هذا دمٌّ فراتٌ

الرقة تذبح بصمت

أسبوع واحد من القصف البربريّ الهمجيّ من قبل التحالف الدوليّ بقيادة الولايات المتحدّة الأميركيّة ضدّ تنظيم داعش كان كفيلاً لتحوّل طبيعة نهر الفرات العذبة إلى سيلٍ جارف من دماء الأبرياء التي تعود لنازحين من أبناء المحافظات والمدن التي تشهد حرباً على داعش، جاؤوا وبقلوبٍ حيارى فارِّين من همجية نيران الحرب العشوائيّة، التي لم تعد تأبه كما في السباق على التفريق بين المدنيين والدواعش، فرّوا ليأووا إلى مدرسةٍ لم يكن لحرمة صفتها ما يذود عنهم قذائف الطائرات، ليجدوا أنفسهم قد فرّْوا إلى الله، ليخبروه بكلّ شيء، أكثر من ١٥٠ شهيداً كانوا درعاً بشريّاً بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى للحؤول بين صواريخ الطائرات واستهداف عناصر داعش، ولا يُفسّر هكذا عمل بهذه الهمجيّة والحقد إلا إنتقاماً من أهالي المنصورة، الذين قاموا بواجب إغاثة الملهوف تجاه أولئك الشهداء.

ولم تكن مدينة الطبقة بمنأى عن ذلك القصف، فقد شهدت في الأيام الفائتة قصفاً مكثفاً راح ضحيته أكثر من 37شهيداً، لينضموا إلى قوافل شهداء مدرسة البادية، الذين يتمّ استخراجهم من تحت الأنقاض حتى لحظة كتابة المقال، كلّ ذلك سعياً لسيطرة قوات الحشد الكرديّ عليها مدعومةً بطيران التحالف الدوليّ، الذي طالما زعم أنّه المخلِّص للرقيين من احتلال داعش وظلمهم ليستبدله باحتلالٍ وظلمٍ آخرين، ألا وهو ظلم خطأ الهدف من قبل طيران التحالف من جهة، واحتلال قوات الحشد الكرديّ من جهةٍ أخرى.

في وقتٍ تعمل هيئات وتجمّعات أهليّة ومدنيّة من إعلاميين وناشطيين لتقدييم بيان مفتوح لا يقدّم ولايؤخر على حد ّ اعتبارهم، إلّا أنّه أقلّ ما يمكن فعله، ويحمّلون فيه قوات التحالف الدوليّ وذراعها العسكريّ على الأرض المتمثّلة بقوات الحشد الكرديّ ، متزعمة بحزب PYD الإرهابيّ والذي يتولى مسؤوليّة إعطاء إحداثيّات خاطئة على الأرض.

ونتساءل : لماذا لايتمّ تقديم بيان يشرح فيه، لماذا تعمل قوات التحالف الدوليّ على تقسيم الشمال السوريّ، وفصل ريفه عن المدينة، وطرد أهله لاستبدالهم بقومية أخرى، بيان يشرح فيه، لماذا يتمّ طرد أهالي مناطق الريف الشماليّ مع أنها مناطق خالية من داعش؟.

هاهو مصير أبناء عاصمة التحرير اليوم، أبناء درّة الفرات، يدفعون ثمن كون مدينتهم أوّل من احتضن النازحين من أبناء المحافظات ولايزالون إلى اليوم، يدفعون ثمن أوّل مدينة تحرّرت، وتمرّدت على النظام الطاغية، يدفعون الثمن بحجة أنّهم حاضنة لداعش، باتخاذ مدينتهم عاصمة لإرهابهم،، هاهم أهل الرقّة يُذبحون بصمت على يد داعش، ويقصفون بصمت المجتمع الدوليّ وتخاذله، يدفعون دمهم ثمن كلّ ذلك، الذي حوّل وصف نَهَرهم من (هذا عذبٌ فراتٌ) إلى هذا دمٌ فراتٌ.