خلاف دولي في معركة الرقة

الرقة تذبح بصمت

استشهد في اليومين الماضيين أكثر من 70 مدني وجرح أخرون في قصف جوي عنيف تعرضت له احياء ومناطق داخل المدينة بالإضافة لقصف مدفعي مكثف مصدره ميليشيات “وحدات حماية الشعب” المتمركزة شمال شرقي الرقة قرب محالج الاقطان.

جاء هذا القصف العنيف والغير مسبوق على الرقة عقب خبر نشرته وكالة الأنباء الروسية “انترفاكس” يفيد باتفاق ابرم بين “وحدات حماية الشعب” و تنظيم “داعش” يقضي بخروج الأخير من مدينة الرقة إلى البادية جنوباً شريطة عدم ذهابهم إلى مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي.

و نقلت “إنترفاكاس” عن مسؤول عسكري رفيع قوله إن روسيا لن تسمح بتطبيق هذا الاتفاق و أن سلاح الجو الروسي والقوات الروسية الخاصة سيمنعان خروج “داعش” من الرقة إلى الجنوب، مشيرا إلى قصف جوي استهدف قوافل لـ”داعش” خرجت من الرقة في 25 الشهر الجاري وادت إلى مقتل العشرات من التنظيم.

من جانبه نفى القيادي في ميليشيات “سورية الديمقراطية” العقيد طلال سلو لوسائل إعلام أي اتفاق مع تنظيم “داعش” في مايخص ممرات آمنة جنوب الرقة، مضيفا أن معركة الرقة قد بدأت من جهات ثلاثة “شمال-شرق-غرب”.

تأتي هذه التطورات عقب محاولة تنظيم “داعش” افراغ احياء الرقة الشرقية والشمالية بعد ابلاغ الاهالي بوجوب خروجهم من هذه المناطق حيث تم إخراج أهالي حي “المشلب” بالقوة في حين تم تحذير المقيمين في “الرميلة” وتهديدهم إن لم يتم اخلاء الحي بذريعة “سلامتهم” من القصف، كما أن “داعش” فتح في الفترات الأخيرة ممرات آمنة في عدة مناطق من الرقة و”غض الطرف” عن هروب الأهالي إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، ناهيك عن إغلاق قنوات الري وإغراق المنازل في الرقة السمرا وحي الدرعية لإجبار المدنيين على الخروج بالإضافة للشائعات التي يتم نشرها بشكل متواصل وكان اضخمها انهيار سد الفرات التي تسببت بنزوح الالآف من الرقة إلى الريف الشمالي الذي سقط بيد الميليشات الكردية عشية اليوم الثاني للإشاعة الأمر الذي قلص عدد المدنيين في الرقة واجبرهم على النزوح إلى مناطق “قسد” التي تحاول تلميع صورتها في الاونة الأخيرة عن طريق المعاملة مع المدنيين وتصوير القضية على انهم محررين من الظلم والاستبداد وان المدنيين يفرون إلى مناطقهم طوعا وحباً.

كافة الوقائع والحقائق تشير إلى خلاف دولي في معركة الرقة التي على وشك الإنطلاق، حيث هناك من يسعى إلى اخلاء المدنيين من الرقة ومن ثم تطبيق الاتفاق الذي يقضي باستلام المدينة وانسحاب تنظيم “داعش” إلى “رقة” أخرى من أجل مصالح أخرى، والسيطرة باقل الخسائر الممكنة في الارواح والأحجار بالإضافة لتحسين صورة “وحدات حماية الشعب” امام الرأي العام الدولي بعد تورطها بانتهاكات جسيمة بحق المدنيين في المنطقة والظهور على هيئة البطل المحارب للارهاب الذي دوخ العالم، وهناك من يسعى إلى حرق مدينة الرقة بمن فيها وتحويلها إلى موصل ثانية وعدم السماح بتمرير أي اتفاق مع “داعش” مهما كان الثمن ومهما كانت النتائج، الامر الذي سيحقق أيضا مصالح اقتصادية ضخمة في مشاريع إعادة الاعمار التي تتنافس عليها الدول منذ سنوات بالإضافة لخشية توجه “داعش” إلى مناطق غير مرغوب بها وتعتبر خطوطا حمراء كما أن سيطرة “وحدات حماية الشعب” على الرقة بهذه السهولة والنتائج “الإيجابية” التي تنتج عنها في الرأي العالم العالمي تعتبر امرا مستحيلا عند بعض الدول الإقليمية.

وسط كل هذه الاقاويل والأحداث المتسارعة والمقعدة لن تكون الحرب القادمة على تنظيم “داعش” فقط بقدر ماهي حرب بين عدة دول تتفق بعضها مع ميليشيات وحدات حماية الشعب وتتقاطع مصالح بعضها مع تنظيم “داعش” وكلا من يدعم عملائه وخدمه سرا وعلنا على حساب دماء “اهالي الرقة” وارضهم.

Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".