منبج وديموقراطية “السيكارة”!

يبدو أن انتقاء الصورة المقُدّمة إعلامياً لسيطرة ميليشيات “قسد” على مدينة منبج بريف حلب الشرقي، لم تأت بجديد عن سابقتها من مدن الشمال السوري، منذ الإعلان عن تشكيلها (أي قسد) وتبنيها من قبل الأمريكيين لاقتصاص الشمال السوري عن ثورته ووطنه الأم.

وفي الوقت الذي يفترض أن يركز الإعلام الموالي لـ “قسد” وأخواتها على ما غيّبه سابقهم (داعش) وحجم الدمار والقتل الذي تم على يد (قسد)، ينصرف للتركيز على الحالة المفترضة والطبيعية للسوريين قبل أن يحكمهم تنظيم “الدولة”، وتقديمها كنعيم أعيد تصنيعه على يد محتل جديد ليكون سقف ما يتمنوه، بعد تخيّرهم أو إجبارهم على العيش تحت حكم سيئين لا ثالث لهما سوى الأسد.
وبغض النظر عن تفاصيل الصورة المنتقاة دون غيرها للإعلام، والهدف منها لتقديم محتل جديد كمنقذ ومخلص مكان آخر قديم جزار مستبد، بحسب مراقبين، فالتجارب السابقة لتكرار الصورة النمطية هذه، أثار مخاوف أهالي المدينة مع إعلان “تحريرها” من تنظيم “الدولة”، والذي تزامن مع خبر حريق التهم كل ما يثبت ملكيتهم لعقاراتهم وأراضيهم بعدما خسروا أرواح على يد سابقهم.

حجب الشمس بالغربال!


لا يستبشر الكثير خيراً من أهالي المدينة والمصنفة ككبرى مدن الريف الحلبي على الإطلاق من حيث المساحة والتعداد السكاني، بحسب عبد اللطيف الشيخ، وهو ناشط حقوقي من أهل المدينة، راداً رؤيته هذه إلى سابقات ميليشيا “قسد” من التجارب في مدن الشمال السوري وما جاءت به من “جديد” لها.
ويقول الشيخ بحديث مع بلدي نيوز: “بغض النظر عمّا عاناه أهالي المدينة على يد داعش والكل متفق عليه بوصفه إرهاب، فماذا يمكن أن نتوقع من قوات لا تحمل من الديموقراطية سوى اسمها، وهذا ما أظهرته تجاربها السابقة من انتهاكات بمدن ريف الرقة الشمالي والحسكة”، مضيفاً: “يمكنك التكهن بمستقبل المدينة بالنظر إلى البرنامج المقبل لمشروع هذه الميليشيات من خلال ما تم الإعلان عنه وعلى لسانها، وتقسيم الشمال السوري وأتباعه لكانتونات إن كبرت لن تضاهي زقاق من أزقة منبج كبرى المدن في الريف الشمالي بعد حلب”.
ويرى الشيخ أن “ما تم اختصاره من قتل وجرائم حرب بحق ريف المدينة بصورة حلم سقفه سيكارة، أشبه بمحاولة حجب الشمس بغربال”.

إعادة تدوير الاستبداد


من جهته يرى الصحفي السوري رواد الحلبي أن الصورة التي أظهرت سيطرة الميليشيا على المدينة كمنقذ لأهالها من براثن الإرهاب “الأسود”، ما هي إلا لإعادة إقناع السوريين بحالتهم الطبيعية ما قبل الثورة السورية، بعدما سلبت منهم يد تنظيم داعش بكل الأساليب الوحشية.
ويؤكد الحلبي لبلدي نيوز أن هذه الصورة أو الخيار كان الأسلوب الأكثر صراحة لنظام الأسد في مواجهة ثورة السوريين، عبر وضعهم بين خيارين لا ثالث لهما، إما نظامه أو تنظيمات تستبيح دماءهم وأعراضهم، متسائلاً “متى كان سقف أحلام السوري سيكارة وحلاقة ذقن! إلا في عهد هذه التنظيمات الإرهابية وليدة نظام الأسد أصلا، والساعية لإعادة تدوير استبداده تحت مسمى ولون مختلفين وبسقف ما حكم به الأسد السوريين أو أبشع”.
كذلك يتخوف المغتربون من أهالي المدينة من الحكم الجديد وما سيجلبه من قرارات قد تسلبهم أملاكهم أو حرمانهم من العودة إليها أصلاً، بالمقارنة مع أثبتته تقارير حقوقية عن انتهاكات للميليشيا الجديدة من تهجير وتجنيد للقاصرين بعد سيطرتها على مدن الشمال السوري.

المصدر : شبكة بلدي نيوز

Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".