” حلف فضول ” دولي ضد الإرهاب !!

مصطفى الجرادي

لم تمض ِ أيام أو ساعات بُعيد مقتل الصحفي الأمريكي ” جيمس فيولي ” المختطف في سورية لدى تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش ” ، حتى قطع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إجازته نظراً لهذا الحادث الجلل ، جريمة قتل فيولي كانت مصورّة ً وبها العديد من الرمزيات والرسائل التي أراد القاتلون إيصالها بدءاً من البزّة التي كان يرتديها القتيل وصولاً إلى الكلمات التي وجهها المغدور إلى أهله وحكومته ؛ إلى أن سلّم رأسه بكل دعة واطمئنان ليد قاتله التي تؤكد أغلب التحريّات الاستخباراتية والتقارير الصحفيّة أنّه يحملُ الجنسية البريطانية وينتمي إلى أحد إلى أحد أحياء العاصمة لندن غالباً . يشيرُ الكاتب الصحفي الأمريكي البارز توماس فريدمان الذي حاور الرئيس الأمريكي في مكتبة  , البيت الأبيض ونُشر الحوار في الـ ” نيويورك تايمز” إلى الهموم التي بانت على مُحيّا الرئيس عندما يقول : ” يبدو أن لون شعر الرئيس باراك أوباما أصبح هذه الأيام أكثر بياضا، ولا شك أن محاولة إدارة السياسة الخارجية في عالم تتزايد فيه الاضطرابات مسؤولة عما لا يقل عن نصف تلك الشعرات الرمادية ” بعد اقتحام ” داعش ” للعراق وسيطرتها على مساحة واسعة منه، ثم تقدمه باتجاه إقليم كردستان وتهجيره لمسيحيي الموصل وحصاره لاتباع الطائفة ” الإيزيدية ” في جبل سنجار استفاق العالم أخيراً من سباته العميق وقرّر تشكيل حلف لدحر الإرهاب الذي تعاظم خطره وأصبح يهدد مصالحه الحيويّة . أولى معالم هذا التحالف حددّها الرئيس الأمريكي في معرض  حواره مع توماس فريدمان عندما قال له : ” عندما يكون لديك ظرف فريد من نوعه يخشى فيه من الإبادة الجماعية، وتكون دولة ما ترغب في وجودنا هناك، ويكون لديك إجماع دولي قوي بأن هذا الشعب في حاجة إلى الحماية، وتكون لدينا القدرة على فعل ذلك، إذن سيكون لزاما علينا القيام بذلك”. ، فالتحرك والإجماع الدولي برأي أوباما أساسهُ حماية الأرواح والشعوب من الإبادة الجماعية والقدرة المتوافرة ، لكنّ من هم الشركاء الفعليين في دحر الإرهاب وعدم تمكين  ” داعش” من إقامة خلاقتها في العراق وسورية هو ما لم يحدده ُ الرئيس الأمريكي . فهو لايزال يصرُّ على أنّ عدم تسليح الثوار السوريين العلمانيين الذين ينحدرون من بقايا  (أطباء وصيادلة ومزارعين سابقين ) كان أمراً صائباً لأنّهم ما كانوا ليستطيعوا مقاومة دولة ذات تسليح جيد ومدعومة من روسيا وإيران وحزب الله المتمرّس في القتال كما أردف الرئيس الأمريكي و تدريب هؤلاء الثّوار العلمانيين وتسلحيهم أمرُّ غاية في الصعوبة.
بالعودة إلى الحلف الدولي المزمع تشكيلهُ لمقارعة الإرهاب يضيف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مقابلته مع صحيفة اللوموند ” انه سيقترح في شهر ايلول/سبتمبر مبادرة حول الامن في العراق ومحاربة تنظيم “الدولة الاسلامية” فيما يقرُّ بأنّ الوضع الدولي هو الأخطر اليوم، بينما يشدّد قائلاً : “علينا أن نضع استراتيجية شاملة ضد هذه المجموعة التي باتت تشكل كياناً منظماً، ولديها الكثير من التمويل، واسلحة متطورة جداً،  وتهدد دولا مثل العراق وسوريا ولبنان” ، وتتبِعهُ المملكة العربية السعودية بعقد مؤتمر مجموعة أصدقاء سورية على أراضيها لبحث تطورات الوضع فيها وتصاعد خطر التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ، ومن الجدير ذكره بأنّ العربية السعودية قدّمت منحة بقيمة 100 مليون دولار لمكافحة الإرهاب وهبة ً للجيش اللبناني بقيمة بليون دولار للشأن عينه .
اكتملت أضلاع الحلف الدوليّ ومسوغاته ومبرراته ، الكلُّ متفق على دحر الإرهاب ومقاومة  خطر استفحاله ، و دول المنطقة تبحث عن دور هام فيه من إيران إلى تركيا مروراً بالنظام السوري الذي يريد ركوب الموجة والمزاودة على الغربيين في حرب الإرهاب، سنينُ مضت والشعب السوري يتعرّض لشتّى صنوف الإبادة الجماعية والموت بكل الأسلحة التقليدية والصواريخ البعيدة المدى وصولاً إلى الأسلحة الكيميائية والعالم ذاهل صامت “كأنّ على رأسه الطير”، لم  يتداعى هذه العالم لنجدة هذا الشعب الذي تُرك ليواجه أعتى أنواع إرهاب الدولة المنظّم والمدعوم روسياً وإيرانياً ، بل زاد الطين بلةً دخول تنظيم ” داعش ” الذي قطّع رؤوس أبنائه وغيّب خيرة شبابه بين معتقل ومخطوف ومطارد ؛ لا بل قام بقطع ” 700″ من أبناء عشيرة  “الشعيطات” في دير الزور في يوم واحد، لكنّ رأس فيولي تحرّكُ ضمير العالم وتجبرُ الجميع  على التوحدّ لدحر الإرهاب ..!! .
أطلقُ على هذا الحلف وأعني الحلف الدولي الجديد لمحارية الإرهاب اسم ” حلف الفضول ” تهكماً وسخرية ً من مرارة واقعنا نحن بني السورييّن ، وحلف الفضول كما تشيرُ المصادر التاريخية هو أحد أحلاف الجاهلية الأربعة التي شهدتها قريش، وقد عقد الحلف في دار عبد الله بن جدعان التيمي القرشي أحد سادات قريش وذلك بين عدد من عشائر قبيلة قريش في مكة، وذلك شهر ذي القعدة سنة 590 م بعد شهر من انتهاء حرب الفجار بين كنانة و قيس عيلان. وقد شهد النبي محمد (ص) هذا الحلف قبل بعثته وله من العمر 20 سنة، وقال عنه لاحقاً: «لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت» .
فالأحلاف الدوليّة يجب ُ أن تنصر المظلومين أينّما ما كانوا وأيّما كانت ديانتهم أو أعراقهم ، لا أن يهددُ الإرهاب الذي استفحل في سورية والعراق بمعرفة كلِّ القوى الدولية وتحتْ أعين مخابراتها والقوى الإقليمية الفاعلة بالمنطقة المصالح الحيويّة للقوى الغربية و كيانات دول المنطقة حتى يستنفرَ العالم قواهُ وعزيمته لحربه بعد أن تمكّن وازدادت شكيمته وقوته ، ويشكّل الأحلاف والتكتلات لدحر خطره المتعاظم والمتنامي ، على من يريد القضاء على الإرهاب أن يدرج نظام دمشق على أولوياته لأنّه هو من سمح لقوى الإرهاب أن تستفحل على الأرض السوريّةوتغاضى عنها علّها تقضي على معارضيه وتقدّم له الحجة البينة بأنه يحارب التكفيرين لا مواطنيه الذي طلبوا حقهم في الحريّة والحياة .

Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".