هل ستشارك تركيا في معركة الرقة

#الرقة_تذبح_بصمت

صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان٬ بعد سيطرة “درع الفرات” على مدينة جرابلس الحدودية٬ “إن بلاده على استعداد للتدخل بالاشتراك مع الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش” وطرده من معقله الرئيس في مدينة الرقة، شرق سوريا٬ وذلك أثناء مشاركته في قمة مجموعة العشرين في الصين٬ وقال أردوغان: “إن تركيا لا تمانع القيام بعملية مشتركة من هذا النوع وإنه في هذه الحالة يجب على المسؤولين العسكريين من كلا البلدين أن يجتمعوا ويقرروا ما المطلوب فعله لتحقيق هذا الهدف، وأن ما يمكن القيام به بشأن عملية مشتركة سيتقرر بناء على تلك المحادثات”.

وكان الجيش التركي بالتعاون مع قوات الجيش السوري الحر قد أطلق عملية عسكرية أسماها “درع الفرات” في شمال سوريا في 24 آب الماضي في مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي، قال إنه يستهدف من خلال توغله عناصر تنظيم “داعش”، وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى في إشارة واضحة إلى مليشيات قوات سوريا الديمقراطية الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عنصرها الأساسي إذ تسعى تركيا بذلك لإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا تفصل بين المناطق التي يسيطر عليه الأكراد لمنع أي اتصال جغرافي بين مناطق سيطرة مليشيات وحدات الحماية الشعبية بين شرق نهر الفرات وغربه من جهة، ولإنشاء منطقة آمنة طالما طالبت أنقرة حلفاءها الغربيين بقيامها، لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يتحمسا لها وعارضها الروسي.

ولا شك أن التدخل التركي الأخير في جرابلس ومحيطها والخطط التركية للتدخل في الرقة وغيرها من المدن والمناطق السورية الحدودية قد زاد المشهد السوري تعقيداً وخلط الأوراق مجدداً، خصوصاً محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها قسم من الجيش التركي من جماعة فتح الله غولن في 15 تموز الماضي. فقد صعدت أنقرة من خطابها المعادي للغرب واتهمت الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل وطالبتها بتسليم غولن المقيم في أميركا. بذلك أصبحت واشنطن في موقف دفاعي يريد استرضاء تركيا ما دفع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لزيارة تركيا الشهر الماضي، حيث قامت القوات التركية بالتدخل في جرابلس في اليوم نفسه، وصرح بايدن حينها بأنّ على القوات الكردية الانسحاب إلى شرق الفرات مهددا بسحب الغطاء الجوي في حال عدم الاستجابة، ليبدوا الأمر كأنه يحظى بغطاء أميركي أو على الأقل بتفاهم بين أنقرة وواشنطن.

وبسياق منفصل ، تمكنت أنقرة من فتح صفحة جديدة مع موسكو وبدأت في تطبيع للعلاقات معها عقب زيارة أردوغان لروسيا في التاسع من آب الماضي ، ليبدو أن الضوء الأخضر التركي تم بعد العملية “النظيفة” نسبيا التي قام بها الجيش التركي في جرابلس وسرعة الحسم للمعركة، وظهور عدم قدرة قوات سوريا الديمقراطية على خوض هكذا معارك خاصة بعد عملية السيطرة على منبج التي طالت لأشهر وتكبدت فيها القوات المهاجمة مئات القتلى اضافة إلى سجل تلك القوات واتهامها من عدد من المنظمات الدولية بتهجير قسري على أساس عرقي لإقامة منطقة كردية في الشمال السوري، ليتضح رغبة تركيا من هذا التدخل بتعويم الجيش الحر كشريك أساسي في مكافحة تنظيم داعش على حساب قوات سوريا الديمقراطية التي أبدت عدم حماسها للقيام بتحرير المدينة من داعش بسبب الكلفة البشرية التي ستتكبدها ولأنها لا تحظى بأي وجود كردي مهم فهي لا تقع ضمن مشروعها الانفصالي “روج آفا” التي تسعى لإقامتها كأمر واقع يجعلها شريكا لا يمكن تجاهله في أي حل سياسي لمستقبل سوريا، لكنها لن تكون في موقف تحسد عليه حين تكون محاصرة من قوات تركية أو من حلفائها حيث بتحرير الرقة يطبق عليها حصار من الشمال الجيش التركي ومن الشرق إقليم كردستان العراق “الأميل إلى الموقف التركي” ومن الغرب والجنوب ستكون قوات الجيش الحر في الرقة واعزاز.

مالم تدركه قوات سوريا الديمقراطية أن حجمها وقوتها لا يسمح لها أن تنافس دولة مثل تركيا حيث أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عمل وسيتعامل معها بمنطق الأداة وليس الشريك كما تركيا.


وليتضح جلياً أن المعركة لن تكون بهذه السهولة خاصة أنّ الرقة تعد عاصمة التنظيم الفعلية في سوريا وهو يحكمها بالحديد والنار منذ كانون الثاني 2014 من المرجح أن تستخدم تركيا قوات خاصة تركية لكن رأس الحربة سيكون بعض كتائب الجيش الحر بأسناد جوي ومدفعي كامل الأمر الذي سيبعث رسالة للسكان المحليين بأن لا أطماع تركية في أراضيهم.

وقبل شهرين من الانتخابات الأميركية، كل ما يريده أوباما أن يختم به ولايته الثانية هو تحقيق إنجازات عسكرية ميدانية ضد تنظيم “داعش” في الرقة وربما في الموصل، -بعد تسريبات تفيد باقتراب معركة الموصل – تضاف إلى سجله التاريخي، وتسهم إلى حد بعيد في فوز مرشحة حزبه الديمقراطي للرئاسة، هيلاري كلينتون.