الرقّة واقعٌ تعليميّ متردّي



مع مرور شهرٍ على بدايةِ العامّ الدراسيّ الجديد في سوريا عموماً والرقّة على وجه الخصوص التي خرجت من قبضة تنظيم”داعش” ووقعت بيد ميليشيا ” قسد” لا يزال واقع التعليم في المحافظة متردّياً بعد عامين من سيطرة الميليشيا.


فلا زالت المدارس شبه قائمة بعدما لحق بها القصف من قِبَل طيران التحالف فحوّلها إلى دمارٍ، حيث أنّ نسبة 44% من المدارس قد تعرّضت للدمار والخراب نتيجة المعارك ضدّ تنظيم ” داعش” كما تعاني 88% منها من نقص المعَدَّات الدراسيّة، وتفتقد 61% منها لأساسيّات التعليم من مواد ومعلّمين، فهناك نحو 5 آلاف مدرّس و مُدرِّسة فقط، كما ويزيد عن 235 ألف طفل بعمر الدراسة بحاجة إلى مساعدة من أجل إكمال تعليمهم ، فنصف هؤلاء الأطفال هم بين 12-6 عاماً، و12% ممّن هم بين ال 17-13 عاماً يتلقّون التعليم، فيما اضطرّ 35% منهم للعمل والحرمان من الدراسة، إذ يعاني 41% منهم من مشاكل صحيّة حالت دون عودتهم إلى المدرسة.


هذا وقد قام بما يُعرَف بالمجلس المدنيّ بترميم 322 مدرسة يسمح كحدٍّ أدنى للطلاب بالحضور، كما ويعمل على تأهيل 21 مدرسة إضافيّة لتتسع المدارس إلى 130 ألف طالب في المحافظة.
المدارس تمّ إغلاقها منذ عامّ 2014 بُعيد سيطرة تنظيم داعش على الرقّة لتبقى مُغلقة على مدار 4 سنوات في سعيٍ من التنظيم آنذاك لضمّ الأطفال إليه وتجنيده ضمن صفوفه.


وبعد سيطرة ميليشيا “قسد” على الرقّة لا يزال عجزها واضحاً في تسيير أمور المدينة وتوفير الخدمات الأساسيّة لها، وتعاني الرقّة من نقصٍ في الكوادر التعليميّة حيث انقسم المعلمون ما بين لاجئين في بلاد المهجر، أو من وضع نفسه تحت التصرّف في مناطق النظام خوفًا من المساءلة.
ولكن يبقى هناك من يجب عليه أن يراهن على ضرورة إكمال التعليم ألَا وهم الأهالي، فلا يجب أن يقفوا موقف المتفرِّج ممّا يحصل في تسيير العمليّة التعليميّة على هوى سلطة الأمر الواقع، فلا بُدّ من تحييد هؤلاء الطلبة عن درب الجهل الذي يسوقهم نحو طمس هويّتهم و ثقافتهم إذ أنّ كثيراً ممّن هم في عُمر الدراسة إمّا أنّه يعمل في مهنة التعفيش، أو سلك طريق عملٍ آخر وتحصيل المال بجهودهم الفرديّة نتج عنه عزوف كثير منهم عن جادّة التعليم.


يُذكر أنّ المدارس لم تتعرّض لهجمات طيران التحالف فقط ، بل سبقها في ذلك طيران نظام الأسد، والطيران الروسيّ، ولا يزال يذكّرنا كلُّ بداية عام دراسيّ بالمجزرة التي ارتكبها طيران النظام في مدرسة ” ابن الطُفيل” التي راح ضحيّتها أكثر من 20 طالب وطالبة، وذلك بعد تحرير محافظة الرقّة من النظام الأسدي سنة 2014، هذا ما عدا المجازر التي ارتُكبت بحق اللّاجئين الذين اتّخذوا من المدارس مأوىً لهم، فكانت مجزرة المنصورة التي ارتكبها طيران التحالف بحقّ اللّاجئين من مدنٍ سوريّة شتّى، وهاهي اليوم الحرب التركيّة ضدّ ميليشيا” قسد” ينتج عنها نازحين من أبناء الريف الشماليّ اتّجهوا إلى الرقّة بحثاً عن مأوى ولكن المدارس كما البيوت تدمّرت بفعل طيران التحالف والحليف المُباع ” قسد” فلم تعُد تصلح للعلم والتعليم فحسب بل حتّى أن تكون ملجأً مؤقتاً.