الرقة تُذبح بصمت – سنتان على احتلال الرقة

الرقة تذبح بصمت

اليوم تكون سنتان قد اكتملتا منذ أن انتهت آخر معارك الحفاظ على الرقة في قلب الثورة. سنتان منذ أن خسر أبناءها معركتهم أمام أغراب مجهولين يحملون مخططات غريبة عن الرقة وعن سورية وعن آمال وتطلعات السوريين في العدل والحرية والكرامة.

عامان حافلان بالآلام رأينا خلالهما مدينتنا الوادعة الهادئة نهباً لأحط نزعات الشر والعدوان ومسرحاً تلهو عليه بالقتل والتشنيع والتمثيل بالجثث مسوخٌ بشريةٌ بأجساد شرهة وأنفس مشوهة وعقول مظلمة وأفكار مفوتة.

سنتان والرقة تدفع كل يوم من لحمها الحي قرابين الخلاص، خيرة أبنائها من الثائرين مدنيين ومقاتلين. سنتان أيضاً من النكران والتجاهل لمدينة تكاد تخلو اليوم من أبنائها، فيما يُساق إليها شُذاذ الآفاق من كل حدب وصوب.

سنتان ولا يزال البعض يخشى تسمية ما جرى في الرقة باسمه الحقيقي. سنتان ولم نتفق على أن مدينتنا محتلة وبيوتنا محتلة وأرزاقنا مُصادرة وحرياتنا مقيدة وحقوقنا مهضومة وأبناؤنا مختطفون ونسائنا إماء مسجونات ومتهمات ومعاقبات لأنوثتهن.

سنتان ونحن نخضع لابتزاز المبتزين العاملين لدنياهم وهلاوسهم وطموحاتهم المرضية باسم ديننا جميعاً الذي حولوه إلى مشروع للسلطة والنهب والغلبة القهر.

ما أحوجنا نحن أبناء الرقة اليوم إلى أن نجتمع على كلمة سواء، لا أكثر من حد أدنى مشترك يوحدنا ربما على برنامج عمل مشترك. فلنتفق أن مدينتنا محتلة وبيوتنا محتلة ونسائنا مهانات ورجالنا مكسوري الإباء وشبابنا وأطفالنا إما ضحايا للموت اليومي أو وقود لحروب الجهاديين المهووسين بنهاية العالم وما وراءهم من قوى وأجهزة مخابرات ودول لا تريد لثورة السوريين نصراً.

فلنتفق أننا، وإن تعذر العمل سوية، فلا بأس أن نعمل بالتوازي من أجل أهدافنا المشتركة في تحرير مدينتنا ورؤية سورية حرة سيدة وعزيزة.

فلنتفق أن الاستبداد واحد سواء كان باسم القومية أم الدين، سواء كان استبداد بشار الأسد أم استبداد البغدادي ورهطه أم استبداد تلك النسخ المتكاثرة عن ذات المعين، من ميليشيات البيدا إلى ميليشيات حزب الله وغيره من حاملي الأجندات الضيقة والمجموعات الطائفية بكل تلاوينها ودوافعها وتسمياتها.

فلنتضامن مع أنفسنا أولاً حتى نستطيع أن نطلب من الآخرين التضامن والتعاون معنا. ولنراجع أنفسنا وننبذ خلافاتنا ونوحد رؤانا وجهودنا لننطلق بثقة إلى استعادة مدينتنا وبلدنا.

لنقف مع كل من يكافح ويقاتل من أجل الحرية والكرامة مهما كانت وسيلته في كفاحه بندقية كانت أم كاميرا أم قلم أم إرادة التحدي والبقاء والاستمرار، ما دامت غايته النهائية سورية واحدة موحدة سيدة حرة مستقلة ديمقراطية. فلننتصر لما ضحى من أجله شهداؤنا.

الرحمة والخلود لشهداء ثورتنا. الحرية لمختطفينا وأسرانا ومعتقلينا. الشفاء لجرحانا. والعودة لنازحينا ومهجرينا. المجد للثورة السورية العظيمة.