رمضان على الأبواب … وداعش تضيق الخناق

خاص – الرقة تذبح بصمت

يقترب حلول شهر رمضان الثاني على محافظة الرقة وهي تحت سيطرة تنظيم ‫‏داعش، ويترافق اقتراب الشهر الكريم مع خوف وقلق لدى الأهالي، لأسباب عدة نحاول الكشف عنها وتوضيحها من خلال استطلاع آراء بعض هؤلاء الأهالي في المدينة.

يقول لنا أبو خالد وهو رب أسرة مكونة من سبعة أفراد: “مصدر الدخل الوحيد لعائلتي هو الراتب الحكومي الذي أتقاضاه، والذي لا يتجاوز 35000 ل.س ولكنني أضطر لقطع مسافة 800 كم من الرعب والخوف ودفع 5000 ل.س أجور تنقلات من اجل الحصول عليه. علماً أن هذا الراتب لا يكفي لتأمين أبسط الاحتياجات الأساسية لأسرتي، ولذلك فإننا نعيش في حالة تقشف شديدة جداً، حتى أنني لم استطع الاشتراك بخدمة الكهرباء البديلة (الأمبيرات)، لان ذلك يعني أننا قد لا نجد ما نأكله في بعض الأيام.

يرتبط قدوم شهر رمضان بارتفاع الأسعار بصورة قياسية وبمعدلات قد تصل إلى 100%، الأمر الذي يثقل كاهلي ويحد من قدرتي على تامين الطعام لعائلتي، حتى أنني صرت أفكر بشكل جدي في دفع أبنائي إلى العمل من اجل مساعدتي في تحمل المصاريف. في السابق، كان شهر رمضان يقترن بالموائد العامرة وتذكر المرء لجاره الفقير، الآن أصبحنا جميعا فقراء ولا أحد يتذكرنا.”

أما أم فاطمة وهي أرملة فقدت زوجها بسبب القصف، وتعيل ثلاثة بنات في الوقت الحالي: “سابقاً كانت هنالك منظمات اغاثية ومطابخ اغاثية كثيرة، حيث كانت السلال الغذائية تصلنا إلى المنزل وتفيض عن حاجتنا في بعض الأوقات، ولكن منذ سيطرة التنظيم تغيرت الأوضاع، فقد بحثت عن هذه المنظمات ولكن قيل لي أنها توقفت عن العمل لأن التنظيم أغلقها. الآن لم يتبق سوى المطبخ الاغاثي لمساعدتنا، ولكنه لا يقدم سوى وجبة واحدة في اليوم، فكيف يمكن لعائلة أن تعيش بوجبة واحدة؟ لازال هنالك من يساعدنا من أهل الخير، لكن 500 أو 1000 ل.س لم تعد تكف لتأمين وجبة واحدة للعائلة. نسمع أن التنظيم يأخذ الزكاة من الناس ولكننا لم نشاهده يوزعها على الفقراء والمحتاجين.”

ويقول لنا احد العاملين في الهيئات والمنظمات الإغاثية فضل عدم الكشف عن اسمه: “كان عدد المنظمات الاغاثية بالرقة جيد، حيث كانت ثلث العائلات المسجلة تقريباً تحصل على سلال غذائية كل 3 أشهر، أما العائلات الأكثر فقراً فقد كانت تتلقى المساعدات بشكل شهري ومن أكثر من منظمة، ولكن هذه المساعدات انقطعت بعد سيطرة التنظيم على المحافظة، لأنه أوقف عمل العديد من الجهات الاغاثية، كما ساهم عبر ممارسات مكتبه الاغاثي في مصادرة بعض المساعدات وتوزيعها على عناصره او العائلات المقربة منه، في إحجام بقية المنظمات الإغاثية  عن إرسال المساعدات إلى المحافظة.”

ويتابع: “جميع المنظمات كانت تضع خططاً خاصة للعمل خلال شهر رمضان، وكانت المطابخ الإغاثية تعد الطعام وتقوم بتوزيع وجبتين يومياً (فطور وسحور) على العوائل المحتاجة في معظم أحياء المدينة. حالياً لم يبق سوى مطبخ الرقة الاغاثي الذي لا يمكنه تغطية احتياجات العوائل الفقيرة في المدينة لوحدها، ناهيك عن المحافظة بأكملها لأنه أصبح المطبخ الوحيد بالمحافظة بعد أن أغلق مطبخ الطبقة أبوابه وتوقف عن العمل مع عدد من مطابخ الريف بسبب سياسات التنظيم ومضايقاته.”

بعض من قمنا باستطلاع رأيهم عن اقتراب موعد الشهر الكريم أبدوا التخوف من انقطاع التيار الكهربائي، كما فعل التنظيم في العام المنصرم بحجة منع الأهالي من متابعة المسلسلات برمضان، والبعض الآخر أبدا الخوف لأن حلول الشهر يعني زيادة بالمصاريف وقدوم العيد الذي يعني مزيد من المصاريف التي لا يملكونها أصلا .