داعش والخسارات المتكررة

الرقة تذبح بصمت

تعرض تنظيم داعش لخسارات متتالية، تمثلت بالقصف الذي طال مواقعه وارتاله، كما تشهد قواته تراجعاً على كافة الجبهات، ففي العراق، فقد التنظيم السيطرة على مدينة الفلوجة، في الوقت الذي يكافح جاهداً للإبقاء على الموصل، أما في سوريا فقد قامت القوات الكردية عقب شهرين من الحصار من اقتحام مدينة منبج ذات البعد الإستراتيجي، والتهديد المباشر لعاصمة التنظيم في الرقة شمال البلاد، وجبهاته الطوبلة جداً مع النظام السوري وقوات المعارضة السورية شمالي حلب، وتعزز تلك المعارك من قبل الضربات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو الروسي، وقوات التحالف الدولي، إضافة للحكومتين السورية والعراقية.

إذ يقاسي التنظيم جراء هزائمه المتتالية، والتي تعتبر أشد وطأة من تلك التي ادعتها الولايات المتحدة الأمريكية قبل عام، حيث قالت أن هجماتها الجوية قضت على قدرات داعش القتالية، وهو الإدعاء الذي ثبت فراغه إبان استيلاء التنظيم على الرمادي العراقية وتدمر السورية عام ٢٠١٥.

وقد قوض حجم الدعاية الإعلامية للإدارة الأمريكية من مصداقيتها، والتي إدعت كسر ظهر التنظيم من خلال ١٣ ألف ضربة جوية، لم يفقد خلالها التنظيم سوى مدينتي الفلوجة والرمادي بتعداد سكاني يقارب ٦٥٠ ألف نسمة، وخسارة أراضي خصبة في سوريا يقطنها نحو ٧٠٠ ألف نسمة.

فلم تخلو تلك الإنتصارات للقوى المعادية للتنظيم من تهويل كبير، فهي نجاحات من نوع خاص، ولن تتحول لسيطرة سياسية كاملة على المناطق التي تتم استعادتها، فمعظم هذه المناطق تم الانتصار فيها على تنظيم الدولة بأعداد محدودة نسبيًا، وبعُدة عسكرية عالية الكفاءة والتقنية، تحت غطاء من الضربات الجوية المكثفة، والتي استهدفت تدمير مواقع داعش الثابتة، وهذا تحديدا هو النمط السائد للعمليات العسكرية في العراق وسوريا منذ النجاح الأمريكي في منع داعش من السيطرة على “عين العرب” (كوباني)، بعد حصار استمر ١٣٤ يومًا انتهى في أوائل عام ٢٠١٥، حينها ذكرت التقارير أن التنظيم عانى من خسائر ضخمة، بما في ذلك أكثر من ٢٢٠٠ قتيل، قبل أن يتم إجباره على التراجع.

فالتنظيم يصبح ضعيفاً في المعارك التي تتمحور حول مواقع معينة، لكن احتمالات نجاحه ترتفع في الهجمات المفاجئة المنظمة، كالهجوم الذي شنه التنظيم على قرية تيليسكوف المسيحية شمالي الموصل.

كما لم يعد تأثير الصدمة الذي اعتمد عليه التنظيم عبر الهجمات المباغتة والتغطية الإعلامية كما كان من قبل، فقد اصبحت الهجمات المعادية للتنظيم أكثر ثقة وخبرة مما كانت عليه قبل عام، وفي الوقت الذي يسهل نظرياً شن كم كبير من الهجمات الجوية، وتدمير التنظيم، إلا انّه يخشى من اعتماد التنظيم على حرب العصابات والهجمات المباغتة التي يبرع بها.