الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

الأسد يبيع سورية، المستنقع الداعشي، ترمب يستلم منصبه رئيساً للولايات المتحدة، سوريون بلا جنسية، مباحثات أستانة، الهدف المرجو منها؟.

تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
أتكون دير الزور العاصمة الجديدة لدولة الخلافة (داعش)؟

سيطر تنظيم داعش على معمل السيراميك و كتيبة الإشارة وسرية الدفاع الجوي في محيط حي هرابش شرقي مدينة ديرالزور، ويشن هجوماً عنيفاً على اللواء 136.

مكنت التطورات الأخيرة تنظيم داعش من قطع كل الطرق المؤدية للمطار العسكري، وبذلك يفصل التنظيم بين ما تبقى من أحياء مدينة دير الزور، والمطار العسكري مما يجعل المدينة في حال سقوط المطار ساقطة عسكرياً، وقد تكبدت قوات النظام حتى اللحظة خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وبدت الخلافات بين قواته تطفو للسطح مما زاد من وتيرة الانهيارات المعنوية في صفوف القوات النظامية والميليشيات الداعمة لها، ولم تنفع الغارات الجوية الروسية السورية باسترداد أي نقطة من النقاط، وستكون سيطرة التنظيم على دير الزور في حال تمت مكسباً كبيراً للتنظيم، وستعيد خلط الأوراق من جديد، إذ ستعيد هذه السيطرة جزءاً من هيبة التنظيم وسط عناصره في ظل سلسلة الهزائم المتلاحقة التي لحقت به في العراق وسورية.

لكنّ المؤشر الأهم للمعركة يتمثل بعبثية الحرب التي يشنها النظام والروس على داعش، فلم يسترجع الطرفان حتى الآن مدينة واحدة من داعش حتى تدمر التي طبل لها الروس تمكن داعش من استرجاعها في غضون أيام، وبذلك تسقط ورقة التوت التي حاول الروس التستر بها. فالتدخل الروسي حقيقة جاء لدعم نظام الأسد وداعش اللذين يشكلان وجهين مختلفين لعملة الإرهاب.

وهنا يحق للسوريين التساؤل: إلى متى تستمر العربدة الروسية في سورية أمام هذه النتائج المخزية لحرب الإرهاب المزعومة، وقد تمهد سيطرة التنظيم لاحقاً لتدخل الميليشيات الطائفية العراقية بشكل مباشر في سورية بالمبررات والذرائع ذاتها، مما يدخل المنطقة في حرب طائفية لا يمكن التكهن بنتائجها، ولا شك أن هذه الحرب الطائفية أبرز مقومات وجود تنظيم داعش.

لقد ارتكب المجتمع الدولي خطأ استراتيجياً عندما أدار ظهره للمعارضة المعتدلة، وطالبها بحرب داعش دون النظام، فما زال المجتمع الدولي غير مدرك استحالة القضاء على داعش دون تزامن ذلك مع رحيل الأسد ونظامه. بل يذهب كثير من السوريين اليوم للجزم أن القوى النافذة تدرك الحقيقة، وتريد تدمير ما يمكن تدميره من سورية، كما يثير توقيت المعارك الحالي أكثر من إشارة استفهام، فبإمكان التنظيم السيطرة منذ زمن على ما تبقى من دير الزور. فلماذا تأخر كل هذا الوقت؟ ألذلك علاقة بمعركة الموصل أم بتوتر علاقته مع تركيا، ودخوله في حرب علنية معها؟!.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

الأسد يبيع سورية

روسيا توقع اتفاقاً مع النظام السوري لتوسيع قاعدة طرطوس واستخدامها لمدة 49 عاماً.

النظام السوري يوقع خمس اتفاقيات مع إيران في مجالات الصناعة والنفط والزراعة والاتصالات إضافة لاستثمار مرفأ في سورية وتخصيص خمسة آلاف هكتار لإنشاء ميناء نفطي، ومثلها أراض زراعية كما تنص الاتفاقات على استغلال إيران الفوسفات قرب تدمر.

وصول تعزيزات عسكرية تركية إلى قرية كلجبرين بريف حلب الشمالي وتقوم بإنشاء قاعدة عسكرية تركية في القرية.

عندما رفع زبانية الأسد شعار “الأسد أو نحرق البلد” استعد السوريون لحرب ضروس مع النظام السوري، وعرفوا أن الفاتورة ستكون غالية جداً، فهم أدرى بدموية النظام أيام الرخاء فكيف أمام ثورة تهدف للإطاحة به وبنظامه، ولكن لم يفكر سوري أن يبيع الأسد حاضر سورية ومستقبلها لكل من هبّ ودب من أجل البقاء على بقايا عرش كرتوني.

تذكرنا اتفاقيته مع الروس باتفاقية قناة السويس التي وقعها خديوي مصر، وتنازل حينها عن حق مصر متجاهلاً تضحيات المصريين الذين حفرت القناة بأرواحهم وسواعدهم، وتكشف الاتفاقيات المعلنة أن التدخل الإيراني لم يعد سببه الأهداف العقائدية فحسب، فكثرة عقود بيع سورية لإيران لم تعد خافية على أحد وماخفي أعظم، ويلاحظ أن البيع يشمل مجالات كانت حصرية على عائلة الأسد كمجال الاتصالات الخليوية، ويلاحظ في العقود الإيرانية شموليتها مما يحوّل سورية فعلاً لولاية إيرانية بامتياز، ومعلوم أن القواعد العسكرية بين دول بوزن روسيا وإيران من جهة وسورية من جهة ثانية ولاسيما في ظل الظروف الحالية تعني احتلالاً مباشراً، ولا يقتصر الأمر على البيع الرسمي المعلن، فهناك صفقات سرية تعقد من تحت الطاولة لا يعلم بها أحد، أما تحليق الطيران الأجنبي، والقواعد العسكرية التركية أو الأمريكية فدليل على أن السيادة السورية باتت نسياً منسياً.

لقد حرق الأسد سورية، وقتل وهجّر أهلها بعد أن جوّعهم، وهو الآن يبيعها فقط من أجل ألا يعطي الشعب حريته. فهل تكفي كلمتا (الخيانة، العمالة) وصفاً لهذا النظام؟!.


الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
المستنقع الداعشي

مقتل 5 جنود أتراك في هجوم لتنظيم الدولة بالقرب من مدينة الباب.

تتزايد فاتورة الأتراك يوماً بعد آخر ناهيك عن العمليات الإرهابية التي تستهدف الداخل التركي مما يزيد من الضغط على الحكومة التركية، وتبدو الحكومة التركية متخبطة ومرتبكة، فبعد الحديث عن حرب شوارع ودخول قوات درع الفرات لقلب مدينة الباب يتحدث أردوغان عن أيام لدخول المدينة بل ويفصح عن نيته التوجه للرقة بعد أن كان الحديث عن منبج.

في ظل هذا التخبط تتوارد معلومات عن إيقاف عملية درع الفرات مؤقتاً، وهذا الإيقاف تحت أية ذريعة يمهد لقطف النظام الثمرة، وفعلاً بدأ النظام عملية عسكرية فقد سيطر على بلدة شامر بمحور الطعانة بريف حلب الشرقي، وهذا يعني أن التدخل التركي كان عبثياً في حال سيطرة النظام على الباب، فالدواعش انسحبوا من المناطق الأخرى تحت ضربات الطيران وحده، ويبدو -للأسف- أنهم قادرون على استعادة جزء مما خسروه في زمن قياسي، يبدو أن الأتراك لا يقرؤون الواقع العسكري جيداً، فقد اعتقد الأتراك أن حربهم ضد داعش مجرد نزهة ليصدمهم واقع مر.


الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
مباحثات أستانة، الهدف المرجو منها؟

 الأسد: نعتقد أن المؤتمر سيكون على شكل محادثات بين الحكومة والمجموعات الإرهابية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والسماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سورية، ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة.

هذه غاية وهدف حكومة الأسد من محادثات أستانة، فالأسد لا يعترف بها معارضة وطنية بل يصنفها على أنها جماعات “إرهابية” غاية طموحها الحصول على عفو من حكومته لتعود لحضن الوطن “الدافئ”، يختصر هذا الكلام كثيراً مما يُدار حول مؤتمر أستانة الذي يرشح عنه أنه طبخة روسية لاقتتال داخلي يمزق الثورة من الداخل بعد أن عجز الروس بعد أكثر من عام من تحقيق تغيير استراتيجي على الأرض، فقد أدرك الروس أن عصا القوة العسكرية لا تجدي نفعاً وحدها، فلجؤوا لدهاليز السياسة، السياسة التي تدمر الثورات وتقتلها.

وبدأ الشارع الثوري في الداخل يشهد بدايات لهذا الاقتتال في ريف إدلب، كما أن الفصائل التي وافقت على المشاركة منقسمة على أنفسها، فكثير من مقاتليها في الميدان يرفضون تصرفات القيادات وهذا ما يجعل الانقسام عمودياً وأفقياً، وما زاد من حالة الاحتقان موافقة الفصائل على المشاركة في الوقت الذي تدك فيه طائرات الروس والأسد المدن السورية.

ويستبعد مراقبون أن تأتي محادثات أستانة بأية نتيجة إيجابية، فروسيا التي نفذت أكثر من 90% من عملياتها ضد المعارضة يستحيل أن تكون وسيطاً، وتركيا ليست وسيطاً لأنها لا تملك شيئاً تفعله ضد الروس أو النظام بل تفيد المعلومات أن تركيا مارست ثقلها على المعارضة استجابة للضغوط الروسية من جهة، ولتسير مصالحها مع الروس من جهة ثانية.

أخطاء حضور أستانة لا تعد ولا تحصى وأول هذه الأخطاء غياب الرؤية فقال الأسد: “ليس لدينا توقعات من مؤتمر الأستانة” بل ذهب أبعد من ذلك عندما قال: “ليس من الواضح ما إذا كان هذا المؤتمر سيتناول أي حوار سياسي” فالأسد يراه مؤتمر استسلام، ومؤتمر لتأمين مرور المساعدات الإنسانية.

إن الثورات التي تخضع لإملاءات الخارج، وتستجيب لضغوط تمزق الصف الداخلي تضع الخطوة الأولى على طريق الفشل، وتتحول من ثورة لعمالة.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

سوريون بلا جنسية

وزارة الصحة التركية: إن عدد مواليد اللاجئين السوريين في تركيا وصل لنحو 177 ألف مولود خلال السنوات الخمس السابقة.

يدلل هذا الرقم على حجم معاناة السوريين، فكثير من هؤلاء لا يملك وثائق رسمية، ومعظم المواليد الجدد غير موثقين في سجل الأحوال المدنية السورية الرسمية مما يعني حرمانهم لاحقاً من جوازات السفر، ويلحق بهذا عقود الزواج غير الموثقة في المحاكم والسجلات الرسمية السورية.

إن حق المواطنة والحصول على الوثائق الرسمية التي تثبت الجنسية حق أصيل كفلته الدساتير لكن الحالة السورية تبقى استثناء، وقد عجزت المعارضة السياسية عن إيجاد حل لهذه المشكلة، ويرجع العجز للمجتمع الدولي الذي اعترف بالمعارضة اعترافاً سياسياً، ولم يعترف بها قانونياً، وينبغي الضغط على المؤسسات الدولية لإيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي تتفاقم مع مرور الأيام.

وتجاهل هذه القضية يساعد النظام السوري في سياسة التغيير الديمغرافي، فقد بات المكون العربي السني مهدداً باعتباره المكون الذي مورس بحقه التهجير القسري ناهيك عن القتل، ويصعب عودة هذا المكون في ظل بقاء النظام الطائفي الحالي.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
ترمب يستلم منصبه رئيساً للولايات المتحدة

جرى يوم الجمعة الماضية حفل تنصيب ترمب رئيساً للولايات الأمريكية المتحدة، كما توديع باراك حسين أوباما ليصبح رئيساً سابقاً.

قد نختلف مع كثيرين إذا قلنا إن ترمب مهما كان سيئاً فلن يكون أسوأ من سلفه باراك أوباما، فقد كانت فترة أوباما كارثية على منطقتنا العربية بكل المقاييس، ولم يحقق أوباما هدفاً واحداً من أهداف السلم التي دعا لها، ففي العراق استشرت الطائفية بفضل دعم أوباما اللامحدود لحكومة المالكي الطائفية مما فرّخ لاحقاً تنظيم داعش الإرهابي، فدخل العراق في نفق مظلم من الصراع الطائفي أسوأ بكثير من الاحتلال المباشر في عهد بوش، وأطلق أوباما العنان لإيران، وأدار ظهره للخليج، فعربدت إيران في المنطقة من خلال تصدير الإرهاب الديني للدول العربية.

وفي مصر وقف أوباما لجانب مبارك بدايةً ليتخلى عنه بمشهد مهين عندما أدرك استحالة بقاء مبارك، لكنه سرعان ما وقف لجانب حكومة الانقلاب، ودعمها عسكرياً وسياسياً، وفي ليبيا تدخل للإطاحة بالقذافي لكنه دعم من خلف الستار (حفتر)، لتدخل ليبيا بنفق مظلم من صراع داخلي لا يعرف له نهاية.

أما في سورية فقد دعم الأمريكان الأكراد الانفصاليين، ومنعوا الدعم عن الثوار، وغضوا الطرف عن استخدام الأسد الكيماوي من خلال صفقة انعدمت فيها أدنى المعايير الأخلاقية للبشرية، فساوم على أرواح السوريين وكأنهم فئران تجارب، فإدارة أوباما حاولت جاهدة تكريس أنظمة الاستبداد ودعمها، ووقفت في وجه محاولات الانتقال الديمقراطي الذي تطلعت له الشعوب العربية من خلال ربيع الثورات.

أما فلسطين، فقد وضعها أوباما في درج النسيان، وكان التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الأخير باهتاً بلا طعم أو لون أو رائحة، لأنه بلا مخالب. لقد رحل أوباما غير مأسوف عليه، رحل وشلالات الدماء وصيحات الحرية تلعنه صباح مساء.