الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

داعش عدو الثورة، أحقاً تحتاج لجنة الكيماوي لتمديد؟، حلب تباد، قصف دير الزور يكشف حجم روسيا

تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”

 

 

داعش عدو الثورة

أدى تفجير انتحاري لعنصر من تنظيم داعش في ريف درعا الغربي، في مدينة إنخل، لاستشهاد ١٣ شخصاً بينهم وزير الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، وعدد من القياديين في فرقة الحمزة.

فلا يدخر تنظيم داعش جهداً في القضاء على الثورة السورية، إذ لعب التنظيم دوراً كبيراً في إطالة عمر النظام الأسدي، وإضعاف الثورة السورية بدءاً من خطف وقتل الإعلاميين والقادة، مروراً بتشويه الثورة الشعبية، وليس انتهاءً بمشاركة النظام في تقسيم المجتمع وفق أسس طائفية.

وبالعودة لتفجير إنخل، فإنه يندرج ضمن استراتيجية التنظيم باستهداف الشخصيات المؤثرة الفاعلة في صفوف الثورة، فالتنظيم يبرع باستهداف القيادات الثورية سواءً أكانت وطنية أو إسلامية، ويحجم عن استهداف قيادات االنظام.

وفي الوقت عينه ينجح التنظيم باستهداف المواقع المدنية الواقعة تحت سيطرة النظام في حمص واللاذقية وطرطوس وغيرها. فهل الهدف قتل السوريين خبط عشواء أم تخليصهم من الظلم؟
فكل العمليات الانتحارية لداعش تصب في صالح النظام ضد الشعب السوري، فأكثر من 95% من هذه العمليات تستهدف قيادات الثورة والثوار والحاضنة الشعبية، وما تبقى يستهدف النسيج الوطني دون رموز وقيادات النظام.
والخط البياني لهذه العمليات كافٍ وحده للانتقال من الشك لليقين حول وجود صلة استخباراتية ما في مستوى ما بين النظام الأسدي، وتنظيم داعش، فالبصمات والعقلية والأهداف واحدة.

أحقاً تحتاج لجنة الكيماوي لتمديد؟

مددت الأمم المتحدة مهلة محققيها حول تحديد المسؤول عن الهجمات الكيماوية في سورية خمسة أسابيع.
حيث كان من المقرر أن تقدم اللجنة تقريرها هذا الأسبوع، الذي تمّ تأجيله حتى 21 تشرين الأول القادم بناء على طلب بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.
ويأتي تأجيل الموعد في إطار التخبط الذي تعالج به الأمم المتحدة الملف السوري، فنتيجة تحميل النظام المسؤولية محسومة باعتبار أنّ التقرير السابق أشار لإلقاء مروحيات عسكرية تابعة للنظام براميل متفجرة تحوي غاز الكلور.
ومن هنا نرى أن التأجيل يندرج في إطار المساومات والمناكفات السياسية أملاً بالوصول لاتفاق ما بين الروس والأمريكان، وبالتالي سيتم طي ملف الكيماوي في حال الوصول لاتفاق.
فأرواح السوريين للأسف رخيصة، وهذا واضح من خلال التجارب السابقة، علماً أن القانون الدولي ينص على ضرورة محاسبة المجرم، وأن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.
وما يؤسف له أيضاً أنه في حال عدم التوصل لاتفاق فإنّ المجرم سيترك أيضاً دون حساب باعتباره محمياً بالفيتو الروسي. فعلى كل الاحتمالات يبقى الخاسر هو الإنسان السوري.

حلب تباد

أعلنت وزارة دفاع جيش النظام الأسدي بدء عملياتها في الأحياء الشرقية بمدينة حلب، في بيان كان بمثابة إعلان مرحلة جديدة لتدمير وإبادة مابقي من حلب في الأحياء الشرقية، ويأتي التصعيد السوري الروسي بعد انهيار الهدنة ليثبت مرة أخرى أنّ الهدن عبارة عن مبررات للنظام يقدمها المجتمع الدولي لتدمير سورية، فمصطلح الهدنة يوحي أن ثمة وقف لاستهداف المدنيين ووقف القتال من الطرفين بينما الواقع خلاف ذلك. فقبل الهدنة وأثناءها وبعدها لا يستهدف الثوار المدنيين خلافاً للنظام السوري الذي يستهدف المدنيين قبل وخلال وبعد، وبالتالي فالهدنة تشوه الحقيقة وتقدم للنظام الذريعة على أن ما يجري صراع مسلح بين طرفين.

وتمضي آلة النظام الإعلامية بالتضليل وتشويه الحقائق إذ ذكرت قيادة العمليات العسكرية بحلب في بيانها أنه: “لا مساءلة أو توقيف لأي مواطن يصل إلى نقاط الجيش العربي السوري، و اتخذنا كل الإجراءات والتسهيلات لاستقبال المواطنين المدنيين وتأمين السكن ومتطلبات الحياة الكريمة وهذه الإجراءات والتسهيلات تشمل أيضاً المغرر بهم الراغبين بالعودة إلى حضن الوطن” وما سبق أكاذيب للتعمية على الإجرام وتبريره، فلا يوجد أي معبر آمن لخروج المدنيين، ولم يحصل أي تأمين لأي مواطن خرج من حلب الشرقية.
وليس عجباً أن ينحدر الإعلام لهذه الدرجة من الكذب والتضليل، فبشار الأسد كذب أكبر منها عندما أنكر حصار حلب وقصفها وتدمير المشافي.
ويبدو لافتاً هنا أن البيان العسكري لقيادة العمليات السورية خرج من وسائل الإعلام الإيرانية قبل السورية.
وتتعرض حلب منذ انتهاء الهدنة لعملية إبادة حقيقية، ويبدو أن ثمة غطاء دولي لتسليم حلب للنظام السوري لتركيع المعارضة، أما التصريحات الدولية فلذر الرماد في العيون ليس إلا، فطائرة أمريكية واحدة في سماء الحسكة أجبرت النظام والروس معاً على توقيع اتفاق إذلال لصالح الكرد، وفي مطار حميميم!. وذلك كاف لفضح أمريكا وروسيا معاً، فحلب يُراد إركاعها مهما بلغ حجم الدمار والضحايا.

الفرات 3 خطوات للأمام وخطوتان للخلف:
أكثر من 15 قرية سقطت بيد داعش: “بوزدبة، كدريش، بحورتة، صندرة، وتلعار غربي، تلعار شرقي، هضبات، قبيران، قلقوم، سكزلار، صندي، شاوى صغير، شاوى كبير، تل حجر، طويران” وليست هذه كل القرى التي استعادها التنظيم، فقد استعاد السيطرة على كل من “قنطرة وطاط حمص وقرقوز” ليستعيدها الثوار لاحقاً، وقد يستعيد الثوار كل القرى عند نشر الخبر فالمعارك تأخذ طابع الكر والفر، وقد تكون القرية صباحاً للثوار، ومساء لداعش.
ولكن يبقى السؤال لماذا لم يحدث الأمر ذاته في درع الفرات 1، ودرع الفرات 2؟
إنّ الأمر ببساطة يرجع لسببين رئيسين:
الأول يتمثل بانسحاب عدد من الفصائل الثورية العاملة في درع الفرات 3 رفضاً واحتجاجاً على دخول أمريكان للأرض السورية تحت أية ذريعة وأي مسمى، وذلك من منطلق ديني ووطني وفق زعمهم، ما أدى حقيقة لتخلخل صفوف الثوار، ولاسيما إذا علمنا أن الفصائل المنسحبة تتميز بالخبرة والشراسة معاً في قتال داعش.
أما الأمر الثاني فيتمثل بوصول تعزيزات لتنظيم داعش من الرقة لدعم صفوفهم استعداداً للمعركة الكبرى بين ملة الكفر وملة الإيمان التي تتحدث عنها الأحاديث الشريفة كإحدى أحداث قيام الساعة، فالتنظيم يقنع أنصاره أنه يمثل صفّ الإيمان بينما يمثل الثوار ومن يعاونهم صف الكفر.
وقد أسهم التدخل الأمريكي مجدداً في شق صفوف الثوار، ولم يمنع وصول أرتال ما يسمى جيش الخلافة من الرقة فيما قد تؤدي الانشقاقات السابقة لنسف عملية درع الفرات 3 بل قد تؤدي لاستعادة التنظيم الإرهابي مافقده في درع الفرات 1 و2 ولاسيما بعد فتوى جبهة فتح الشام، بحرمة القتال في شمال حلب, وعليه ينبغي على الحكومة التركية المسارعة في تدارك الأمور، ومعالجة الأخطاء.

الخلاف القديم الجديد بين الولايات المتحدة وتركيا
تركيا تشترط مشاركتها في عملية الرقة بعدم مشاركة القوات الكردية، جاء التصريح التركي بعد أن كشفت صحيفة “نيو يورك تايمز” أن إدارة الرئيس أوباما تدرس خطة عسكرية للقيام بشكل مباشر بتسليح الكرد.
وتثير خطوة الرئيس الأمريكي كثيراً من الشكوك تجاه السياسة الأمريكية، فما يؤمن به الأتراك أن أي دعم للكرد في سورية يهدد الأمن القومي التركي باعتبارهم ينظرون للقوات الكردية في سورية كفرع لحزب العمال الكردستاني.
وينظر الثوار السوريون للدعم الأمريكي للكرد باعتباره خطوة على طريق تقسيم سورية على أرض الواقعـ فيما أعادت خطوة أوباما حالة عدم الثقة مع الأتراك للمربع الأول بعد أن حصل تقدم طفيف بعد عملية درع الفرات، وطلب الولايات المتحدة من الكرد الانسحاب لغرب الفرات.
إن خطوة أوباما تندرج حقيقة في إطار سياسته التي مارسها خلال السنوات الماضية، إذ عمل أوباما على تأجيج الصراع الطائفي والعرقي في المنطقة، فضلاً عن حرصه على دعم الأقليات على حساب الأكثرية، فلم يحقق دعمه للأسف إلا مزيداً من الصراعات.
وبحث أوباما عن نصر في الرقة عبر الكرد مجرد وهم، يشبه ذلك الذي تحقق في منبج إذ ينظر أهالي منبج للكرد على أنهم سلطة احتلال، وبالتالي ترحيل المشاكل لا حلها.
كما أن خطوة أوباما ستورث عبئاً ثقيلاً للقيادة الأمريكية الجديدة، فلا يمكن للولايات المتحدة الحفاظ على الحليف التركي والكردي بالوقت نفسه، ولا يمكن ترحيل الأمور إلى ما لا نهاية.

الكرد والتجنيد الإجباري:
أطلقت وحدات الحماية الكردية حملة غير مسبوقة للتجنيد الإجباري في مناطق سيطرتها في الجزيرة وفي ريف حلب، يذكر أن خطوة وحدات الحماية الكردية تتزامن مع خطوة مماثلة في المناطق العربية قامت بها ما تسمى ميليشيات سورية الديمقراطية، وتؤكد هذه الخطوة فقدان هذه القوى للحاضنة الشعبية، وبالتالي رفض الأهالي الانخراط في صفوفها مما يهدد باضمحلالها وزوالها.
وما يجدر ذكره هنا أن الثوار لم يجبروا أحداً، ولم يغروا أحداً للإنتساب لصفوفهم بخلاف الكرد وقوات النظام اللذين اتخذا سياسة العصا، وداعش التي اتخذت سياسة الجزرة عبر الرواتب العالية.
ورغم ما تعرضت له الثورة وتتعرض له من فقر وانتكاسات وضغوطات وكثرة أعداء بقيت محافظة على حاضنتها الشعبية.
وبالعودة لقرار التجنيد الإجباري الكردي فإنه يبشر بأمور منها فشل قوات الحماية باستقطاب الشارع الكردي، وبالتالي رفض مشروع التقسيم، ولولا الدعم الدولي للقوات الكردية ولقوات النظام لانهارا منذ زمن بعيد.

دلالات قصف قافلة الأمم المتحدة

قصف الطيران الروسي قافلة للمساعدات الأممية في أورم الكبرى، الأسبوع الفائت, ما أسفر عن استشهاد عدد من الموظفين.
ولا يمكن وصف قصف الروس للقافلة الإنسانية بالخطأ العسكري، ولا سيما أن روسيا والنظام نفيا بشكل قاطع أي دور لهما في القصف، ولا يغير النفي من الحقيقة شيئاً، فالروس أرادوا إيصال جملة رسائل سياسية من خلال عملية القصف.
الرسالة الأولى للثوار السوريين بأن روسيا لن تحرقهم فقط بل ستحرق كل محاولة قد تمكن المدنيين من الصمود، وبالتالي توجه روسيا رسالة قاسية للثوار بأن يستسلموا فلن يستطيع أحد إنقاذهم من النيران الروسية.
أما الرسالة الأخرى فموجهة للولايات المتحدة، فروسيا تريد أن تقول للأمريكان: سنفرض الحلول العسكرية التي نراها مناسبة، ولن نلتفت للقرارات الأممية ومناشدات الأمم المتحدة، وليس أمام أوباما سوى الموافقة على الاتفاق الذي تراه روسيا.
لا شك أن الثوار قرؤوا منذ زمن بعيد الرسالة الروسية، واختاروا المضي بالثورة غير آبهين بفاتورة الحرية، ويدركون أن عدوهم لا يحترم قانوناً.
أما إدارة أوباما فتبدو ضعيفة دون حول أو قوة، ولاسيما أنها تحزم حقائب الرحيل
يحاول الروس مسابقة الزمن، وتحقيق معادلة استراتيجية كبيرة وجديدة على الأرض قبل وصول السيد الجديد للبيت الأبيض.

قصف دير الزور يكشف حجم روسيا

قصفت قوات التحالف الدولي مواقع النظام السوري في محيط مطار دير الزور العسكري، ما أسفر عن مقتل قرابة ٨٠ عنصر وجرح ١٠٠ آخرين.
يذكر أن القصف تمّ من عدة طائرات، ولمدة تزيد عن نصف ساعة مما يجعلنا نستبعد فرضية الخطأ العسكري التي اعتذرت بموجبها الولايات المتحدة، وترتب على ضربات التحالف تقدم داعش في جبل ثردة قبل أن يستعيد النظام مواقعه بفضل الإسناد الروسية، وانطوت الضربات على رسالة بليغة يبدو أن الروس لم يفهموها بعد، فالأمريكان يقولون للروس أنتم تلعبون في سورية لأننا نسمح لكم، وعندنا القدرة على تدمير الأسد وحرقه دون أن تستطيعوا فعل شيء، فزمام اللعبة بيدنا نحن، ولن تستطيع منظومة اس 300 فعل شيء تجاه طائراتنا.
فيما اقتصر الرد الرسمي للنظام على الاستنكار، وإطلاق التهم، فالنظام لا يستطيع الإتيان بحركة دون مشورة الروس والإيرانيين الحكام الفعليين.
من يقرأ ضربة التحالف يدرك جيداً أن مفاتيح اللعبة بيد أمريكا، والدور الروسي يمارس برضا الأمريكان ولا سيما أن الخطأ المقصود جاء بعد انهيار الهدنة فعلياً لا اسمياً.