اهالي تدمر والسخنة ينزحون الى الرقة والتنظيم لم يبقي على جهة ترعى تلك العائلات النازحة

اهالي تدمر والسخنة ينزحون الى الرقة والتنظيم لم يبقي على جهة ترعى تلك العائلات النازحة 

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

شهدت الأيام القليلة الماضية حركة نزوح من مدينتي السخنة وتدمر باتجاه الريف الغربي وعموم محافظة الرقة، وذلك بعد أن تعرضت تلك المناطق إلى قصف عشوائي من قبل طيران النظام أدى إلى مقتل وجرح العشرات من المدنيين، في أعقاب تمكن قوات تنظيم داعش من السيطرة على المدينتين المذكورتين في وقت سابق من الشهر الحالي، مما تسبب في نزوح العديد من العائلات باتجاه المدن الأكثر أمانا مثل دمشق وحمص وحماه، فيما فضل قسم أخر التوجه إلى محافظة الرقة.
توجه القسم الأكبر من هذه العائلات إلى أقاربهم داخل مدينة الرقة، وتوجه قسم آخر إلى مدينة المنصورة في الريف الغربي والمناطق المحيطة بها، والسبب في ذلك أنه لم يتبقى سوى مركزين للإيواء داخل المدينة وهي مكتظة بالعائلات، بعد أن عمل التنظيم في وقت سابق على إخلاء بقية المراكز من العائلات النازحة وإسكان عائلات مقاتليه فيها.
وقد ذكر أحد أعضاء المجالس المحلية (م.م) لمراسل “الرقة تذبح بصمت” أنه: “كان يتواجد داخل المدينة ما يزيد عن 15 مركزاً لإيواء النازحين، بالإضافة إلى عدة مراكز في جميع أنحاء الريف، استقبلت هذه المراكز المئات من العائلات التي توافدت إلى المدينة بسبب الأمان النسبي والخدمات التي تقدمها لهم المنظمات العاملة بالرقة، وعلى الرغم من الحاجة الماسة للمساعدات التي يعاني منها أهالي الرقة، فقد كنا نجعل شريحة النازحين أولى الشرائح المستفيدة من المواد الإغاثية التي تقدمها المنظمات والجمعيات الاغاثية.”
وعلى الرغم من حركة النزوح الكبيرة، لم تقدم المنظمات والجهات المعنية والمختصة بهذا الموضوع أي نوع من أنواع الدعم، لأسباب عدة منها:
1- إغلاق التنظيم للمراكز الاغاثية بالمدينة بشكل تدريجي، وخاصة التي ترتبط بصورة او بأخرى بأي نوع من أنواع الدعم الخارجي، والتي كانت تقدم العون والمساعدة للعائلات النازحة المقيمة بالرقة.
2- إبقاء التنظيم على المركز الاغاثية الأهلية التي تعتمد على التبرعات من الداخل، والتي تكتفي فقط بإعالة بعض العائلات بسبب قلة الموارد والإمكانيات وعدم القدرة على تقديم أي نوع من أنواع المساعدة لبقية النازحين.
3- إغلاق التنظيم لمنظمة الهلال الأحمر السوري، التي كانت تعمل بشكل فعال في مثل هذه الحالات.
4- إغلاق التنظيم مؤخرا لكافة المنظمات في المحافظة ومصادرة المعدات والتجهيزات، وذلك بعد صدور فتوى تحرم عملهم بشكل كامل.
كل ذلك ساهم في تردي الأوضاع وتفاقم المشاكل وعدم القدرة على التدخل والمساعدة، والتنظيم عبر أجسامه الإدارية ومكاتبه لم يقدموا أي نوع من أنواع المساعدة لتلك العائلات على الرغم من الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها ووجود مكتب اغاثي تابع له.
ويقول لنا احد العاملين في المنظمات الإغاثية السابقة فضل عدم الكشف عن اسمه: “توافدت إلى المدينة أعداد كبيرة من العائلات التي تحتاج إلى تقديم المساعدة، ولكن لم نستطع تقديم أي نوع من أنواع الدعم لها، لأن التنظيم منع عمل جميع المنظمات والهيئات الاغاثية، باستثناء المنظمات القائمة على التبرعات المحلية من الأهالي والتجار، والتي تعاني بدورها من الأوضاع الاقتصادية المزرية التي تعيشها المدينة، ومن تدخل التنظيم في طريقة عملها من حيث التصنيف والأولويات والخطة المتبعة، الأمر الذي ينعكس بصورة سلبية على عمل المنظمة وقدرتها على الاستمرار في تقديم الدعم.”
من جهته يقول “ابو جاسم” أحد المواطنين الذين استضافوا بعض العائلات النازحة: “نزحت أربع عائلات من أبناء عمومتي إلى منزلي، خوفا من القصف الذي تعرضوا له في مدينة السخنة.” وعند سؤاله كيف تستطيع هذه العائلات العيش في منزل واحد مع عائلته، يقول باللهجة العامية: (إذا ما شالتهم الأرض نشيلهم بعيوننا)، ولكنه أضاف: “كانت جمعيات الإغاثة مثل جمعية البر او الهلال او غيرها من الجمعيات الاغاثية وأهل الخير تساعد الوافدين إلى المحافظة، ولكن هذه المرة لم يتلقوا أية مساعدة ولم يكترث بهم احد.”
ويبدو أن حركة النزوح هذه لم تقتصر على مدينتي تدمر والسخنة، حيث ما زالت تتوافد على مدينة الرقة العديد من العائلات النازحة من ريف مدينة رأس العين وريف الحسكة بشكل عام، والذين فروا من المعارك الدائرة بين تنظيم داعش من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردية والجيش الحر من جهة أخرى، وقد توزعت غالبية هذه العائلات في الأرياف والمزارع المحيطة بالمدينة، وبذلك يرتفع عدد العائلات النازحة في عموم محافظة الرقة إلى أكثر من عشرين ألف عائلة، تعاني من الأوضاع المعيشية السيئة التي تعانيه الغالبية العظمى من أهالي محافظة الرقة
.