ناشونال إنترست: كيف تنعكس الانقسامات بين تنظيمي الدولة والقاعدة على مستقبلهما؟

يقول الكاتب كولين كلارك إن الآثار المترتبة على الانقسام بين تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة أدت إلى منافسة اعتبرها الطرفان صفرية في طبيعتها، إذ يشير التقدم الذي تحرزه إحدى هاتين المجموعتين إلى خسارة للطرف الآخر.

ويضيف الكاتب -في مقال نشرته مجلة “ذي ناشونال إنترست” الأميركية- أن أحد الدوافع الأساسية لمثل هذه المنافسة الساخنة بين التنظيمين هو أن أيديولوجية وأهداف كل من المجموعتين متشابهة إلى حد كبير.

ويشير كلارك إلى أن تنظيم الدولة عاد إلى مستويات العنف القصوى بوصفها وسيلة لتمييز نفسه عن منافسيه، بما في ذلك تنظيم القاعدة. ويضيف أن كلتا المجموعتين تحاول تجنيد مقاتلين من الأوساط نفسها، والتأثير على الأنصار في المناطق نفسها.

اختلافات رئيسة


ويقول الكاتب إن الاختلافات الرئيسة بين التنظيمين تتمثل في سعي تنظيم الدولة إلى خلق ما يراه “خلافة” على جدول زمني اعتبره تنظيم القاعدة سابقا لأوانه، كما أن تنظيم الدولة اتبع أجندة طائفية أكثر بكثير في محاولته لتحقيق هذا الهدف.

ويضيف الكاتب أن الانقسام نفسه حدث في المستويات القيادية لهاتين المجموعتين، ولذا فإن أحد أكثر الأسئلة إثارة للاهتمام هو، إلى أي مدى يهتم المقاتلون والقادة من المستوى المتوسط فعليا بالنزاع الداخلي والنزاعات الإستراتيجية السابقة؟

ويجيب أنه بالنسبة إلى بعض المقاتلين في هذه المستويات، فهناك تشابه واضح للنزاعات مع عصابات الشوارع، حيث يقوم أعضاء هذه العصابات بتمييز أنفسهم من خلال ارتداء ألوان معينة، وبالتقليل باستمرار من قيمة خصومهم عن طريق نشر مقاطع فيديو تهدد المنافسين وتسخر منهم.

خلاف وانقسامات


ويشير الكاتب إلى أن مرارة الخلاف والانقسامات ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قام القادة من كل جانب باستعجال إلقاء اللوم على الآخرين.

ويقول إن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري نفسه هو أول من بدأ بشن هجوم على تنظيم الدولة، معتبرا إياه منحرفا عن منهجية القاعدة.

ويضيف الكاتب أن العلاقة بين الطرفين قد حُكم عليها منذ البداية، إذ كان ينظر دائما إلى المجموعة التي شكلها وقادها أبو مصعب الزرقاوي -الذي ناضل بقوة للحفاظ على استقلالها والتي ستصبح لاحقا تنظيم الدولة- على أنها عنصر مارق.

ويرى كلارك أنه حتى بعد أن تعهد الزرقاوي بالولاء لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بقي يتجاهل التوجيهات من القيادة الأساسية للقاعدة واتبع أجندة طائفية بشكل صارم، على أمل إشعال حرب أهلية بين السنة والشيعة في العراق أولا، ثم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

تنديد وتجاهل
ويضيف الكاتب أن إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها تنظيم القاعدة لتقديم نفسه على أنه أكثر عدالة، تمثلت في التنديد بالطائفية الصارخة، والعمل على إقناع “القاعدة بالعراق” بالتخلي عن الطائفية باعتبار ذلك مبدأ إرشاديا.

ويستدرك أن الزرقاوي تجاهل رسالة الظواهري التي صاغها له في يوليو/تموز 2005، الأمر الذي عزز من سمعة القاعدة في العراق باعتبارها منظمة قاسية لدرجة يكاد العنف يكون غاية بحد ذاته.

ويقول صاحب المقال إنه على الرغم من أن ظهور تنظيم الدولة في مرحلة ما كاد يهدد وجود القاعدة، غير أنه أتاح الفرصة للأخيرة التي ارتأت أن تصور نفسها على أنها قوة شرعية وقادرة ومستقلة في سوريا، وأن تثبت أن المسلحين كرسوا أنفسهم لمساعدة السوريين في الانتصار في نضالهم.

ويشير إلى أنه بعد أن تلاشى حلم تنظيم الدولة في إنشاء “دولة خلافة” قد يكون تنظيم القاعدة هو المجموعة الوحيدة التي يُنظر إليها على أنها قادرة عسكريا على تحدي قبضة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على السلطة.


البعض ينظر للقاعدة على أنها كيان مستعد للعمل مع السكان المحليين ويمتلك الموارد اللازمة لتوفير بعض مظاهر الحكم (رويترز)

مناطق النزاع


يقول صاحب المقال إنه ينظر للقاعدة على أنها كيان مستعد للعمل مع السكان، ويمتلك الموارد اللازمة لتوفير بعض مظاهر الحكم.

ويضيف أنه على عكس تنظيم الدولة، فإن القاعدة على استعداد للعمل مع مجموعات أخرى، كما كانت تفعل في سوريا، كما أبدت القاعدة ميلا للتعاون فيما وراء مناطق النزاع المباشر، كما يتضح من خلال التعاون التكتيكي مع سلطات إيران.

ويؤكد الكاتب أن أكثر القضايا إثارة للجدل داخل التنظيمين تمثل فيما يسمى “الجدل القريب مقابل البعيد” حول الأعداء الذين يجب أن يركز المسلحون أكبر جهودهم في قتالهم، أي هل يقاتلون أنظمة الحكم المحلية أو يهاجمون الغرب؟

ويشير إلى أن تنظيم الدولة كان يتصرف باستمرار بصفته جيش قهر، وذلك بدلا من التعاون مع السكان المحليين، فضلا عن فرضه ضرائب عليهم وابتزازهم والتشديد عليهم، وكان التنظيم يواجه الزعماء المتشددين المحليين بدلا من العمل معهم.

ويلفت صاحب المقال إلى أن تنظيم الدولة اعتمد على الوسائل التقليدية للحرب، بما في ذلك المدفعية والدبابات.

ويخلص إلى أن التغيير الأكثر إثارة للاهتمام في سلوك القاعدة منذ وفاة بن لادن هو أن الجماعة لم تعد مهووسة بضرب الغرب، إذ أصدر الظواهري أوامر صارمة لزعيم جبهة النصرة “أبو محمد الجولاني” بعدم استخدام سوريا منصة لمهاجمة الغرب.

المصدر : ناشونال إنترست,الجزيرة