تنظيم داعش يفرض المزيد من الضرائب مقابل خدمات أقل

خاص – الرقة تذبح بصمت

يعاني تنظيم داعش في الآونة الأخير من أزمة مالية كبيرة ناجمة عن انكماش رقعة الأراضي التي يسيطر عليها والانخفاض الحاد في اسعار البترول العالمي، فضلاً عن الإجراءات والتدابير العسكرية والاقتصادية المضادة له من قبل قوات التحالف الدولي والمنظمات الدولية المعنية، الأمر الذي حدا بالتنظيم إلى العمل على جمع أكبر قدر من الأموال في الوقت الذي ينتشر فيه شعور عام لدى الأهالي بأن أيام التنظيم المتطرف باتت معدودة في الرقة.

بدأ التنظيم مؤخراً في انتهاج سياسة مالية جديدة تقوم على تنويع مصادر دخله عبر فتح قنوات مالية جديدة لرفد خزينته التي تعاني من عجز هائل على الرغم من محدودية المعارك والعمليات العسكرية التي خاضها التنظيم في الأشهر القليلة الفائتة والتي كانت في معظمها وانهزامات وانسحابات من مناطق شاسعة دون أي قتال، ولقد تجلت آخر فصول هذه السياسة الجديدة للتنظيم عبر القرار الذي يفرض مبالغاً مالية على المواطنين في مقابل خدمات الكهرباء والمياه والنظافة، حيث قام التنظيم بتحديد ضريبة مقطوعة بمبلغ 4000 ليرة سورية في الشهر الواحد لقاء هذه الخدمات.

وكان التنظيم في السابق يقوم بجباية الضرائب عن الماء فقط بالنسبة للمنازل، بينما يقتطع ضريبة من أصحاب المحال التجارية مقابل استجرار الكهرباء والماء ورسوم النظافة، وتختلف هذه الضريبة تبعاً لموقع المحل ومساحته وعدد أبوابه، وتتراوح بين 5000 و 20000 ليرة سورية وقد تصل في بعض المحلات إلى قرابة 40000 ليرة سورية شهرياً.

ولكن الجديد حالياً هو اجبار المنازل على دفع تلك الضريبة مقابل خدمات شحيحة يقوم التنظيم بتأمينها للأهالي، فالكهرباء لا تزيد عدد ساعاتها عن ست ساعات في اليوم الواحد، والمياه ملوثة وغير معقمة وتضخ بشكل ضعيف عبر شبكات قديمة ومهترئة، مما يضطر الأهالي إلى استخدام المضخات لضمان وصول المياه إلى الطوابق المرتفعة في الأبنية السكنية.
ولم يكتف التنظيم بذلك فقط حيث بدأ في قطع المياه عن الرقة لعدة ساعات في اليوم، ولقد جاء هذا التصرف عقب اصداره لمنشورات وتوجيهات تحث المواطنين على ترشيد استهلاك المياه وشراء أدوات لتخزينها تحت ذريعة الحرص على تطبيق شرع الله وعدم تبذير نعمه، وتضمن المنشور النقاط التالية:

– ابلاغ رعية أمير المومنيين أنه سوف يبدأ برنامج لتقنين ضخ المياه بالمدينة، وسيكون بمعدل قطع يوم واحد كل ثلاثة أيام.
– زيادة التقنين تدريجياً مع الوقت حرصاً على نشر ثقافة تخزين المياه.
– الاستدلال ببعض الأحاديث التي تحض على عدم الإسراف في استهلاك المياه.

ويبدوا أن التنظيم يسعى من خلال هذا التقنين إلى توفير المزيد من الأموال التي كانت مخصصة لضخ المياه للمدينة، وكذلك الاستفادة من فائض الكهرباء الناتج عن توقيف عمل مضخات المياه من جهة ثانية لتوفير المزيد من النفقات عن كاهل خزينته، علماً أن التنظيم لا يزال يبيع الكهرباء لمناطق سيطرة النظام بينما تغرق مدينة الرقة والأرياف المحيطة بها في ظلام دامس لفترات طويلة من كل يوم.

أما النظافة وهي الخدمة الأفضل حالياً حيث يفرض التنظيم عقوبات مالية على الأهالي الذين يخالفون أوقات رمي القمامة في ساعات محددة من اليوم، واستفاد التنظيم من الآليات المتوفرة في مرآب البلدية وهي بحالة جيدة والتي قامت المجالس المحلية سابقاً بتجهيزها.

وهكذا تحولت معظم القطاعات الخدمية من قطاعات مستهلكة في السابق إلى منتجة، فالتنظيم يستفيد منها لتدعيم خزينته ويحصل على وفر مالي يقدر بمئات الملايين من الليرات السورية لقاء إدارته لتلك القطاعات.