كورونا في الرقّة وسط وضعٍ اقتصاديّ متردّي

أصدرت الإدارة الذاتيّة التابعة لميليشيا “قسد” قبل أيّام تعميماً تحت اسم “حظر صحيّ” في مناطق سيطرتها في محافظة الرقّة ولمدّة 14 يوم، وذلك لاتّخاذ الإجراءات الاحترازيّة للوقاية من فيروس كورونا.

إذ تمّ رصد ثلاث حالات مصابة بالفيروس في الرقّة، كما أوقفت الإدارة الذاتيّة التنقّل بين المدن والضواحي في محافظة الحسكة شمال شرقيّ الحسكة، هذا وارتفعت الحالات في مناطق سيطرة “قسد” ليصل مجمل العدد إلى 25 إصابة، كما و منع القرار التجمّعات بكافة أشكالها (افراح، عزاء، حدائق عامّة، منتزهات، دور العبادة، والمقاهي) إلّا أنّ الأفران لم يشملها هذا التعميم على ما يبدو بشكلٍ فعليّ، كوننا لا نزال نرى تجمّعات أهالي الرقّة أمام الأفران يومياً، في مشهدٍ مكتظّ في سبيل تحصيل خبز اليوم، إذ لم تستطع “قسد” إيجاد حلّ أو طريقة يحصل بها الناس على خبزهم دون أي تصادم أو تجمّعات ينشط فيها انتشار الفيروس، ولم تتوقّف التجمّعات عند الأفران فحسب، بل حتّى أنّ التعميم سقط عن الاحتفالات التي تقيمها “قسد” بمناسبة وبدون مناسبة وبدون المراعاة أو الالتزام بالتباعد الاجتماعيّ.

أثر كورونا على اقتصاد الرقّة:
لا تزال الرقّة تشهد منذ نحو أشهر مواجهةً مع فيروس كورونا وذلك بقدر استطاعتها، خاصّةً وأنّ سلطة الأمر الواقع لم تقم بأي تدابير تتماشى وانتشار الفيروس سوى إصدار تعميم وراء الآخر، وإلزام الأهالي في بيوتهم والتقيّد بقواعد التباعد دون أيّ تفكير كيف سيؤمِّن الناس قوت يومهم، بعد أن توقّف العمل بمجرّد صدور الحظر، فكثير من أهالي مدينة الرقّة يعملون بأجرة يوميّة والتي لا تتوفّر دون عمل، إذ وجد الكثير من الأهالي أنفسهم مجبرين على الالتزام في بيوتهم من دون أيّ مساعدة من قِبَل القوى المسيطرة، ولكن لم يخلُ الأمر من مساعدات يقدّمها ميسوري الحال بتوزيع السلل الغذائيّة أو المبالغ الماليّة، ولكن بحسب المثل الرقّيّ “منيحة يوم ما تسدّ عن سنة” فما تُغني هذه المساعدات من شيء ولا تسدّ إلّا النُزر القليل دون وضع خطّة من قِبل سلطة الأمر الواقع تواجه بها فقدان العمل الذي حصَل للأهالي كما في دولٍ عدّة، خاصّة وأنّ الرقّة ذات طبيعة زراعيّة، ومكتفية ذاتياً من ناحية الغذاء، كما وأنّها واجهت كثير من الحصارات في ما مضى منذ بدء الثورة السورية، بالإضافة أنّها استضافت الكثير من النازحين من أبناء المناطق السوريّة الأُخرى وقامت على ضيافتهم وتأمين حوائجهم، إلّا أنّ خيراتها لا تزال تُنهب وتُباع في دولٍ أخرى، لتعود أرباح الخيرات إلى جيوب من يسيطر عليها.

والسيّء يتبعه الأسوأ، فبالتزامن مع انتشار فيروس كورنا وانهيار الوضع السياسيّ في سوريا لا يزال الاقتصاد في الرقّة يشهد انهياراً يومياً بفعل قانون “قيصر” المفروض على سوريا منذ نحو شهر، ممّا جعلَ الأسعار ترتفع بشكلٍ جنونيّ مع تقلّب سعر صرف اللّيرة السوريّة، إذ وصل حدّ ال 2000 ليرة، وسط عجز “قسد” عن اتّخاذ التدابير اللّازمة من جهة، وقِلّة ذات يد الأهالي من جهة أُخرى يجعلهم في حال من التخبّط عن مجاراة الأسعار، وجشع التجّار الذين تتقلّب ضمائر بعضهم مع تقلّب سعر صرف اللّيرة مقابل الدولار.

اقتصادٌ متردّي أفضى بكثيرٍ من الأهالي إلى امتهان لَمّ المُخلّفات من الحاويات ومكبّات القمامة وهو ما ينتج عنه أمراض وأوبئة تفوق خطر جائحة كورونا.