة السوريين المنضمين لداعش، يعملون ضمن المكاتب الإدارية التابعة للتنظيم بالمدينة، كمكتب الخدمات، والحسبة، بما معناه، هم موظفون، منفذون للأوامر، لا أكثر.

داعش يفرض التجنيد الإجباري في الرقة.. ومعركة كسر العظم تقترب

بينما المناصب الحساسة، والكبيرة، فهي بيد المهاجرين المنضمين لداعش، الذين يتحكمون بالسلطات الشرعية والقضائية، والتنفيذية.

ويبدو، أن السوريين، بيادق في رقعة داعش، جنود أو أقل من ذلك، ووقود لمعاركه، وهو ما ظهر، بنسبة القتلى من التنظيم في معركته بعين العرب كوباني، العام الماضي، فمعظمهم، كانوا سوريين!

القوة العسكرية للتنظيم!

القوة العسكرية من مقاتلي داعش في الرقة، كبيرة للغاية، وتقدر بالآلاف، كما أن التنظيم، حصّن المكان بشكل كبير، حيث حفر شمال وغرب وشرق المدينة، عدة خنادق، وبنى متاريس، وزرع الكثير من حقول الألغام.

وبحسب الأهالي بالمدينة، يضاف إلى تلك التكتيكات العسكرية، الانتشار المدروس لعناصر وانتحاريي التنظيم، بين منازل الرقة، التي ستصبح مستقبلاً، نقاط اشتباك، في حال اندلاع حرب شوارع.

“التنظيم يحضر للمعركة جيداً، من خلال التوزع وزرع أنابيب بمنصفات الشوارع، بحيث تُملأ بالنفط ويتم إشعالها مستقبلاً للتمويه على الطيران، وتوزيع الذخيرة داخل المدينة والأحياء”، يؤكد أحد السكان في الرقة.

وينسحب كلامه، على حديث أبو محمود: “لا نتوقع أن هنالك معركة ستكون مشابهة لمعركة الرقة، لأن التنظيم لن يعيد تجربة تل أبيض، انتشارهم بالمنازل بين المدنيين ونقل السلاح وغيره، يدل أنهم لن يتركوا الرقة إلا وهي ركام”.

ويختم حديثه بلكنته الرقاوية: “إذا لم يهدم الرقة الطيران، أكيد 3000 واحد بيهم إذا فجرم حالهم راح يهدون المدينة”.

معركة كسر العظم على الأبواب!

في خطوة لتحدي داعش بالرقة، التي يقول إنها عاصمته، تم تشكيل “جيش عشائر الرقة”، بداية شهر تشرين الأول 2015، والذي يتبع بصورة مباشرة للواء ثوار الرقة، المنضوي ضمن غرفة بركان الفرات.

يترأس التشكيل الجديد الذي أعلن عنه في بيان، الشيخ عبيد الحسان (أبو فهد)، ويقتصر على العشائر العربية في المنطقة، حيث تم التواصل مع كامل العشائر والقبائل المتواجدة، شمال الرقة، لإقناعهم بالانضمام للتشكيل الجديد.

وبحسب مصادر لا يمكن الكشف عنها لأسباب أمنية، فإن أهداف التشكيل، خلق حالة من التوازن مع الوحدات الكردية المسيطرة على المنطقة الشمالية، وقتال تنظيم داعش، ولكي تكون لتلك العشائر قوة، تخولها المشاركة مستقبلاً بإدارة المنطقة.

وتضيف المصادر، بأن “جيش عشائر الرقة”، سيعمل على حماية أبناء العشائر، من أي فصيل عسكري، إن كان من الجيش الحر، أو الفصائل الإسلامية، أو داعش، وسيعتمد تكتيك حماية المناطق، بشكل مباشر من أبنائها، ولن يتم استقبال أي عنصر، من خارجها.

من هنا، يطفو سؤال على السطح، هل اقتربت معركة كسر العظم بين العشائر، وبين التنظيم، من جرابلس شمال شرق حلب، إلى الرقة؟.

يبدو الجواب في طيات الأيام القادمة، خاصة وأن لواء ثوار الرقة، أعلن يوم الخميس 29 تشرين الأول الماضي، أن معركة “تحرير” مدينة الرقة قريبة!

التشكيل الجديد بعيون أهل الرقة

بالنسبة لرأي أهالي الرقة حول “جيش عشائر الرقة”، فهناك تباين، المناطق الواقعة خارج سيطرة داعش بريف الرقة، يوجد فيها تجاوب كبير مع التشكيل، أما الأماكن التي يسيطر عليها داعش، يحاول أهلها، التواصل مع جيش العشائر، ليكون لهم دور مستقبلي فيه، وهو ما انتبه له التنظيم على ما يبدو، وكان أحد أسباب إصداره، تعميم التجنيد الإجباري، كما يرى البعض.

داخل الرقة، لا رأي محدد تجاه هذا التشكيل، أي “جيش العشائر”، بسبب التخوف من عودة حالة الفوضى من جديد والاقتتال، التي تعب الناس منها، ويرغبون بالاستقرار رغم الضيق الكبير الذي خلفه تنظيم داعش، كما أن تجربة دمار عين العرب “كوباني”، تزيد مخاوفهم، بالتالي، هم أمام نيران عديدة.

على العموم، تترسخ فكرة أن تنظيم داعش زائل، عند شريحة واسعة من أبناء الرقة، فإحدى العائلات، تبرت من ابنها المنتسب للتنظيم، وحالياً، الأم والأب والأخوة، يدعون عليه، بالعقاب من الله جراء خطوته تلك، ولا يتعبون من ذلك!

وفي حال اندلعت المعركة، يتساءل أحد المدنيين بلسانٍ رقاوي:” المشكلة لوين راح نطفش وين نروح؟ ما نعرف، إذا أهل تدمر والسخنة والدير والسفيرة نازحين بالرقة، نحنا لوين ننزح؟ مابي إلا الريف نروحلوا وتركيا بدها خواجات ونحنا لقمة الخبز بالحسرة”.

تم انجاز التحقيق بالتعاون بين مؤسسة روزنة و الرقة تذبح بصمت

التعليقات مقفلة.