قصف مصادر داعش النفطية لا يأتي ثماره

خاص – الرقة تذبح بصمت

ركز طيران التحالف الدولي والطيران الروسي خلال الاسبوعين الماضيين على استهداف حقول النفط والمراكز البدائية لتكرير المحروقات بالرقة، بالإضافة إلى استهداف القوافل والشاحنات التي تنقل النفط الخام من الحقول إلى مراكز التكرير المعروفة باسم “الحراقات”.

آبار النفط

تنتشر حقول النفط التي يسيطر عليها تنظيم داعش في كل من ريف حمص ودير الزور والحسكة وريف الرقة بسوريا، ويتم استخراج النفط من تلك الحقول بطرق بدائية, وأحياناً يوكل التنظيم عملية بيع النفط إلى متعهدين خاصين يرتبطون به بصورة مباشرة، ولا يقوم التنظيم بتعيين شخصيات تتمتع بمكانة متقدمة في صفوفه فيما يتعلق بإدارة القطاع النفطي، حيث يكتفي بمراقبة الانتاج وضبط الأموال التي يدرها هذا القطاع.

وقد ازدادت كمية الأموال التي يجنيها التنظيم بعد سيطرته على مساحات واسعة من العراق، نتيجة ازدياد عدد الآبار النفطية الواقعة تحت نفوذه وسيطرته، وقد عمد التنظيم إلى الاستفادة من خبرات الكادر الفني والوظيفي الذي كان يعمل سابقاً في القطاع النفطي، حيث بادر إلى إعادة عدد من هؤلاء الموظفين ليقوموا بإدارة الحقول الجديدة.

ومن جهة أخرى، فقد حافظ التنظيم على إبقاء الإتصالات وبعض العلاقات مع وزارة النفط التابعة للنظام السوري، من خلال إبقاء بعض الموظفين الذين لا يزالون مرتبطين بشكل مباشر بالوزارة المذكورة، فعلى سبيل المثال فقد حافظ التنظيم على انتاج الغاز من حقول دير الزور وريف حمص وضمان توصيلها إلى مناطق النظام مقابل حوالات مالية يلتزم هؤلاء الموظفون وبعض الوسطاء باستمرار تدفقها على خزائن التنظيم، ومن جهته فقد تعهد النظام بإرسال مستلزمات إصلاح الكهرباء وصيانة السدود وقسم من الكهرباء التي تنتجها المحطة الحرارية بحلب، والتي تعتمد بدورها على الغاز الذي ينتجه التنظيم ويقدمه للنظام لتكتمل هذه السلسلة الاقتصادية التي يديرها الطرفان.

مراكز تكرير النفط البدائية ( الحراقات )

هذه المراكز مملوكة بصورة مباشرة من مدنيين غير مرتبطين في الغالب بالتنظيم، وبعضها تعود ملكيته إلى عناصر من التنظيم الذين يملكون هذه الحراقات بشكل شخصي. ويقوم التنظيم بفرض الضرائب على هذه المراكز التي تدر مبالغ لا يستهان بها من الأموال على خزائنه.

وقد تطورت هذه الحراقات بدرجة كبيرة بسبب عدة عوامل، منها المنافسة التجارية التي تنعكس من خلال جودة الانتاج وكميته.

وفي سياق آخر، فقد فرض التنظيم بعض القيود والشروط على أصحاب هذه الحراقات من أجل ضمان تقليل كمية الانبعاثات الدخانية والتي تسببت في حدوث تلوث ملحوظ في البيئة، وخصوصاً في كل من ريف دير الزور ومنطقة المنصورة بالرقة.

سيارات نقل المحروقات

وتقسم الى قسمين:

أ‌- الشاحنات التي تنقل النفط الخام من العراق عبر صهاريج كبيرة إلى مراكز التكرير بالرقة ودير الزور، ومن ثم تنقل المحروقات المنتجة بعد عملية التكرير إلى العراق مرة ثانية، وبعض هذه الشاحنات مملوكة من قبل التنظيم بشكل مباشر والبعض الآخر مملوك من الأهالي.

ب‌- الشاحنات التي تنقل النفط من الآبار الموجودة في سوريا الى مراكز التكرير، وجميعها مملوكة من قبل الأهالي بصورة رئيسية، ويتقاضى أصحاب هذه الشاحنات أرباحاً جراء بيع النفط المنقول من الآبار إلى مراكز التكرير، أو لدى بيع المحروقات المكررة إلى مراكز البيع المنتشرة في مختلف مناطق سوريا.
وبدوره يقوم التنظيم بفرض الضرائب المتنوعة على تلك الشاحنات، والتي تشمل مختلف المراحل التي تمر بها عملية استخراج النفط ونقله وتكريره وبيعه للمواطنين أخيراً، بدءاً من الضرائب المفروضة عند البئر إلى الضرائب المتعلقة باستخدام الطرقات والضرائب الخاصة بالزكاة.

وفي المجمل فإن القصف الذي تكرر خلال الأيام الماضية قد اقتصر تأثيره على عزوف التجار عن شراء النفط من التنظيم نتيجة استهداف الشاحنات التي تنقل النفط على الطرقات. أما بالنسبة للحقول النفطية فإن عمليات استخراج النفط لم تتأثر بشكل كبير لأن الاستخراج يتم بطرق بدائية، وقصف هذه الابار لن يعود بالضرر المرجو على التنظيم ودورته المالية المرتبطة بالقطاع النفطي.

ومن جهة أخرى، فإن هذا القصف الجوي لن يأثر على مصادر التنظيم من المحروقات التي يعتمد عليها في تشغيل آلياته وعرباته العسكرية، وذلك لأن التنظيم يعتمد في هذا الصدد على المحروقات القادمة من مناطق سيطرة النظام في سوريا، والتي تتميز بأنها تحافظ على تلك الآليات نظراً لجودتها العالية، بينما يتم توزيع المحروقات المكررة يدوياً على المدنيين فقط، بعيداً عن التنظيم الذي لا يستخدمها إلا للأغراض الخدمية والشخصية من قبل عناصره، ولا يعتمد عليها بالمطلق في تسيير الماكينة والترسانة العسكرية التي يمتلكها.

التعليقات مقفلة.