الكربولي والريشاوي,, حبل نجاة الكساسبة

 

2

تتخبط داعش بقرارتها بين دولة مزعومة وعصابة مارقة , فتارة تطالب بقرارات لا تصدر إلا من دولة كبرى تسيطر على مجريات الأحداث حين طالبت 62 دولة تابعة للتحالف الدولي بوقف هجماتها الجوية على أراض تسيطر عليها, وتارة لا نراها إلا كمرتزقة مافيا مهمتها الخطف وطلب الفدية كما فعلت مع المختطفين اليابانيين عندما أرادت فدية 200 مليون دولار لإطلاق سراحهما , وكأنما إعلان داعش نفسها كدولة قد اتعبها , فيجبرهم أصلهم الإجرامي بالعودة إلى سلوك العصابات بين كل مدة.

فداعش اليوم تطالب بمقايضة كل من زياد الكربولي وساجدة الريشاوي مع حياة الطيار الأردني معاذ الكساسبة , و الكربولي الملقب بأبو حذيفة الذي تطالب داعش بإطلاق سراحه، هو أحد ابرز مساعدي أبو مصعب الزرقاوي وكان يتولى منصب مسؤول الغنائم في تنظيم القاعدة ببلاد الرافدين (بمنطقة الرطبة)، وهو مطلوب للأردن على خلفية قتله للسائق الأردني خالد الدسوقي في الطريبيل، ولارتكابه عدة جرائم سرقة واختطاف الشاحنات الأردنية وسائقيها”.
وقد استطاعت الاستخبارات الأردنية القاء القبض عليه، عام ٢٠٠٦، في عملية نفذتها فرقة تابعة للمخابرات، وتعرف باسم فرسان الحق، وقد أكدت الأردن آنذاك ان العملية نفذت بأمر مباشر من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وصدر حكم بإعدامه من محكمة امن الدولة الأردنية في حزيران (يونيو) ٢٠٠٨ بعد إدانته بالانتماء لتنظيم القاعدة.
أما ساجدة الريشاوي ، أو ساجدة مبارك عتروس (45 عاماً) من مواليد الرمادي في العراق ,متهمة رئيسية في جريمة تفجير فنادق عمان الثلاثة في احداث سبتمبر الأسود من عام 2005، بتخطيط من تنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين»، بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي ، والتي أودت بحياة 60 شخصاً، غالبيتهم من الأردنيين الذين كانوا مدعوين الى حفلة زفاف في فندق «الراديسون ساس» او مابات يعرف ، في عملية ضربت العمق الاقتصادي والاجتماعي والأمني، في مملكة تميزت على الدوام بكونها واحة استقرار في جوار سياسي مضطرب.

ويعمّق التنظيم من تركيزه على طلاق سراح الريشاوي , وذلك كونها تنحدر من عائلة قيادية في التنظيم , إذ أن اخيها ثامر الريشاوي الذي قُتل في العراق , كان الذراع الأيمن لأبي مصعب الزرقاوي , كما أن زوج أختها كان أردنياً ومن قيادات القاعد في بلاد الرافدين في ذلك الوقت , قبل ان يقتل عام 2004 في أحد المعارك مع القوات الأمريكية.
ساجدة التي حكم عليها بالإعدام منذ عام 2006 لم يطبق عليها هذا الحكم إلى يومنا هذا , علماً أنها تتلقى معاملة جيدة في سجن “الجويدة ” في الاردن بحسب ما أدلت به لأحد القنوات الأردنية بزنزانتها المنفرد التي طالبت بها لعدم الاختلاط مع باقي السجينات .
وقد تلقت ساجدة تدريباً مكثفا واحتكت بقيادة القاعدة في بلاد الرافدين بين عامي 2003 و 2005 نتيجة صلة القرابة بينها وبين قيادات أردنية في التنظيم , حتى أنها ألتقت بالزرقاوي كثيراً وأشرفت على تدريبات وعمليات , حسب نتيجة التحقيقات الأردنية , والتي أنكرتها الريشاوي بعد مرور 3 اشهر من الاعتراف بها أمام الأمن الأردني.
وكان اعتقال الريشاوي نتيجة خطأ قام به أبو مصعب الزرقاوي حين إعلانه في بيان له بشبكة الإنترنت أن سيدة كانت من بين منفذي تفجيرات الفنادق، وهو ما لم تجد عمان عليه دليلا ملموسا له لا من افادات شهود العيان ولا من الأشلاء التي جمعت لأجساد الانتحاريين ، قبل ان تتركز توجهات المحققين لوجود سيدة مجهولة وطليقة في عمان تتحين الظرف المناسب للهرب، ولم تفلح في ان تكون مع الانتحاريين وقت الهجوم المتزامن، وهو ما قدر رجال التحقيق ان الزرقاوي يجهله حيث سارت التحقيقات.
وبحسب المراقبين والمحللين فقد كشف الزرقاوي ببيانه عن وجود سيدة بين المنفذين عن ”سر ثمين وخدمة لاتوصف” للمحققين الأردنيين اللذين أفلحوا في الإحاطة بلغز السيدة التي مجدها الزرقاوي في بيانه، وقال انها أصرت على ان ترافق زوجها الى ”الجنة” بإصرارها على تفجير نفسها في فندق ”الديز إن” وهو خطأ آخر مهد لوصول المحققين للحقيقة، حيث ان السيدة لم يأت على ذكرها أي من شهود العيان في الفندق ، خلافا لشهود العيان في فندق راديسون ساس الذي هزته ثاني الانفجارات الثلاثة التي ضربت فندقا ثالثا هو غراند حياة عمان.

وقال احد المحققين أن قيادات القاعدة قد فقدت على الأرجح الاتصال مع السيدة المفترض ان تكون بين الانتحاريين، أو هي لم ترد ذلك، حيث قاد بيان الزرقاوي الذي يكشف عن حقد انتقامي على موطنه الأردن الى السيدة ودورها المفترض، حيث اعتبرت القاعدة ان ساجدة الريشاوي ”ام عميرة” كانت ضمن المنفذين، إذ قاموا بالكشف عن وجودها لأنه لا أهمية لذلك بعد موتها كما كانوا يظنون ويعتقدون.
فهل مطالب داعش اليوم بإطلاق سراحها يأتي لإصلاح خطأ قام بع الزرقاوي منذ تسع سنوات , أم أن لدى الريشاوي أمورا تريد داعش الاطلاع عليها , ولربما أكثر الأمور ترجيحاً هو حاجة التنظيم لقرار وعملية مبادلة أسرى تثبت لداعميه أنه بات اليوم بين الدول التي تبادل معتقليها ولم يعد تنظيماً إرهابيا يرفض الجميع التحاور معه.