داعش انكماش الدولة وبقاء التنظيم

الرقة تذبح بصمت

 

شهدت مناطق سيطرة تنظيم داعش انهيارات قوية خلال الأشهر الثلاث الماضية، حيث قدرت المساحة التي سيطر عليها التنظيم في عام ٢٠١٥ بحوالي ٩٠ ألف كيلو متر مربع في سوريا والعراق، ومع بداية الحملات العسكرية البرية ضد التنظيم قُدرت خسارته بحوالي ٢٠ ألف كيلو متر مربع سنوياً، لتصبح مساحة سيطرته اليوم لا تتجاوز ال ٣٥ ألف كيلو متر مربع، ترافقت تلك الخسائر في المساحة مع خسائر اقتصادية كبيرة للتنظيم، إذ كان يقدر دخله السنوي من النفط بحوالي ٨٠ مليون دولار سنوياً في مطلع العام ٢٠١٥، وبعد خسارته لمعظم حقول النفط والغاز التي كان يسيطر عليها، قدرت خسارة التنظيم بنحو ٦٥ مليون دولار، حيث قُدر دخله السنوي في مطلع الشهر الجاري من عام ٢٠١٧ بحوالي ١٦ مليون دولار فقط.

عسكرياً، أوضحت الاشتباكات الجارية، ضعف امكانات تنظيم داعش الدفاعية، إذ اتسمت معارك التنظيم مع قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي والبشمركة في العراق، ومليشيا قسد في سوريا، والمدعومة من قبل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بانسحابات متتالية لعناصر التنظيم من مناطق سيطرتهم، وبالرغم من امتلاك التنظيم للوقت الكافي للتجهيز للمعركة المرتقبة ضده، إلا أنّ التوقعات أثبتت عكس ذلك، حيث عمد التنظيم إلى استخدام دفاعات بدائية متمثلة بنشر الألغام في محيط مناطق سيطرته وفي القرى والمدن التي كان يسيطر عليها، والتي خلفت في مجملها أضراراً مادية وارتقاء عدد كبير من الضحايا المدنيين، وفيما تُعد الأنفاق أحد أهم الإستراتيجيات التي يتبعها التنظيم في معركته، إلا أنّها كانت عديمة الجدوى في الاشتباكات الأخيرة.

بالمقابل، مُني تحالف القوات المهاجمة بخسائر مادية كبيرة جداً، تفوق خسائر التنظيم بأضعاف كثيرة، حيث اعتمدت تلك القوات على القصف الجوي والمدفعي الكثيف والعشوائي، بغية دفع عناصر داعش للانسحاب من أماكن تمركزهم، ولتكن مهمة القوات البرية هي تمشيط القرى والمناطق التي ينسحب منها التنظيم، الأمر الذي أوقع خسائر فادحة في البنى التحتية والممتلكات والأرواح البشرية للمدنيين.

ويبقى السؤال هل انهار تنظيم داعش؟؛ في المناطق الخارجة عن سيطرته، إلا أنّ الجواب يكمن فيما حققته القوات المهاجمة، من مكتسبات لصالح المدنيين في مناطق سيطرة داعش، حيث غاب بشكل كلي وجود أي خطة طؤارى لإجلاء المدنيين الفارين من الرقة والموصل، والذين تم تجميعهم في مراكز إيواء لا ترقى لتسميتها بمخيمات نزوح، مع افتقادها لأبسط مقومات العيش، والمتمثلة بالرعاية الطبية والماء الصالح للشرب والطعام، حيث اعتمدت تلك المخيمات على التبرعات المجموعة من أبناء الرقة في المُغترب طيلة شهر رمضان الكريم، بهدف اطعام الجوعى من المدنيين، وغاب أي تنسيق للجهود مع المنظمات الدولية والإنسانية، كما تم وبحسب مصادر ميدانية موثوقة من تلك المخيمات، انظمام عدد من أمني داعش إلى ما يسمى بقوات “مكافحة الإرهاب” التابعة ل YPG، بغية التعرف على عناصر داعش ونسائهم.

ليظهر جلياً، أنّ التنظيم لم ينهار وفقاً للاستراتيجية المتبعة من القوات المهاجمة، إنّما انهارت دولة داعش فقط.