الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

منبج تنتقل من ألم لألم، تضليل سياسي أم عربدة سياسية، الكرد انتحار سياسي أم وجودي، أهل الرقة يموتون بالقصف. معركة حلب هل توقفت ؟

تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
تضليل سياسي أم عربدة سياسية

روسيا تعلن وقف الأعمال القتالية من الساعة العاشرة صباحاً للواحدة ظهراً بهدف السماح بدخول المساعدات الإنسانية في الوقت ذاته الذي تعطل فيه روسيا صدور بيان من مجلس الأمن يدعم هدنة إنسانية، قد يتناقض الخبران تماماً فكيف يمكن لروسيا التي توقف الأعمال القتالية تعطيل بيان مجلس الأمن الداعي لهدنة إنسانية؟!.

 إن من يتتبع الواقع الميداني السوري لا يجد غرابة في الموقف الروسي الذي تنفصل عنده تماماً الأقوال عن الأفعال كالنظام السوري تماماً، فقد أغلق النظام طريق الكاستيلو وحاصر نصف مليون أثناء هُدن /72/ التي أعلنها بالتوالي، وكذلك الروس فقد رأى أهل حلب بداية كذبهم ونفاقهم في موضوع الممرات الآمنة، إذ جاؤوا بالشبيحة لتصويرهم على أنهم ثوار ألقوا سلاحهم. وكذلك رأى أهل حلب طائرات الروس تقصفهم في اليوم التالي لإعلان الهدنة.

ويبقى السؤال الكبير: أيجهل العالم والمجتمع الدولي حقيقة الروس أم يدرك حجم كذبهم؟ لاشك أن الأجواء السورية المراقبة تجعل الروس مكشوفين أمام القوى الدولية، ولكنه الصمت المخزي، والنفاق السياسي، والعربدة الروسية، وهذا النفاق، وهذه العربدة تجعل السوريون يفكرون بأي دور إيجابي للروس بروية وتمهل. فلم يعد يعرفون هل النظام نسخة عنه بكذبهم، أم نسخة عنهم، ومهما كان الجواب فالنتيجة استحالة الدخول بأي حل سياسي فعّال دون تغير الموازين العسكرية على الأرض. وهذا ما يفعله السوريون، وأعتقد ما تؤمن به القيادة التركية والخليجية كذلك، فنفاق الروس وعربتهم أوضح من أن تخدع أحداً.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
الكرد انتحار سياسي أم وجودي

المتحدث الرئاسي التركي: اتفقنا مع روسيا على العمل معاً لمحاربة تنظيم داعش والميليشيات الكردية في سوريا، ومن جانب آخر فإنّ الحكومة الروسية تغلق مكتب ممثلي البيدا في موسكو.

يوضح هذان الخبران، والاستقبال المشرف، والحفاوة التي استقبل بها الرئيس التركي مستقبل الكرد السياسي في سورية، فقد أخطأت بوصلة الساسة الكرد، وتوجهوا بعيداً عن مصالح الكرد، وركبوا طريقاً تخالف توجه الشارع الكردي نفسه.

إذ اختار الشعب الكردي بداية الثورة السورية، وتبنى مطالبها، وتشهد شوارع عامودا، وعين العرب على ذلك، فأهداف الثورة كانت كفيلة بتحقيق السوريين جميعاً دون استثناء تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة. لكنّ القادة الكرد صادروا قرار الشعب وجعلوا بيضهم في سلال غيرهم، ولم يتعظوا ويستفيدوا من التجارب التاريخية القريبة جداً.

يُراهن الكرد – نقصد هنا القادة السياسيين- على الروس مما دفعهم ليد وضعهم بيد النظام حتى تحولوا لميليشيا بيد النظام تضرب الشعب السوري فهاجموا قرًى ومدناً عربية، وطردوا أهلها كتل رفعت وريف عين العرب مما سبب نقمة الشارغ العربي الذي بات يتوعدهم، ويتحين الفرصة للرد.

والرهان على النظام السوري خاطئ فلو بقي النظام بأية صورة فإنه لن يسمح للكرد بأي حكم، بل سينتقم منهم شر انتقام، ومؤشرات ذلك واضحة في الحسكة، أما المراهنة على الروس فخطأ أكبر من سابقه، فالروس باعوا الكرد سابقاً، ومن هم أغلى من الكرد بثمن بخس

أما الخطيئة الكبرى فتتمثل بمحاربة الثورة، والغالبية العربية، وتحويل الصراع من صراع سياسي لصراع وجود، وهنا لا يدرك الكرد استحالة اجتثاث الغالبية في حين يمكن اجتثاث الأقلية، ولا سيما أن المحيط يدعم الأكثرية.

لا شكّ أن الأكثرية العربية لن تنزلق للمنحدر الذي انزلق له الساسة الحمقى من الكرد، لكنهم في الوقت عينه سينظرون بعين الريبة للكرد، وسيحرمونهم من أي دور سياسي هذا في المستقبل القريب على الأقل، فالجروح العميقة التي تركها الكرد في نفوس العرب تحتاج أجيالاً وأجيالاً حتى تندمل.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
داعش الخنجر الذي طعن الثورة

الكتيبة الأمنية في مارع تلقي القبض على خلية نائمة تابعة لداعش بعد محاصرتها والاشتباك معها، والقبض عليهم جميعاً، في الوقت الذي ألقى فيه الثوار على أمني داعش في الشيوخ عدي بن طاهر العيدان.

لا يفتأ الدواعش يطعنون الثورة، ويغدرون بها، ويحاولون إفشالها ما وسعهم الجهد، وما زال الثوار مستمرين على الدرب يتصدون لمخططاتهم ومؤامراتهم، ورغم انكشاف مخطط داعش الإجرامي في تمزيق الثورة، واستحالة إقامة الخلافة المزعومة لا لأن المجتمع الدولي يرفضها بل لأنهم خالفوا منهج الخلافة الحقة القائم على التسامح والعدل.

لا داعي للتذكير بما فعلته داعش، فواقع الرقة ومنبج أوضح من أن ينكر، والداعشي عدي الذي سلَّمَ ثوار قريته، وخلية مارع دليل صارخ أن داعش أخطر على الثورة من النظام رغم أنه في جزء منه صناعة أسدية، فقد حرف الثورة عن مسارها، وشوه صورتها النقية، ولاحق شرفاء الثورة بالقتل والسجن والتهجير، وفي النهاية سلم الأرض التي حررها الثوار بدمائهم لقمة سائغة للكرد الذين يحملون مشروعاً انفصالياً.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
منبج تنتقل من ألم لألم

تنظيم داعش ينسحب من مدينة منبج كلياً مع عدد من المدنيين باتجاه جرابلس، وقسد يعلن عن تحرير مدينة منبج بالكامل.

تنتقل منبج بعد تدميرها، وحرق البشر والشجر فيها، وحرب طاحنة استمرت لأكثر من شهرين لألم جدي، فمن سوء حظ أهل منبج أنّ خلاصهم من حكم داعش التكفيري الظلامي الذي استمر عامين ونصف كان على يد قوة غاشمة لا تقل عنه ظلماً وتطرفاً، والأنكى أنّ الظلم الجديد مدعوم من قوى دولية، فمظالم داعش كانت موضوعة تحت المجهر، ومظالم الغزاة الجدد ممحية منسية بل ومبررة، فقتل المئات أثناء ما سمي (التحرير) بُرر بأنه أخطاء فردية.

وتعجز الكلمات عن وصف حال منبج، فهم سيسعون جاهدين لنسيان أيام داعش المظلمة، كما سيتألمون لحال مدينتهم المدمرة لا المحررة، وسيجدون معاناة في مقاومة المحتل الجديد، ستكشف مدينة منبج وما بعد منبج حقيقة المؤامرة الدولية الكبيرة على الثورة السورية، فقد رفض التحالف تقديم الدعم للثوار من أجل تحرير منبج، وقدمه للكرد حلفاء النظام!. فما الذي تريده أمريكا، وكذلك روسيا، هل يريدون فرض الأمر الواقع على الثوار للقبول بحل على نقاسهم. أم يسعون لتقسيم سورية، أم يهدفون لحرق الكرد؟ أم يهدفون لإطالة الصراع؟

كل الاحتمالات ممكنة ومتاحة، لكن في النهاية لن تنجح إلا إرادة الثورة لأنها إرادة الشعب الذي لن يرضى بالحكم الكردي، ولن يقبل بعودة الحكم الأسدي، وسيجد الكرد صعوبة في التوسع شمالاً نظراً لتغير شكل تركيا التي أصبح فيها العسكر تحت إمرة الساسة خلافاً للسابق، ولاسيما بعد عودة العلاقات الدافئة مع روسيا، ولن يمكنهم التوغل جنوباً لأنهم غير قادرين على دفع الفاتورة البشرية، ويبقى أهل منبج وحدهم يتجرعون الآلام ريثما يتخلصون من الاحتلال الجديد، وينتقلون لدولة الحرية.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
قمة بوتين أردوغان

استقبل الرئيس الروسي بوتين رئيس تركيا أردوغان، وناقشا العلاقات الثنائية بين البلدين بما فيها المسألة السورية.

تحاول الزيارة إعادة المياه لمجاريها عقب توتر العلاقة بين الطرفين إثر إسقاط الطائرة الروسية، وبالتالي لم يكن غريباً ترحيل الملف السوري لجلسة خاصة. فالطرفان لا يريدان أن يؤثر الملف السوري سلباً على علاقتهما الثنائية ولا سيما أنهما يخططان لوصول التبادل التجاري 100 مليار دولار سنوياً، ولم يرشح عقب مناقشة الملف السوري أية مؤشرات جديدة تبشر بتغيرات وانزياحات في مواقف الطرفين، فما زال كل طرف متمسكاً برؤيته للحل المستقبلي في سورية.

ونرى أنّ التغير سيكون بالجانب الروسي لأن الأسد لا يشكل أهمية لروسيا، بينما يشكل سقوطه هدفاً استراتيجياً لتركيا، فلا يمكن لتركيا بناء علاقات طبيعية مع سورية والمحيط العربي ما دام الأسد موجوداً، وبالتالي فالأهمية مختلفة للطرفين. وستلعب التطورات الميدانية دوراً حاسماً بتغير الموقف الروسي، وستقدم تركيا -فيما نرى- تنازلات شكلية لحفظ ما ماء وجه روسيا إن بقي منه شيء، وما لاشك فيه أن الملف السوري لن يكون عقبة أمام تطور العلاقات بين البلدين لأنهما بحاجة لبعضهما، ولا يريد أحدهم أذية نفسه.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
أهل الرقة يموتون بالقصف

استشهاد اكثر من 25 مدنياً من أبناء الرقة في غارات للاحتلال الروسي على المدينة.

يأبى العدوان الروسي إلا زيادة معاناة أهالي الرقة، فما تعانيه المدينة من ظلم الدواعش ينبغي أن يدفع العالم أجمعه للتعاون مع أهل الرقة، وتقديم ما أمكن لمساعدتهم للتخلص من ظلم قصم ظهورهم، ونكد عيشهم، لكنّ العدوان الروسي شأنه شأن الأسد يهدف لزيادة المعاناة بدليل قصفه لمناطق مدنية وسقوط الأطفال والنساء ضحايا، وتجنب معظم غاراته مواقع الدواعش.

ويتساءل أهل الرقة. ما الهدف من هذه الغارات التي لا تستهدف داعش، ولا تتزامن مع عملية عسكرية برية؟

قصف المدنيين من أهل الرقة وغيرهم من المدنيين في دير الزور حيث سقط قرابة 22 شهيد مدني وفي كل مناطق سيطرة داعش يعد دعماً مباشراً لداعش، وفكرها المتطرف، ولا سيما أن السكان هناك مغيبون عن الإعلام، ولولا وعي الأهالي، ومعاينتهم ظلم داعش لانخرطوا في صفوف الدواعش دون تردد.

تكشف الغارات المتكررة لاستهداف المدنيين أن الهدف حقيقة معاقبة الأهالي، وتهجير السكان لا تحرير المناطق من داعش، فبإمكان الطيران في هذه الضربات الانتقائية استهداف الدواعش وتحقيق إصابات مؤكدة دون الإضرار بالمدنيين.

ويصرخ أهل الرقة بصمت: إلامَ يستمر ذبحنا من الأرض والجو؟ ومتى نعيش حياة طبيعية كسائر البشر؟ فإذا لم يسمح العالم لأهل الرقة بالحياة الكريمة، فإننا نطالبه ألا يقتلنا.


الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
معركة حلب هل توقفت ؟

فشلت قوات بشار الأسد، والقوى المتحالفة معها في استرجاع نقطة واحدة من النقاط الكثيرة التي خسرتها في وقت سابق.

قد يستغرب كثيرون توقف الثوار عند ما حرروه، ويتساءلون عن المرحلة الرابعة في معركة ملحمة الكبرى. هل توقفت؟ هل هناك ضغوط خارجية؟ هل اكتفى الثوار بفتح طريق نحو حلب المحررة؟ هل ثمة اتفاق ضمني مع النظام أنت مكانك وأنا مكاني ريثما تتضح خارطة السياسات الدولية الجديدة؟ هذه الأسئلة وغيرها ما يشغل الشارع السوري والحلبي خصوصاً نظراً للآثار المترتبة على الثورة السورية لهذه المعارك.

أدرك النظام حجم الخطر وقوة الثوار عندما يتحدون، ووجد نفسه في مأزق كبير جداً، فأعاد حقيقة ترتيب صفوفه، وعزز قواته بقوات استقدمها من ريف دمشق ناهيك عن تعزيزات الميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والإيرانية التي كان لها الدور الأبرز في محاولات استعادة ما خسره النظام.

ولتتضح الصورة للقارئ نقول إن المعركة لم تتوقف ساعةً واحدة، فالثوار عملوا على عدة مسارات:

المسار الأول يتمثل بالحفاظ على المكاسب، ومسك الأرض، وتدعيم الجبهات، وتدشيم المواقع الدفاعية.

أما المسار الثاني فكان التصدي لمحاولات النظام، ولا نبالغ إن قلنا إن معارك محاولات استعادة الكليات العسكرية والراموسة وتلة المحروقات والجمعيات كانت أشد شراسة وعنفاً من معارك تحريرها، فقد صبّ النظام قوّة نارية حرقت كل شيء إلا صمود وإرادة الثوار، وحاول دفع قوات المشاة لعمق مواقع الثوار في المناطق السابقة وفي مشروع 1070 شقة، وبشر النظام أنصاره بنصر مؤزر لكنّ التكلفة البشرية والمادية كانت كبيرة، ولا يعلم الثوار أنفسهم مقدار خسائر النظام البشرية، ولم يكتف النظام بمحاولة بل أعاد الكرة لتعاد هزيمته.

ويتجلى المسار الثالث للثوار بترتيب صفوفهم في الداخل، ودعمهم بأعداد هائلة من الانغماسيين ترعب النظام، وتجمد دماء عناصره في عروقهم.

أما المسار الأخير فيتمثل بتأمين خطوط إمداد الثوار على كافة المستويات، فقد تطول المعركة.

ولا ينفي ما سبق وجود ضغوط ما على بعض فصائل الثوار، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة استجابة هذه الفصائل للضغوط، لأن توقف المعارك دون تأمين خطوط الإمداد لحلب المحررة انتحار عسكري بكل ما تعنيه الكلمة، ولا سيما أن القوة النارية للنظام من طيران وقصف مدفعي وصاروخي لم تتوقف، فلا بدّ من فرض السيطرة على حي الحمدانية كاملاً وصلاح الدين فضلاً عن الأكاديمية العسكرية ومشروع 3000 شقة، ويمكن القول بثقة أن زمام المبادرة بيد الثوار فقد حصل شرخ عميق في قوات العدو، وهناك معلومات مؤكدة عن انسحاب عدد كبير من الميليشيات الطائفية بعد الخسارة البشرية الكبيرة في معارك الاستعادة، وتتهم هذه الميليشيات الجيش السوري النظامي بالخيانة.، فالروح المعنوية للقوى المعادية في أضعف حالاتها.