عن خطاب البغدادي الأخير “إلا الحماقة أعيت من يداويها”

الرقة تذبح بصمت

لم تكن حياة  الناس في مناطق تنظيم داعش إلا استمرارا  لمعاناتهم  في ظل حكم الاستبداد و الترهيب. فلم يكن التنظيم هو الأخر  بأقل قسوة في تعامله مع الناس في  مناطق سيطرته بل و عمد أيضا على إذلالهم في حياتهم اليومية و تهجيرهم خوفا من بطشه و سرقة أموالهم التي طالما تذهب لخزينة أمرائه و إعدامات متكررة تطال كل من لم يتفق مع التنظيم أو بقتل رجال هذه المناطق بتهم الكفر و الردة. فبطش داعش لا يقل عن بطش نظام الأسد و لا عن قذارة الحشد الشعبي.  و لطالما تذرع التنظيم بتطبيق الإسلام الذي هو منه براء بسبب حماقة أفعاله و غلو منهجه ضد عامة المسلمين الذين كفرهم داعش في أوقات كثيرة.

و مع انطلاق معركة الموصل  في 17 أكتوبر  و تدميرها على أيدي القوى المتحالفة ضد التنظيم و ربط نتائجها بمناطق سيطرة التنظيم في سوريا  قالت القوات العراقية أنها سيطرت على أحياء في شرق الموصل فيما تزال المعارك مستمرة في مناطق أخرى.  و في صدد تلك التطورات نشرت مؤسسة الفرقان يوم الخميس 3 نوفمبر  كلمة  بعنوان  ” هذا ما وعدنا الله و رسوله ” منسوبة للبغدادي أمير تنظيم داعش.

فبعد  ثلاث أسابيع من نشوب المعارك حول مدينة الموصل  أطل أمير تنظيم داعش ” البغدادي ” في كلمة صوتيه له بثتها مواقع تابعة للتنظيم و استعرض من خلالها  بعض التطورات الأخيرة حول معركة الموصل و عملية درع الفرات. و أشاد بصبر مقاتليه في هذه المعارك.

لكن البغدادي تناسى – و الذي أكد على مظلومية التنظيم و  أهل السنة في العراق –  أفعاله الشنيعة ضد أهالي المناطق الواقعة تحت قمع تنظيمه.  إذ منذ نشأت التنظيم عمد بالدرجة الأولى على مقاتلة أهل المناطق السنية في العراق و سوريا والسيطرة على هذه المناطق بقوة السلاح وبخوض معارك عنيفة ضد الأهالي فكان بطش داعش ضدهم  كإجرام قوات الأسد و  الحشد الشعبي وحلفائهم في العراق و سوريا .

وذكر البغدادي في كلمته مدينة  حلب  و أنها تتعرض لهجمة شرسة من قبل النصيرية  و  وجد الفرصة مرة أخرى مواتيه من أجل تكفير  فصائل الجيش الحر  المقاتلة هناك رغم أنها تقاتل ضد هذه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المدينة من قبل الروس و الميلشيات الكردية و الشيعية. و تناسى البغدادي المفخخات و عمليات الغدر التي  مارسها  تنظيمه و  جنوده على هذه الفصائل منذ عامين و كيف كان يغدر بهم من الخلف أثناء مقاتلتهم قوات النظام و المليشيات الكردية. و قيام التنظيم بتسليم مناطق في ريف حلب و غيرها للميلشيات الكردية و قوات النظام بعد انسحابه منها.

تركيا العلمانية خاسئة

هدد زعيم تنظيم داعش تركيا على وجه  الخصوص  في خطابه الأخير و توعد تركيا بالجحيم من خلال عمليات تنظيمه في عقر دار تركيا حيث قال ”  أيها الموحدون , دخلت تركيا في دائرة  عملكم و مشروع  جهادكم فاستعينوا بالله و أغزوها  فاجعلوا أمنها فزعا و رخائها هلعا ” .  و عن تطورات عملية درع الفرات التي تقودها تركيا مع فصائل من المعارضة السورية  فشبه دماء الجندي التركي كدماء الكلب خسة و ردائه .  و دعا  للثائر من تركيا  و جدد البغدادي عدائه و تكفيره لجماعة الإخوان المسلمين  و شبههم بالزنادقة.

 و في نهاية كلمته  حذر البغدادي أتباعه من الفرار من أرض المعركة أو النزاع بين جنوده و حث أتباعه على طاعة أمراء التنظيم .  حيث ذكرت مصادر سابقة في هذا الصدد أن التنظيم قام بإعدام عددا من أتباعه في مدينة الموصل بتهم العمالة أو الفرار و ذكرت مصادر أخرى  أن    البغدادي قد  قدم إلى محافظة الأنبار بالقرب من مدينة القائم العراقية على الحدود السورية   و أن الكلمة الصوتية التي تم بثها  للبغدادي سجلت في مدينة القائم الحدودية.

ردود  على كلمة البغدادي

جاءت الردود  غاضبة على كلمة البغدادي خصوصا  حول تلك  الدعوات التي وجهها البغدادي ضد تركيا  و اعتبرها البعض   هذه التهديدات تدل على عمالة التنظيم. في المقابل أكد المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن أنه لم يتم التحقق من صحة التسجيل، لكن من “الواضح” أنه  يحاول  التواصل مع مقاتليه و أضاف  أن الرسالة المسجلة محاولة للتواصل مع مقاتليه  و هي أحد الأمور المهمة التي لاحظناها وفق الترجمة الانكليزية قول البغدادي “لا تتقاتلوا في ما بينكم”.  وأضاف ” تسري شائعات عن صحة زعيم تنظيم الدولة العراقيين وتحركاته لكن مكانه غير معروف”. مشيراً إلى أن هناك أنباء عن هرب مقاتلي التنظيم في الموصل و  موضحاً “هناك أشخاص يغادرون مواقعهم أو يحاولون الهرب، وإنهم لذلك يقومون بتصفية أشخاص”.

من جهة أخرى علّق الداعية السعودي عبد الله المحيسني القاضي العام لـ”جيش الفتح” على تحريض زعيم تنظيم الدولة  أبو بكر البغدادي، على استهداف المملكة  و تركيا  واصفا  خطاب البغدادي، بـ” الجهل والهوى ”  و أن تظلم البغدادي من خذلان أهل السنة و هو الذي كفرهم، و يطعن في أهل العراق و هو الذي يزعم نصرتهم”  و تابع  “و يزعم نصرة أهل الشام، و يأمر جنوده بالتفجير في تركيا، وهو يعلم أنها شريان ثورة الشام و جهاده”. وحول دعوة البغدادي  للتفجير في تركيا و السعودية رد أيضا “يسب و يزبد و يرعد على أمم الكفر، فيأمر بالتفجير في بلاد الحرمين بدلا أن يأمر بالتفجير في إيران.