المقابر الجماعيّة في الرقّة ظاهرةٌ يوميّة

الرقة تذبح بصمت


لا يكاد يمرُّ يوم على الرقّة السوريّة دون العثور على مقبرة جماعيّة والتي يعود قسم منها إلى الأشخاص الذين أعدمهم تنظيم داعش سواءً بشكل ميدانيّ في ساحات المدينة، أو داخل سجونه من عناصر الجيش الحُرّ وذلك خلال معاركه معهم قُبيل سيطرته على الرقّة في يناير 2014، أو ممّن أعدمهم بشكل فرديّ وغاليبتهم ممّن كان رافضاً لسياسة التنظيم القمعيّة، بالإضافة إلى الأسرى والرهائن الأجانب من الصحفيين أو من يعملون في المجال الإنسانيّ.
أمّا القسم الآخر من تلك المقابر فيعود إلى من قضَوا تحت قصف التحالف الدوليّّ، والتي يعود قسم كبير من تلك المقابر لأبناء الرقّة المدنيين، فيما يعود القسم المتبقيّ لعناصر تنظيم داعش، إذ لم يعد بإمكان الأهالي دفن موتاهم في أماكن الدفن المخصّصة، حيث اضطرّوا إلى دفنهم إمّا في حدائق المنازل، أو الحدائق العامّة، أو الساحات الخالية.
واليوم وبعد عامّ على سيطرة ميليشيا “قسد” على الرقّة لا تزال الكثير من الجثث تحت الأنقاض، ورائحة الموت لاتزال تملأ المكان، في ظلّ تباطؤ تحرّك ما يُسمّى “المجلس المدنيّ”، فكان لإهماله دور في انتشار الأمراض والأوبئة، وتزايد ظاهرة الكلاب المسعورة، والتي باتت تهدّد حياة المدنيين، وذلك لتغذّيها على بقايا الجثث، ويُذكر أنّ المجلس قد تلقّى دعماً من الدول الداعمة للتحالف بغية رفع الأنقاض، وإزالة الألغام، وانتشال الجثث من الشوارع، إلّا أنّ استجابة المجلس لا تزال تراوح في مكانها، فيما يقوم فريق الاستجابة الأوّليّة بالعمل على استخراج الجثث بشكلٍ يوميّ في ظلّ ضعف الإمكانات وذلك للأسباب المذكورة آنفاً، وهو فريق مُشكّل من 30 عامل، ومُزوّد بمعدّات وآلات لانتشال الجثث، إلّا أنّ العمل لايزال في مرحلة متأخِّرة، وأنّ هذا التأخير سيزيد من فرص انتشار أمراض خطيرة وقاتلة كالطاعون، مع إمكانيّة انتقال هذه الأمراض إلى الماء وبالتالي تصبح أمراضاً مستعصية، في ظلّ واقعٍ طبّيّ صعب ومتردّي، تعيشه المدينة المنكوبة.
هذا وقد قام فريق الاستجابة باستخراج الجثث من عدّة أماكن عامّة كالملعب البلديّ، والأزقّة، والحدائق، والبانوراما جنوب الرقّة، والذي يُعتبر أكبر المقابر الجماعيّة حيث يتمّ بين الفينة والأُخرى انتشال العديد من الجثث، فقد تمّ اكتشاف مقبرة جماعيّة بتاريخ 11 آب 2018، ليتمّ اكتشاف آخرها يوم الإثنين 3 أكتوبر، وكانت تضمّ جثثًا لعناصر التنظيم ممّن قضَوا بطيران التحالف، وبحسب مصدر طبّيّ في المدينة فإنّه يوجد مايُقارب من 1000-1500 جثّة في مقبرة البانوراما.
ولاتزال عمليّات انتشال الجثث متواصلة من قِبل الفريق ووصل العدد قرابة ال3000 وتعود غالبيّتها للمدنيين.


Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".