في اليوم العالميّ للاختفاء القسريّ أكثر من 100 ألف سوريّ مغيّب

30 آب اليوم العالمي للاختفاء القسريّ، إذ صنّفته الأمم المتّحدة على أنّه استخدام استراتيجي لبثّ الرعب داخل المجتمع، حيث يؤثّر ليس على الأشخاص المغيّبين فحسب بل يطال أقاربهم ليتجاوز المجموعات السكّانيّة والمجتمع ككلّ.

فالاختفاء القسريّ أصبح مشكلةً عالميّة وليس حكراً على مجتمع أو منطقة بعينها، فبعد أن كان نتاج دكتاتوريّ عسكريّ أصبح اليوم يحدث في ظروف معقّدة لنزاع داخليّ، أو وسيلة للضغط السياسيّ على الخصوم.

وبحسب الأمم المتّحدة إنّ ما يثير القلق بوجه خاص هو :
– استمرار المضايقات التي يتعرّض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، وأقارب الضحايا، والشهود، والمحامون الذين يُعنَون بقضايا الختفاء القسري.
– استغلال الدول أنشطة مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك التزاماتها.
– واستمرار مرتكبو أعمال الاختفاء القسري في الإفلات من العقاب على نطاق واسع.


المتأثّرون بممارسات الاختفاء القسري:
1- الضحايا أنفسهم يتأثّر الضحايا الذين كثيراً ما يتعرّضون للتعذيب والخوف المستمرّ على حياتهم، ويتأثّر أفراد أسرهم، الذين يجهلون مصير أحبابهم، وتتأرجح عواطفهم بين الأمل واليأس، فيترقبون في حيرة، طيلة سنوات أحياناً، وصول أخبار قد لا تأتي أبداً ويدرك الضحايا جيّداً أنّ أسرهم لا تعرف شيئاً عمّا حلّ بهم، وأنّ فرص حضور من يمدّ لهم يد المساعدة ضئيلة.
وقد أصبحوا في الحقيقية – بعد إقصائهم عن دائرة حماية القانون و اختفائهم من المجتمع – محرومين من جميع حقوقهم، وواقعين تحت رحمة آسريهم.
حتّى إذا لم يكن الموت هو مآل الضحيّة، وأخلى سبيله من هذا الكابوس في نهاية المطاف، فإنّ الآثار الجسديّة والنفسيّة لهذا الشكل من أشكال التجريد من الصفة الإنسانيّة، وللوحشيّة والتعذيب اللذين يقترنان به في كثير من الأحيان تظل حاضرة .
2- أقارب الضحايا وأصدقائهم وتعاني أسر المختفين كما يعاني أصدقاؤهم من غمّ نفسيّ بطيء، لعدم علمهم إذا كان الشخص الضحيّة لا يزال على قيد الحياة، وإذا كان الأمر كذلك، فأين يُحتجز، وما هي ظروف احتجازه، وما هي حالته الصحيّة.
كما أنّهم يدركون أنهم مهددون هم كذلك، وأنّهم قد يلقون المصير نفسه، وأنّ البحث عن الحقيقة قد يعرضهم لمزيد من الأخطار.
وكثيراً ما تزداد محنة الأسرة من جرّاء العواقب الماديّة للاختفاء القسريّ، ذلك أنّ الشخص المختفي غالباً ما يكون هو العائل الرئيسيّ للأسرة، وعلاوةً على ذلك، فإنّ الأسرة لا تعلم إن كان غائبها سيعود يوماً، ولذلك فمن الصعب عليها التكيّف مع الوضع الجديد.


هذا ويبلغ عدد المغيّبين قسرياً في سوريا نحو 100 ألف مدنيّ بين معتقل ومفقود بحسب بيان صادر عن السفارة الأميركيّة في دمشق والتي اعتبرت انّ النظام السوريّ هو المسؤول عن المختفين . ونوّه البيان إلى أنّ ظروف الاحتجاز في سجون النظام تفتقر إلى أدنى مقوّمات البقاء على قيد الحياة، فضلاً عن ندرة الغذاء وغياب الرعاية الطبيّة للمعتقلين في السجون. متخوّفاً ممّا وصفه بـ”الخطر الكبير” جرّاء احتمالية تعرّض سوريين اعتقلهم النظام لخطر الإصابة بفيروس كورونا في سجونه، في وقتٍ تتحدّث فيه تقارير صحفية عن تفشي الوباء في مناطق سيطرة نظام الأسد.
ولفت البيان إلى ممارسة نظام بشار الأسد العديد من الانتهاكات، تنوّعت بين العنف الجنسيّ والتعذيب والإهمال وصولاً إلى الإعدام دون إخضاع المعتقلين إلى محاكمة، مستشهداً في ذلك إلى شهادات تقارير ووثائق صادرة عن المنظمات الناشطة في مجال المعتقلين وحقوق الإنسان، تثبت ممارسة نظام الأسد انتهاكات وتعنيف ضد المعتقلين.
وختم بيان السفارة بمطالبة النظام السوريّ الكشف عن حالة المعتقلين وأماكن وجودهم وتزويد عائلاتهم بمعلومات عن ذويهم من المفقودين، وإعادة جثث المتوفين منهم.
هذا وقد وثّقت الشبكة السورية لحقوق الانسان في بيانها الصادر عنها اليوم، احتجاز ما لا يقل عن 148 ألفا و191 شخصاً في سوريا منذ انطلاق الثورة السوريّة في آذار 2011، 130 ألفا و785 شخصاً منهم اعتقلهم النظام .
وبيّن تقرير الشبكة إلى استخدام النظام الاختفاء القسريّ بشكلٍ مكثّف كسلاح قمعٍ وحربٍ وإرهاب خلال الأعوام الثلاثة الأولى من الثورة السوريّة، حيث شهدت الفترة المذكورة أكبر حملة اعتقالات في البلاد، وبحسب الشبكة فإنّ عدد المختفين قسريّاً في سوريا بلغ نحو 99 ألفاً و479 شخصاً. وأشار التقرير إلى أنّ النظام السوريّ مسؤول عن نحو 85% من حالات الاختفاء القسريّ، بينما تتوزّع النسبة المتبقية بين فصائل “الجيش الوطني”، و”هيئة تحرير الشام”، وتنظيم “داعش ”، و ميليشيا “قسد” حيث جاءت محافظة ريف دمشق في الصدارة لتليها حلب ودمشق . وفي بيان أصدره الإئتلاف اليوم بمناسبة اليوم العالميّ للاختفاء القسريّ : أنّ جرائم الإخفاء القسريّ على يد النظام والمليشيات الإرهابية طالت كافّة فئات الشعب، بمن فيهم الفئات الأكثر ضعفاً، كالنساء والأطفال وكبار السنّ. مشيراً إلى حجم الكارثة التي جلبها النظام على الشعب السوريّ .
ولفت إلى أنّ استمرار غياب الجهود الفعليّة الرامية إلى الكشف عن مصير عشرات الآلاف من المخفيين قسرياً “يمثّل خيبة أملٍ كبيرة لعشرات الآلاف من العائلات التي تعرّض أحباؤها للإخفاء القسريّ”. مشدّداً على ضرورة أن تكون هناك نهاية فوريّة للتهاون الدوليّ المشين تجاه الجرائم والخروقات والانتهاكات الرهيبة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام، ولا بدّ من وقف هذه الجرائم ومنع تكرارها ومحاسبة المسؤولين عنها.