مصطفى العبود – شهيد من الرقة

الرقة تذبح بصمت

لأنّهم ليسوا أرقاماً مجردة للتوثيق، هم إناس لهم قصص، لهم أصدقاء وأمهات وزوجات وحبيبات، أحبوا الحياة ،لكنهم أحبوا الكرامة أكثر، رفضوا الذل والخنوع، نسرد قصصهم حتى لا تنسى فللشهيد حق علينا في ذكره، ليعرف الجميع والتاريخ أي تضحية قدٌمت لنيل حرية السوريين، وأي نظام فاشي قارعنا.

مصطفى العبود من مواليد 1980 الرقة، كان ككل شباب سوريا يحلم بغد أفضل لسوريا، وحين بدأت الثورة السورية كان من أوائل المتظاهرين في المدينة، محله مقابل الحديقة البيضا ملتقى لمعظم شباب الثورة، عُرف بأخلاقه العالية وشجاعته.

في تاريخ 15-3-2012 خرج الشهيد مصطفى في تشييع الشهيد علي البابنسي وفي مقبرة تل البيعة أمام قبر الشهيد علي بابنسي سأل ربه الشهادة أمام معظم الموجودين ثم رجع مع المتظاهرين لكسر صنم الطاغية حافظ الأسد في ساحة المحافظة وأثناء المظاهرة قام بنزع بطاقة الذاكرة من هاتفه وأعطاها لأحد أصدقائه طالباً منه فتحها ليلاً، وأثناء اقترابه من ساحة المحافظة اخترقت رصاصتان جسده ،ارتقى على إثرها في عداد شهداء ذلك اليوم، المفاجئة كانت إنه وضع وصيته في بطاقة الذاكرة والتي كان قد كتبها قبل عدة أشهر، فنُشرت كما هي احتراماً لروح الشهيد وفي ما يلي نص الوصية :

“وصيتي لكم كتبتها بتاريخ 15/11/2011 الساعة 3:45م
بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد
الخلق نبينا وحبيبنا وسيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم

أنا العبد الفقير الضعيف : مصطفى عبدالله العبود .
هذه وصيتي لكم لأنني لم اعد , اتحمل ظلم هذا النظام الفاجر الذي استباح العباد والبلاد ..

{هي أمانة واستردها صاحبها(الله عز وجل)}
زوجتي الحبيبة سامحيني .. لأنني كنت دائماً على خلاف معك بخصوص خروجي في المظاهرات لاقول كلمة الحق .. واعرف انك كنتي من مودتك وخوفكي علي .. ولكن احمدي الله وكوني زوجة صالحة وصابرة بقضاء الله وقدره .. والاولاد أمانة في عنقك أعطيهم ما يحتاجون ولا تقصري معهم ..
أمي الغالية امسحي دموعك ولا تحزني فإن شاء الله أنا الآن في رياض الجنة مع من سبقني من الشهداء، حبيبتي يا غالية سأكون شفيعا لك ولأحبابي فارفعي رأسك أمام العالم كله لأن الله أكرمك بشهيد سقى بدمائه جذور الحرية………
أخوتي الاعزاء الاوفياء امسحو دموعكم وكنوا أقوياًء كما عهدتكم ،هذا هو الامتحان الصعب الذي سيمر بأغلبية الناس فكنوا صابرين راضين بقضاء الله وقدره ….. عهداً سأشفع لكم يوم القيامة ان شاء الله .

(لكم الله يا نور عينيي)
أقربائي أحبتي أصدقائي الأوفياء رجائي ان تسامحوني إن أخطأت بحق أحدكم يوماً وأكملوا درب الحرية إن لم يكن من أجلكم فليكن ذلك من أجل أولادكم وشهدائكم الذين سقطوا لإعلاء كلمة الحق ووقف الفساد والظلم الذي انتشر في أرجاء سورية الحبيبة…………/
لا تيأسوا ولا تتوقفوا فالنصر لهذا الشعب العظيم وهو آتٍ لا محال
كونوا إخوة فيما بينكم ولا تختلفوا وكونوا عوناً لبعضكم وحدوا صفوفكم واجمعوا كلمتكم.
لا تنسوا الصلاة والدعاء فهي سلاحنا وليس لنا إلا الله حافظوا على انا تموتوا على الإيمان فلا يعرف أحدٌ بأي أرض يموت.
إخوتي يا نبض قلبي اصبروا وصابرو………. فلا تفقدوا صوابكم وتصرفوا بحزم فأنا شفيعكم بإذن الله
لا تنسوني ولا تنسوا من قبلي …… اجعلونا في ذاكرتكم دوماً وبارك الله لكم بأعماركم

ومبارك لكل من سيحضر الاحتفال عند اسقاط الطاغية المجرم الذي سيحاسبه أمثالي يوم القيامة

15/11/2011
3:45″