داعش يعكر صفو الفرات

الرقة تذبح بصمت

يعتبر نهر الفرات شريان الحياة النابض في محافظة الرقة، كونه مصدر للشرب ومشاريع الري، التي تقوم عليها الزراعة في المحافظة، حيث كانت ضفافه موطناً للشعوب القديمة التي عملت في مجال الزراعة وصيد الأسماك والنقل النهري، ومع ازدياد عدد السكان استمرت الأنشطة البشرية الاقتصادية وتتطورت، فكان الفرات سر ديمومة المدن القديمة وبناء الجديدة منها.

اليوم يواجه الفرات مشكلة ليست بجديدة، ألا وهي ظاهرة التلوث التي بدأت تتفاقم في ظل تنظيم داعش الذي عكر صفو الفرات كما عكر صفو المدن والمناطق التي سيطر عليها، إذ بدأت في الآونة الأخيرة تظهر العديد من الحالات المرضية المرتبطة بمياه الشرب الملوثة والتي باتت منتشرة بين جميع الفئات العمرية.

إذ اظهرت التحاليل المخبرية، وجود كميات كبيرة من الجراثيم المجهرية في مياه الشرب، وقد صرح أحد العاملين في محطة ضخ المياه في الرقة قال: “عند تحليل مياه الشرب في الرقة لوحظ تواجد الكثير من الجراثيم، هذا وفي بعض الأحيان يمكن رؤية العوالق الناتجة عن سوء تصفية المياه المخصصة للشرب، إضافة لتحول المياه للون الأحمر نتيجة إختلاطها بالأتربة والأشنيات العالقة، وانعدام قطع تبديل المصافي في المحطة”، الأمر الذي تسبب بحالات مرضية كثيرة مثل الإسهالات وأمراض الكلى وغيرها من الأمراض المرتبطة بتلوث المياه.

ويتابع المحلل الكيميائي: “أنّ السبب في تلوث المياه يعود إلى نقص في مواد التعقيم (الكلور)، فبعد سيطرة تنظيم داعش على الرقة توقف تأمين المواد المعقمة إلى المدينة وذلك بسبب منع التنظيم لكثير من المنظمات الإغاثية التي أخذت على عاتقها تأمين مادة الكلور، مما أدى إلى توقف عمليات معالجة المياه وتعقيمها وبذلك أصبحت المياه التي تصل إلى المنازل مصدراً للخطر وانتشار الأوبئة وذلك بسبب عدم التنقية والتعقيم”.

ولم يقتصر التلوث على مياه النهر بل حتى المياه الصحية المعدنية أو ما يعرف بمياه نبع (بقين) والتي أصبحت تباع بأسعار مرتفعة كون تلوثها أخف وطأة من مياه الفرات، والتي لاقت إقبالاً من قبل عناصر داعش، وبعض عوائل الرقة الميسورة، تاركين الأهالي يواجهون مصيرهم دون تلقي أي مساعدات تذكر في هذا المجال وتأمين مياه صالحة للشرب معرضين للأوبة وأمراض تلوث المياه.