نشطاء المجتمع المدنيّ في قبضة “قسد”


مع سقوط النظام السوريّ في عاصمة التحرير الرقّة عامّ 2013 ، بدأت العشرات من منظّمات المجتمع المدنيّ بالعمل في جميع نواحي المحافظة ، مُستفيدةً من حريّة العمل هناك،إذ قام مجموعة من الشباب المدنيّ الناشط آنذاك بالتطوّع لخدمة بلدهم ، فقاموا وبكلّ ما يمليه عليهم العمل الميداني من تنظيف للشوارع، وتوزيع الموادّ الغذائيّة على الأهالي بما في ذلك الخبز، كما وأنشؤوا مكتب إعلامي لتوثيق التطوّرات السياسيّة والعسكريّة في الرقّة، بالإضافة إلى تنظيم المعارض و ورش العمل إلى جانب مجلسٍ محلّيٍّ مُنتخب والذي كانت مهمّته ضمان الخدمات الأساسيّة للرقّة.


ولكن سرعان ما تقيّدت لحظة الحريّة تلك لتصبح أسيرةً في يد تنظيم داعش الذي بسط سيطرته على الرقّة مطلع عامّ 2014 ، ليقيّد بذلك عمل منظّمات المجتمع المدنيّ، وملاحقة الناشطين فيها، فمنهم من وقع ضحيّة إنسانيّته في قبضة التنظيم، ومنهم من استطاع النفاذ بنفسه خارج البلاد، ومنهم من عمِل سرّاً رغم الخطر الذي كان يترصدّهم.


وبعد خروج التنظيم وفلوله من الرقّة عامّ 2017 تحت قصف ضربات التحالف الدوليّ بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة، وقوّات”قسد” ذات الغالبيّة الكرديّة، والذين خلّفت ضرباتهم بُنيةً تحتيّة منهارة كليّاً، بالإضافة إلى الجثث العالقة تحت الأنقاض، إذ ساهمت منظّمات المجتمع المدنيّ في استخراج الكثير منها، وبجانبهم الأهالي الذين أخذوا بالعودة تدريجيّاً في ردّ شيءٍ من الحياة إلى الرقّة، وبالتالي انبثقت العديد من المنظّمات سعياً لذلك ، فكان فريق ” التدخّل المبكّر”، واقتصرت مهمّته على إزالة الأنقاض في المدينة، وكذلك منظّمة ” شباب أكسجين” وهي منظّمة مهمّتها توزيع مياه الشرب النقيّة ، بالإضافة إلى تنظيف وإعادة تأهيل بعض المنشآت الحكوميّة.


ولكن مالبث أن انقلبت سلطات الأمر الواقع على تلك المنظّمات ، كما فعلت سابقتها داعش، خاصّة في الأيّام العشرة الفائتة ، إذ أقدَمت ميليشيا “قسد” على اعتقال العشرات من الناشطيين المدنيين العاملين في هذه المنظّمات والتي تعمل على دعم الإعمار ، وإعادة الخدمات إلى الرقّة.


هذا وقد قامت الميليشيا باعتقال الناشط (حسن القصّاب) منسّق عن منظّمة ” كرييتف” وقد اقتادته إلى وجهةٍ مجهولة ، حيث قدِم من صربيا إلى الرقّة من أجل الزواج ، إذ تعرّض للضرب والشتائم أثناء محاولة اعتقاله.
وسبب الاعتقال بتهمة أنّ (القصّاب) عميل لتنظيم داعش الذي بدوره كان قد اعتقله أثناء سيطرته على الرقّة آنذاك.
هذا وتواصل الميليشيا اعتقال الناشطين ، فاعتقلت الناشط (أحمد الهشلوم) مدير منظّمة ” إنماء الكرامة” ونسبت له نفس التُّهم.


كما واعتقلت بادئ الأمر كلّ من الناشطين (صلاح الكاطع) ، و( أنس العبو )، و (إلياس العبو )و(خالد السعود السلامة)العاملين في منظّمة ” صنّاع المستقبل”.
وبالتزامن مع حادثة الاعتقال أطلق العشرات من النشطاء حملة تضامن مع المعتقلين ، لافتةً إلى أنّ” قسد ” تسعى لإفراغ المنظات المدنيّة من المحتوى الإنسانيّ، وكذلك تفريغ شمال وشمال شرقيّ سوريا من العاملين والناشطين المدنيين الذين لا يزالون يعملون هناك ، بعد أن كان داعش تخلّص من القسم الأكبر منهم،كلّ هذا في وقتٍ تعقد معهم ” قسد” صفقات تبادل وذلك بإطلاق سراح معتقلين من عناصر التنظيم لديها.

الرقة تذبح بصمت