الرقة واقع طبي متردي، وبروبغندا داعش الهزيلة

#الرقة_تذبح_بصمت

تعاني مدينة الرقة في ظل سيطرة تنظيم داعش من تدهور الوضع الصحي، وتراجع القطاع الطبي الخدمي المتدهور منذ عقود نتيجة لإهمال نظام الأسد لهذه المدينة من النواحي الخدمية.

إذ يتواجد في مدينة الرقة مشفى حكومي واحد وعدد من المشافي الخاصة، ويعتبر المشفى الوطني الأكبر بينها والمحتوي على عدد من الأقسام التخصصية وقسم للعمليات إضافة لجناح للأطفال والحواضن وقسم الإسعاف، وبعد طرد النظام من الرقة ربيع العام 2013 بقيت المشفى تعمل بطاقة جيدة نسبياً، وكانت الأدوية تدخل من تركيا عبر المنظمات الإنسانية العاملة في المدينة، مع غياب التمويل والتزويد المتواصل بالمستلزمات الدوائية والمعدات المخصصة لقسمي الكلية والتلاسيميا، الأمر الذي نتج عنه عدد كبير من الوفيات في القسمين المذكورين.

هذا وكان معظم الكادر الطبي من أطباء وممرضين في المشفى الوطني يعمل بشكل تطوعي، عقب قطع النظام السوري تمويل المشفى بالمعدات والرواتب للعامليين فيه، وقد قامت عدد من الجمعيات والمنظمات الإنسانية بتمويل رواتب الموظفين بشكل جزئي، وعقب تعرض المشفى لعدة غارات جوية، أخرجت عدد من أقسامها عن الخدمة، الأمر الذي سبب بترك العديد من الأطباء لعملهم، إلا أنّ المشفى استمر بالعمل بالحد الأدنى.

إلا أنّه وبعد سيطرت تنظيم داعش على الرقة، أصبح الوضع أكثر صعوبة حيث اعتقل التنظيم معظم الموظفين في المنظمات التي تعمل في المجال الطبي، ،مما دفع تلك المنظمات لإغلاق مكاتبها والتوقف عن تقديم أي دعم طبي، فأغلق التنظيم كل المراكز الطبية في المحافظة التي كانت تشرف عليها منظمات عربية ودولية، ومنها مركز الهلال الأحمر القطري، والمركز الألماني، و”اللشمانيا”، و”العيادة السكرية” بذريعة تلقيها تمويلاً من جهات خارجية بغايات تجسسية وتبشيرية، ومع ذلك بقي العمل منصباً على جهود فردية لإدخال المواد الطبية للمدينة، ومع استمرار سياسة التنظيم بالتضيق، وطلب البيعة من الأطباء واخضاعهم لدورات شرعية بشكل يتناسب مع فكر التنظيم المتشدد والتشكيك في أخلاق الأطباء ومنع الاختلاط حتى في حالات الضرورة، الأمر الذي دفع الكثير من الأطباء والممرضين إلى مغادرة الرقة، لتكن ردة فعل التنظيم باصدار قرار بمصادرة أملاك أي طبيب يخرج من مناطق سيطرته وهدر دمه، لكن ذلك لم يمنع الأطباء من الهرب.

وفي سياق متصل، افتتح تنظيم داعش كلية للطب مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات فقط وذلك بغية سد النقص الحاصل في القطاع الطبي في مناطق سيطرته، وكان مدرسوا الكلية هم من الأطباء المبايعين للتنظيم، حيث يشترط في المتقدم أنً يكون حاصلاً على الثانوية العامة الفرع العلمي بمعدل لا يقل عن 70 %، ويحصل الخريجون في نهايتها على شهادة “رخصة ” عمل لمزاولة مهنة الطب البشري.

وفي معرض تصويره للواقع الطبي في الرقة على أنها “جنة الخلافة “، صور التنظيم اصداراً مرئياً عن المشفى الوطني بالرقة، ظهر فيه عدد من الأطباء من أصول غربية، حيث أظهر طبيباً استرالياً وسيماً خفيف اللحية يلبس صدرية جديدة والمرضى في حالة رضا تام عن الواقع الطبي، فيما الحقيقة أنّ المشفى شبه خارج عن الخدمة للمدنيين، في ظل انقطاع الخدمات المقتصرة على الإسعافات الأساسية، هذا ويمنع التنظيم خروج أي مريض للعلاج خارج مناطق سيطرته، مهما كانت حالة المريض حتى في حال عدم وجود العلاج في مناطق سيطرة التنظيم، كأمراض السرطان أو الجراحات القلبية، مما أسفر عن وفاة عدد من المرضى.

وفي سياق متصل، بدأت عدد من الأوبئة بالإنتشار مؤخراً، نتيجة تردي الواقع الخدمي، وضعف الوقاية الطبية، حيث أفادت معلومات عن انتشار وباء اللاشمانيا كذلك بعض حالات الكوليرا نتيجة عدم تعقيم المياه بشكل صحي مما ينذر بكارثة صحية مقبلة.