نزوح أهالي الريف الشرقي للبادية بحثاً للأمان 

الرقة تذبح بصمت

يعيش أهالي ريف الرقة الشرقي، حالة من الخوف المتزايد، نتيجة حالة الضياع حول ماهية المسيطر على منطقتهم بعد تنظيم داعش، فمع تقدم مليشيات الأسد نحو مناطقهم، وفتح مليشيا سوريا الديمقراطية الطريق لها، واشتداد قصف طيران القوات الروسية على مناطقهم، والتي أجبرت أهالي قرى “شنان، الرحبي، السبخة، الشريدة، المغلات” على النزوح نحو منطقة الزور والبادية، لتبدأ تلك العوائل بإقام مخيمات صغيرة لم تسلم هي الأخيرة من استهداف الطيران الحربي التابع للنظام والروس، حيث استهدف الطيران الروسي مخيم الرحبي بالقنابل العنقودية خلال الأيام الثلاث الفائتة، مخافاً العديد من الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين.

هذا وتحاول غالبية أهالي تلك القرى، الوصول نحو ريف الرقة الغربي أو العبور من خلال نهر الفرات إلى الضفة الشمالية ضمن مناطق سيطرة مليشيا قسد، هرباً من الموت الذي تحمله معها مليشيات النظام وطيرانه، فينا تم توثيق استشهاد ثلاثة أطفال، أثناء محاولة عبور نهر الفرات نتيجة غرق قاربهم، وبحسب الأهالي فإن تكلفة العبور نحو الضفة الأخرى، بلغ ١٠٠ ألف ليرة سوريا للشخص الواحد، أو خاتم ذهب للنساء، حتى المواشي يتوجب دفع المال من أجل السماح بعبورها، ناهيك عن مصادر عدد من السيارات الخاصة بالأهالي وفقدان العديد من الأشخاص، فيما يطالب أهالي المنطقة وناشطي الرقة التحالف الدولي بتأمين ممر أمن للخروج من مناطق سيطرة مليشيا قسد وبعيداً عن مناطق سيطرة مليشيات النظام السوري، التي وبحسب أهالي المنقطة تحمل معها أحقاد طائفية وروح انتقام من أهالي المنطقة، خصوصاً بأن غالبية المتواجدين بصفوف تلك المليشيات هم شبيحة النظام والذين لا تحركهم سوى روح الانتقام والكراهية تجاه الأهالي.

هذا ويقود مليشيات النظام المدعو تركي المرعي بن مخلف من قرية البوحمد “٥٥ كم شرق الرقة”، والمؤلفة من شبيحة ومجرمين من محافظة الرقة ومن بقية المحافظات السورية تحت اسم “مقاتلي العشائر”، عمل “تركي البوحمد” في السعودية حتى عام ٢٠٠٨، وقد تمّ طرده منها، بعد سجنه لأربعة أشهر بتهمة تزوير الإقامات، ليعود بعدها إلى الرقة ويتابع عمله في التزوير، ليسمى فيما بعد “ملك الألف” نسبة لفئة الألف ليرة سوريّة التي راج تزويرها قبل عام ٢٠١٠، ولم يكتفِ بالتزوير، بل بدأ بتجارة الآثار، وعلى إثر خلاف مع أحد تجّار الآثار المقرّبين من النظام في دير الزور تمّ زجّه في سجن الرقّة المركزي حتى عام ٢٠١١، ليخرج ضمن العفو عن المجرمين الجنائيين والمتشدّدين الإسلاميين الذي أصدره رأس النظام السوري بداية الثورة.

في بداية تحرير مدينة الرقّة آذار ٢٠١٣ انضمّ “البو حمد” إلى إحدى الكتائب الإسلامية في ريف الرقة الشرقي المحاذي للحدود الإدارية لمحافظة دير الزور، حيث كان يتردّد كثيراً على حاجز عيّاش ليسلّم التقارير للأمن العسكري في دير الزور بالتنسيق مع عبد الكريم مصطفى السوعان.

بعد اكتشاف تعامله مع النظام، هرب إلى ريف دير الزور، وتمّ وضعه على حاجز عيّاش، ليتعرّف على الأشخاص المطلوبين للنظام من الثوار وعناصر الجيش الحرّ وأقاربهم، ومن ثم انتقل إلى دمشق حيث تشيّع هناك وبدأ نفوذه يكبر بسبب علاقته الوطيدة مع المليشيات الإيرانية التي هو جزء منها.