أطفال الرّقة بين الدراسة والعمالة

الرقة تذبح بصمت

واحدة من المشاكل التي واجهت الرقّة السوريّة ولازالت مشكلة عمالة الأطفال الّتي أصبحت تشكّل عائقاً في إعادة الأطفال إلى مقاعد الدراسة مع انطلاقة العام الدراسيّ الجديد، فبخروج أهالي الرّقة من شعواء الحرب الّتي قادها التحالف ضدّ تنظيم داعش، وجدوا أنفسهم في مواجهة حرب أخرى ألا وهي البحث عن لقمةِ العيش وتأمينها، فما كان إلاّ بخروج عوائلٍ بأكملِها سعياً وراء رزقهم مُقحِمين أطفالهم في عمليّة البحث هذه، فتجدهم يخرجون من أنقاض بيوتهم المتهدّمة مع بزوغ شمس الصباح في تحدِّ لشقاء اليوم الّذي يتوزّع عمله في امتهان ظاهرة التعفيش الّتي باتت مهنة الكثير في ظلّ انتشار الفقر والعوز الّذي لحِق بأهالي الرّقة.

وتفتقد ظاهرة التعفيش للأخلاق والمبادئ فهي تعتمد على استخراج الحديد الخردة من المنازل، وتفريغ محتوياتها ممّا تبقّى من أثاث، ويتمّ بيعه في سوق المستعمل، لينقضي هذا اليوم بتحصيل المال الّذي لايتكافئ والمستوى المعيشيَّ للمدينة، ولكن بضع من آلاف الليرات هي مبلغ لابأس به في أيادي الأطفال، وهو سبب جدير وكفيل بإبعادهم عن مقاعد الدّراسة والعزوف عنها، فهم يروْنَ مستقبلهم بشكل استباقيّ سينعكس أثره لاحقاً، خاصّةً وأنّ أعداد الطلّاب الّذين أصبحوا على لائحة الأُمّيّة في تزايد وبشكل متسارع خاصّةً خلال السنوات الأربع الماضية منذ سيطرة تنظيم داعش على الرقّة، وتسيير التعليم وفق رؤيته ومنهجه المُحتذى لتخلِفها ميليشيا “قسد” الّتي لاتمتُّ بصلةٍ للتعليم لا من قريبٍ ولا بعيد، إذ أنَّ همّها هو إقامة منطقتها الذاتيّة على أرض لا تاريخ لها فيه لاقديمٍ ولا حديث، تسيّب وإهمال ليس في مجال التعليم فحسب، بل في جميع نواحي الحياة المدنيّة، أجَبرَ بعض الأهالي ممّن يهّمهم مستقبل أطفالهم بالتحرّك بعد مُناشدة عدد من المنظّمات للنهوض بسير عمليّة التعليم، إذا يرى كثير منهم أنّ مستقبل الرقّة وإعادة إعمارها مرتبط بتعليم أولادهم الّذين هم أمل ذويهم في النهوضِ بواقعِهم المعيشيِّ المتردّي، إذ فضّل كثير منهم رغم هذا الواقع على التحصيل العلميّ عِوضاً عن تحصيل المال، إذ يرون أنفسهم وأطفالهم هم أصحاب الأرض وأنَّ المسؤوليّة تقع على عاتقهم لا على عاتق الميليشيات العابرة الّتي ليس لها من همٍّ إلاّ سلب البلد ونهب خيراتهِ.



Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".