دمار واسع في الرقة وتدمير للبنية التحتية

خاص – الرقة تذبح بصمت

خلال العام الفائت ونتيجة الغارات التي نفذها كل من طيران التحالف الدولي من جهة وطيران النظام من الجهة الأخرى، فإن حجم الدمار في مدينة الرقة بدأ بالتزايد بشكل ملحوظ، ووتيرة انتشار الدمار تزايدت بشكل كبير مع دخول الطيران الروسي إلى السماء السورية.

فمنذ تحرير مدينة الرقة من قبضة نظام الأسد في مطلع الشهر الثالث من العام 2013 ولغاية شهر أيلول من العام 2014، شن الطيران الحربي التابع للنظام عدد محدود جداً من الغارات قياساً ببقية المدن السورية، وبعد سيطرة تنظيم داعش تلقت المدينة قرابة 60 غارة جوية وأقل من عشرة براميل متفجرة، وبالرغم من ذلك فإن حجم الدمار الذي خلفته هذه الغارات كان محدوداً جداً ولم يكن يلحظ إلا في مناطق معدودة من المدينة، فالبنية التحتية والمؤسسات والمرافق العامة ظلت بعيدة نوعاً ما عن الدمار الذي خلفه القصف وكانت تعمل بشكل جيد، الأمر الذي جعل من المدينة مقصداً للوافدين من المدن السورية الأخرى مثل ( دير الزور – ريف حلب – السخنة – ريف الحسكة ).

بدأ التحالف الدولي بشن أولى غاراته على مدينة الرقة مطلع أيلول من العام 2014، وتميزت تلك الغارات بأنها كانت تستهدف مقار التنظيم والنقاط التي يتمركز بها مقاتلوه بشكل رئيسي، وقد أدت الغارات إلى إحداث دمار كبير جداً في تلك المقرات والتي كانت في معظمها مدارس ومبان حكومية سابقة نذكر منها (المركز الثقافي – مديرية المالية – البنك العقاري ……الخ)، وبالرغم من ذلك فإن الخسائر البشرية نتيجة غارات التحالف الدولي لم تكن كبيرة بالمقارنة مع الغارات التي يشنها طيران النظام رغم أنها أدت في بعض الأحيان إلى سقوط عدد من الشهداء في صفوف المدنيين، بينما كانت غارات النظام موجهة بصورة مباشرة تجاه المدنيين وتطال التنظيم وأفراده ومقراته على سبيل الاستثناء أو الخطأ.

استمر هذا الحال إلى منتصف شهر أيلول من العام 2015 حيث بدأ الطيران الروسي بشن أولى غاراته على المدينة وذلك قبيل الاعلان بشكل رسمي عن بداية التدخل الجوي الروسي في سوريا، تجاوز عدد الغارات الروسية 300 غارة جوية نجم عنها دمار كبير وغير مسبوق في المباني والممتلكات العامة والخاصة، وقد تميزت تلك الغارات بعدة أمور نذكر منها:

1- حجم الدمار الذي تسببه الصواريخ الروسية كبير للغاية، ويعادل 5 الى 6 أضعاف حجم الدمار الذي تسببه صواريخ طيران النظام.
2- حجم الحمولة التي تحملها تلك الطائرات أكبر من حجم حمولة طيران النظام.
3- دقة الإصابة للهدف ليست كبيرة وتحمل الكثير من الاخطاء، وتتشابه في هذه النقطة مع طيران النظام.
4- أماكن استهدافها هي الأسواق الشعبية والأحياء المدنية، الأمر الذي يهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين.
5- تنفيذ الغارات الليلية والنهارية، بعكس طيران النظام الذي كان يقوم بالغارات النهارية فقط.
6- تدمير كامل للبنية التحتية والمرافق العامة والأهداف المحرمة دولياً مثل الطرق والجسور والمشافي ومحطات المياه والكهرباء.
7- تحاشي استهداف التنظيم وأرتاله العسكرية، في خطوة مشابهة لما يقوم به نظيره السوري.

من جهة أخرى تسببت الغارات الروسية بعشرات المجازر في الرقة، حيث خلفت قرابة الألف شهيد ناهيك عن ثلاثة أضعاف هذا العدد من المصابين كثير منهم باتوا يعانون من إعاقات دائمة.

ويقول فايز (وهو اسم مستعار لأحد الشباب داخل مدينة الرقة) لحملة الرقة تذبح بصمت: “لم نعد نعرف المدينة، فلقد تغيرت كثيراً خلال العام الفائت، دمار كبير للغاية أينما نظرت، لم يعد هنالك حي لم يتعرض لغارة جوية، لا يوجد شارع يخلوا من مظاهر الدمار، كما أن هناك مناطق عديدة باتت متشابهة ولا تستطيع أن تميز بها أي شيء من حجم الدمار، مثل شارع 23 شباط والاماسي، شارع المجمع، الفردوس.. الخ.” ويتابع: “حجم الدمار أصبح كبيراً وخصوصاً الدمار الذي لحق بالناس فالتنظيم يحاول تدميرهم من الداخل وتحطيم كل شيء جميل كانوا يحملونه، والطيران يكمل على ملامح المدينة ويزهق ارواح من تبقوا فيها.”

وفي سياق متصل، تشهد الرقة منذ قرابة 3 شهور موجة نزوح باتجاه ريف الرقة عله يحمل لهم شيئاً من الامان، لأن أي فكرة للنزوح خارج الرقة تعني الموت المحتم فلقد خسرت المحافظة عشرات الشبان الذين فقدوا أرواحهم وهم يحاولون الخروج من الرقة إلى مناطق أخرى، سواءً بألغام التنظيم أو بنيران الاشتباكات بينه وبين الجهات المتصارعة معه، أو بنيران الجيش التركي (الصديق).  ويقول أحد شبان مدينة الرقة: “هنا يصح قول الشاعر فاروق جويدة (هذي بلادٌ.. لم تعد كبلادي) فالدمار غير ملامح شوارعها، والتنظيم غير هيئة أبنائها، والأصدقاء باتوا بين مهجر ومهاجر وقتيل وشهيد وآخر غريق .