اليوم العالمي لحرية الصحافة

يُصادِف الثالث من مايو/ أيّار من كلّ عامّ اليوم العالميّ لحريّة الصحافة، وتأتي ذكرى هذا اليوم الذي لا تزال فيه المنظّمات الدوليّة المُدافعة عن حريّة الإعلام تكشف عن انتهاكات تطال الصحفيين ووسائل الإعلام، فضلًا عن العاملين من خلال المواقع الإلكترونيّة في كثير من الدول العربيّة والتي تتصدّرها سوريا التي تُعَدّ خلال التسع سنوات الماضيّة مركز الانتهاكات بحقّ الإعلاميين سواء محليين أو عالميين.


ولا يزال إعلام النظام ومن يواليه من وسائل إعلاميّة أُخرى تؤكّد يومًا بعد يوم افتقاده إلى المهنيّة والمصداقيّة وتحوّلها من وسيلة لنقل الحقيقة وتبيانها إلى وسيلةٍ لتضليلها وانتهاكها.
وتعتبر سوريا اليوم مقبرة الإعلام والإعلاميين، تضمّ في أروقتها الآلاف من قصص الانتهاكات التي يتعرّض لها الإعلاميين والتي تعتبر وصمة عارٍ على جبين المجتمع الدوليّ الذي يقف موقف المتفرّج القلِق حِيال ما يحدث هناك.

ويلاحظ في سوريا أنّ جميع أطراف النزاع وبدون استثناء كانت ولا زالت تقف ضدّ الإعلام والإعلاميين، إذ عملت تلك الأطرف المتقاتلة على محاربة هؤلاء الإعلاميين، فهي لم تكتفِ بسجنهم والتعدّي عليهم وقتلهم، بل قامت بغسل أدمغة العاملين في مؤسساتها الإعلاميّة وجعلهم أدوات لحروبهم النفسيّة ليقطعوا كلّ صلةٍ بمواثيق الصحافة الأخلاقيّة، فهم بذلك يعتدون على المهنة من خلال تحوّل إعلاميهم إلى أدوات تضليل لدرجة وصلت بانحطاط أخلاق بعضهم بالاعتداء على حرمة الضحايا وأخذ صور سيلفي معهم والتنقّل بين جثثهم بدمٍ بارد، والذي بات أسلوبًا معروفًا عند مراسلي إعلام النظام السوريّ، فهم بذلك لم يكتفوا بنقل فظائع أسيادهم بل أصبحوا مساهمين فيها وسلاحًا للحرب النفسيّة التي يروجونها لمؤيديهم ومعارضيهم.

ولا ننسى أيضًا وعندما عرضَ إعلام حزب الاتّحاد الديمقراطيّ صورًا لشاحنات تقِلُّ جثثًا لعناصر الجيش الحرّ في مدينة عفرين في الرابع من شهر نيسان عامّ 2016 بالإضافة إلى أخذ صور سيلفي مع جثث الجيش الحرّ الذين كانوا يحاولون استعادة أراضيهم التي سيطرت عليها ميليشيا YPG في وقتٍ لاحق.

هذا وقد وثّق المركز السوريّ للحريّات الصحفيّة في تقريره الصادر في الثالث من مايو/ أيّار 2020 والذي تزامن مع اليوم العالميّ لحريّة الصحافة 5 انتهاكات خلال شهر نيسان الماضي ضدّ الإعلام بسوريا، وأشار التقرير إلى ” أنّ استمرار النظام السوريّ بانتهاج سياسة القتل في سجونه بالإضافة إلى التضييق على الحريّات الإعلاميّة بمختلف مناطق سوريا، شكّلت أسبابًا مباشرة للانتهاكات الموثّقة في نيسان 2020 “.
وبحسب التقرير، تنوّعت الجهات المسؤولة عن ارتكاب الانتهاكات خلال شهر نيسان الماضيّ، حيث ارتكبت هيئة تحرير الشام انتهاكَيْن، كما أنّ الحزب الديمقراطيّ الكرديّ ارتكب انتهاكَيْن أيضًا، فيما كان النظام السوريّ وكعادته مسؤولًا عن ارتكاب الانتهاكات الأشدُّ فتكًا( القتل).
وأبرز ما وثّقه المركز خلال الشهر الماضيّ مقتل إعلاميٍّ في سجون النظام، ليرتفع بذلك عدد الإعلاميين الذين وثّقهم المركز منذ منتصف آذار 2011 إلى 457.


وبهذا اليوم لن ننسى ما ارتكبه تنظيم داعش من جرائم بحقّ أيّ كلمةٍ تُنطَق ضدّه فكان مصيرُ صاحبها التغييب في سجون التنظيم ومن بعدِه الموت المحتّم، الذي كان مصير العشرات من الإعلاميين المحليين والدوليين، ونذكر شهداء الكلمة الحرّة الشهيد المعتز بالله إبراهيم الذي قضَى على يد التنظيم في مدينة تلّ أبيض، وليس إعلامييّ الداخل فحسب بل حتّى من هم في الخارج والذين كان بينهم الشهيدين إبراهيم عبد القادر وفارس الحمّادي اللّذين راحا غدرًا على يد داعش الغدر في ولاية شانلي أورفا جنوبيّ تركيا، والناشط أحمد الموسى الذي اغتِيل في ريف إدلب ، ومن بعدهم الصحفيّ ناجي الجرف الذي تمّ اغتياله في مدينة غازي عنتاب التركيّة.
فلا يمرّ يوم دون توثيق انتهاك بحقّ الإعلام والصحافة في سوريا، ولا هناك من يستطيع وضع حدٍّ لهذه الانتهاكات أو حتّى ملاحقة مرتكبيها، بالرّغم من مرور تسع سنوات على الثورة في سوريا.
ويُذكر أنّ الرقّة تُذبح بصمت حصلت على جائزة حريّة الصحافة العالميّة لعامّ 2015 والمُقدّمة من قِبَل لجنى حماية الصحفيين في المناطق الأخطر في العالم.
وتعتمد الحملة على النشاط الفرديّ لمجموعة من الشباب الرقّي داخل سوريا وخارجها، والتي كانت توثّق جرائم داعش في الرقّة والشرق السوريّ، واليوم ترصد انتهاكات ميليشيا ” قسد ” التي تسيطر على جزء كبير من محافظة الرقّة وأجزاء من الشمال الشرقيّ لسوريا.