الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

ستٌّ مرّت، أمريكا تعزز وجودها العسكري، أستانا يُعقد من دون المعارضة، أتعود السعودية لممارسة دورها؟، اتفاق حي الوعر، وحقيقة الدور الروسي، سكرتير الأمم المتحدة يطالب بخروج حزب الله من سورية.

تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

ستٌّ مرّت

مرت ست سنوات على ثورة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، وومدار الحديث هنا عن حجم التدخلات والمؤامرات، لا عن الأرقام القياسية الأخرى وهي كثيرة فلم يشهد التاريخ تهجير سلطة لنصف شعبها وقتل قرابة 5% من الشعب، وتدمير مدن وقرى وبلدات بأكملها لن نتحدث عن كل ذلك والأسلحة التي لم تستعمل في حروب بين دول.

خلافاً لما يعتقده كثيرون بأنّ الثورة فشلت نعتقد أنّ الثورة رغم عدم تحقيق أهدافها حتى تاريخه لكن لا يمكن إطلاق وصف الفشل عليها فما تزال مستمرة على الأرض، وما تزال فكرة راسخة متجذرة في العقول والقلوب لكن.

لكن حجم التدخلات والمؤامرات حال دون تحقيق الهدف، واهم من يعتقد أنّ نظام الأسد لم يسقط. لقد سقط مع أول مساعدة أجنبية لقمع ثورة شعبية، لقد فشلت آلته الاستبدادية القمعية الأمنية في وقف المد الشعبي الثوري، وهنا كانت لحظة مفصلية انتصرت فيها الثورة قِيميّاً إذ تحول الأسد مع أول دخول أجنبي من نظام مستبد لنظام خائن. فماذا يعني الاستعانة بحثالة المجتمع (الشبيحة) ومرتزقة طائفيين (ميليشيات لبنانية، باكستانية، أفغانية، عراقية) ودول معروفة بسجلها السيء بحقوق الإنسان (إيران، روسيا) ورهن القرار السياسي لها؟، كل ذلك يعني أن الثورة نجحت في مرحلتها الأولى، وما يعيق نجاح المراحل الأخرى التدخلات والمؤامرات الخارجية.

فلم يعد خافياً حجم التواطؤ الأمريكي الروسي على الثورة السورية، ولم تكن حادثة تسليم الكيماوي استثناء بل كانت حدثاً طبيعياً في إطار التنسيق بين الطرفين، ولم يكن تنظيم داعش الإرهابي إلا حلقة في سلسلة المؤامرات التي تبدّت وتجلت في دعم قوًى على الأرض تميل لتقسيم سورية أو قوًى تقبل في بقاء نظام الأسد.

نجحت الثورة في إسقاط نظام الاستبداد لكنها اليوم تواجه أعتى التنظيمات الإرهابية، وأقوى الدول الإقليمية والدولية، وستنجح لا محالة فأعمار الشعوب لا تقاس بأعمارنا.

 

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

أمريكا تعزز وجودها العسكري

واشنطن: البنتاغون سينشر ألف جندي أمريكي إضافي للمشاركة في معارك الرقة.

وماذا بعد؟ ما الذي يريده الأمريكان؟ سؤالان مُحيران حول الوجود الأمريكي المتزايد على الأرض السورية، فقد وصل عدد القوات الأمريكية لقرابة ألفي مقاتل، تفهم الجميع الوجود الإيراني والروسي المبني على مصالح طائفية وسياسية وعسكرية واقتصادية، ولكن الوجود الأمريكي يبعث على الحيرة، ولاسيما أنه مقتصر حالياً على مناطق السيطرة الكردية.

علمتنا التجارب أن البداية تكون بأجهزة المخابرات ثم بالخبراء ثم بالعشرات فالمئات فالآلاف. فهل سورية مقبلة على احتلالات أم مقبلة على تقسيم ترعاه وتنفذه قوًى دولية؟، يطرح الوجود الأمريكي عدة سيناريوهات فهو لن يتوقف عند طرد داعش من الرقة ودير الزور وكل سورية، وقد صرح الأمريكان الأسبوع الماضي أنهم لن يرحلوا قبل تحقيق انتقال سلمي للسلطة.

وهذا التصريح بحد ذاته مليء بالألغام تماماً كمقررات جنيف 1، فما يحدث في سورية لا يمت للسلمية بشيء، ولا يلوح بالأفق ما يشير لانتقال سياسي أيّاً كان هذا الانتقال، وتقدم لنا تجربتا أفغانستان والعراق أنّ دخول الأمريكان يأخذ صفتي الاستمرار والخراب، فالتدخل يتنكر دائماً للقوى الوطنية مما يدخل البلد في حالة اللااستقرار.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

أستانا يُعقد من دون المعارضة

البيان الختامي لمباحثات أستانا 3 يدعو لتشكيل لجنة لملف الأسرى والمعتقلين.

رفضت المعارضة حضور أستانا 3 نظراً لعدم الوفاء بالتعهدات والالتزامات السابقة إذ تريد روسيا أن تكون “أستانا” منصة إعلامية تغطي جرائمها في سورية، فحضور المعارضة العسكرية في ظل استمرار القصف الروسي يعني:

– أن روسيا لا تقصف إلا الإرهابيين الذين لا يقبلون الحوار، ولا يمكن الحوار معهم بدليل أن ممثلي المعارضة الوطنية المسلحة موجودون على طاولة المفاوضات في أستانا.

– أن روسيا وسيط نزيه وراع مؤتمن للسلام ولمسيرة المفاوضات السياسية، بينما يعكس الواقع صورة مخالفة لذلك تماماً.

– تمييع مطالب السوريين في مؤتمرات هزلية لا جديد فيها إلا أرقامها أستانا 3، أستانا 5، وهكذا.

– التغطية على عمليات التغيير الديمغرافي، وعمليات التهجير على أسس طائفية.

ويبدو غريباً ما رشح عن وجود خلافات بين الفصائل المسلحة حول حضور أستانا، فالبعض يؤكد وجود ضعوط كبيرة لإجبارها على الحضور، والبعض يتحدث عن ارتهان قرار بعض القادة للخارج.

إنّ الاستمرار في مؤتمرات لا تنفذ قراراتها ليس خيانة لدماء الشهداء وحسب، بل حمق سياسي وتضييع للحقوق، لأن الامتناع عن تنفيذ ما يُتفَق عليه لا يعني غياب النية الصادقة للحل بمقدار ما يعني استخدام الطرف الآخر هذه المفاوضات لتحقيق مكاسب على الأرض، ويلحظ المتابعون لأستانا 3 عدم لهفة الروس للمؤتمر، ومرجع ذلك ربما لشعور روسيا بنوع من الطمأنينة، ففي المؤتمر السابق كانت قلقة من الموقف الأمريكي المستقبلي، أما وقد رأت بروداً من طرف إدارة ترمب تجاه سورية فلم تعد تلك الدافعية موجودة، كما لم تعد روسيا بوارد تقديم تنازلات جوهرية، ولا نستبعد أن تناقش الجولات القادمة أموراً إنسانية خدمية لا علاقة لها بالسياسة والعسكرة.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

أتعود السعودية لممارسة دورها؟

مستشار محمد بن سلمان: توافق بين ولي ولي العهد وترمب على تهديد إيران الأمني للمنطقة.

يأتي التصريح بعد لقاء الرئيس الأمريكي ترمب ولي ولي العهد السعودي في البيت الأبيض.

يذكر أن الرئيس ترمب دعا خلال حملته الانتخابية لإعادة العلاقة مع الحلفاء التقليديين في المنطقة إلى سابق عهدها بعد أن أصابها الفتور خلال عهد أوباما، ويتفق الطرفان السعودي والأمريكي على موضوع الخطر الإيراني، ولا سيما بعد أن أصبح ذلك الخطر واقعاً مُعاشاً في العراق وسورية واليمن والخليج عموماً وقبل ذلك لبنان، فتدخلات إيران وصلت حدّاً لا يحتمل، فخلافاً لما تدعيه إيران وترفعه من شعارات “الموت لإسرائيل” نراها نشرت الموت في الإقليم العربي، وتركت إسرائيل آمنة مطمئة، ويتمّ الحديث علناً عن الاتفاق النووي، ولكنّ الأمور تتجاوز الملف النووي، فهناك سلة كبيرة من القضايا المتعلقة بإيران قد يكون أسهلها الملف النووي بالنسبة للطرف العربي، إذ تحاول إيران جر المنطقة لصراعات طائفية تحرق المنطقة من خلال حروب لا نهاية لها في الأفق، وقد أشعلت بعضها في بعض الدول العربية.

ومن هنا يرى متابعون ضرورة الاستفادة من فترة ترمب لتحجيم الدور الإيراني، وردعها وردها لحجمها الطبيعي لبناء علاقات طبيعية وديّة لا علاقات قائمة على الحلم الأمبراطوري الفارسي، وتبدو المملكة المرشح الوحيد للدفاع عن العرب إزاء التهديدات الإيرانية فالعراق وسورية مسلوبتان، ومصر تغرق في أزماتها، وبقية دول المشرق العربي لا تشكل شيئاً أمام إيران، فهل تقوم المملكة بهذه المهمة التاريخية، وتقود القاطرة العربية؟.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

اتفاق حي الوعر، وحقيقة الدور الروسي

خروج 2000 شخص بينهم 400 مقاتل من حي الوعر المُحاصر بحمص إلى مدينة جرابلس بريف حلب.

يندرج اتفاق حي الوعر ضمن سلسلة من الاتفاقات الهادفة للتغيير الديمغرافي في سورية، ويشار هنا أن حي الوعر يمثل أكبر الأحياء السنية في مدينة حمص التي هُجِر منها في وقت سابق غالبية سكانها السنة، وتحولت لمدينة شيعية علوية بامتياز، مما يُمهد لاحقاً لمصطلح سورية المفيدة، ويلاحظ أن التغيير الديمغرافي يشمل العاصمة دمشق ومحيطها وحمص والساحل والمناطق المحاذية للبنان، ولا شك أن هذا التغيير خطير جداً ويتجاوز سورية إلى لبنان، فلا شك أن فكرة التغيير الديمغرافي فكرة إيرانية، ويُخشى أن يكون التغيير الذي يقوم به الكرد منسجماً ومتوافقاً مع سلوك النظام من حيث الهدف النهائي؛ أي تقسيم سورية.

ومما يؤسف له أن التغيير يتم برعاية دولية على أعلى المستويات فالولايات المتحدة تدعم الكرد، وروسيا تدعم النظام وترعى اتفاقات التهجير الطائفي.

ومن التجارب السابقة والتجارب الحالية نرى من الحمق الوثوق بالروس، واعتبارهم مفتاحاً للحل السياسي، فروسيا أنقذت النظام عسكرياً، وقدمت ومازالت تقدم له الدعمين السياسي والعسكري، ولا ينبغي تقديم المزيد من التنازلات، فالتنازلات حصلت نتيجة ضغوط من دولة إقليمية أرادت تحقيق مكاسب مع روسيا مع خلال الضغط على الفصائل المسلحة.

ينبغي على الثورة التحول لا التنازل، فلم تعد مقولة “ليس بالإمكان أفضل مما كان” مقبولة، وإذا عجزت الثورة عن حرب الجيوش النظامية في ظل انعدام سلاح مضاد للطيران فإن بإمكانها اللجوء لحرب العصابات والكمائن الأقل تكلفة والأكثر إيلاماً، والأهم ما فيها استقلالية القرار السياسي والعمل لصالح الخيار الوطني.

ينبغي أن نعي درس “الوعر” جيداً، فلا وجود في حي الوعر لداعش أو النصرة أو غيرهما، وذلك يثبت أن داعش وغيرها مجرد أدوات وشماعات لمنع انتصار الثورة، وليس أدل على ذلك من حرب روسيا ضد فصائل الجيش الحر مما مهد لسيطرة الكرد على تل رفعت وغيرها، ولا يخفى محاولات روسيا والولايات المتحدة الرامية لمنع الثوار من دخول الرقة وطرد داعش، فهل نعي الحقيقة ونعمل وفق مصلحتنا الوطنية أم نصر على الاختباء خلف أصابع الوهم، ونبقى ندور في مصالح الآخرين.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

سكرتير الأمم المتحدة يطالب بخروج حزب الله من سورية

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يطالب بنزع سلاح حزب الله، وأدان عبور عناصر الحزب بسلاحهم لسورية، وعد ذلك خرقاً لقرار مجلس الأمن 1701.

لا يختلف اثنان أنّ وجود ميليشيات حزب الله في سورية مرتبط بإيران، فحزب الله ذراع ولي الفقيه في لبنان وسورية، وكان تدخله بهدف إنقاذ النظام، وهذا ما اعترف به زعيم الحزب نفسه، ولا يمكن فصل تصريح الأمين العام عن الوضع السياسي الدولي الجديد، فهناك توجه واضح من الأطراف الدولية ولا سيما ترمب لإخراج الميليشيات الطائفية من سورية وفي مقدمتها حزب الله، فقد انتهت -على ما يبدو- صلاحية هذه الميليشيات في سورية بعد أن أدت مهامها على أكمل وجه من حيث منع سقوط الأسد، وضرب النسيج الاجتماعي، وبقاؤها سيؤدي لتكريس النفوذ الإيراني، وهو ما لا تريده القوى الدوليّة بما فيها روسيا.

وربما تندرج الغارات الإسرائيلية في هذا الإطار، وستوضح الأيام القادمة مستقبل هذه الميليشيات الطائفية في سورية، وإشارة الأمين العام للقرار الدولي 1701 يضفي نوعاً من الشرعية على الغارات الإسرائيلية، ولاسيما أن حزب الله مدرج عند الولايات المتحدة على أنه تنظيم إرهابي، وطرد حزب الله وغيره من الميليشيات من سورية يؤكد أن ثمة سيناريو ما متفق عليه بين روسيا والولايات المتحدة، وسيظهر هذا السيناريو جلياً بعد معركة الرقة.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

رسمياً بقصف مواقع سورية

الجيش الإسرائيلي يعلن للمرّة الأولى رسمياً صباح الجمعة الماضي أنّ طائراته أغارت على عددٍ من الأهداف في سورية.

كان نبأ الغارات الإسرائيلية يُسرّب عبر وسائل الإعلام دون أن تنفي أو تثبت الجهات الرسمية نبأ الغارات، واليوم خالفت إسرائيل القاعدة المعمول بها، ويُلاحظ أنّ الغارات الإسرائيلية استهدفت العمق السوري، واستخدمت إسرائيل المبرر الذي كانت تستخدمه دائماً، وهو وجود سلاح متطور سيسلم لحزب الله، كما يلاحظ تطور جديد من جهة الموقف السوري، فللمرة الأولى أيضاً تستهدف المضادات الجوية السورية الطيران الإسرائيلي بل وتحدث بيان النظام الرسمي أن صواريخه أسقطت إحدى الطائرات المهاجمة وقد نفت إسرائيل النبأ، وأكدت عودة مقاتلاتها الأربعة سالمة، ونجاح الغارة ونجاح إسرائيل بالتعامل مع صواريخ النظام السوري.

كما لوحظ احتجاج روسيا على الغارات الإسرائيلية. فهل تغيرت قواعد اللعبة فعلاً، ولم تعد السماء السورية ساحة حرة للطيران الإسرائيلي؟!، نستبعد تغير قواعد اللعبة، وما قام به النظام السوري والروس مجرد فقاعة إعلامية، فقد كان بإمكان الروس إسقاط الطائرات الإسرائيلية، وتهديدها بالحد الأدنى. لكن ذلك لم يحدث، كما أنّ وصول ترمب للسلطة سيزيد من رصيد إسرائيل، وسيتيح لها مزيداً من هامش الحركة.

ولا نستبعد وجود اتفاق أمريكي روسي إسرائيلي يتضمن تكثيف الغارات الإسرائيلية على كل ما له صلة بحزب الله، وذلك خطوة أولى ضمن خطوات تالية لإخراج حزب الله من سورية بخفي حنين  بعد أن نفذ مهمته في سورية على أكمل وجه.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

جريمة الجينة توثق ضد مجهول

أكثر من 50 شهيد وعشرات الجرحى في غارات جوية على مسجد عمر بن الخطاب.

اتهم ناشطون قوات التحالف باستهداف المسجد، ولاسيما أن الولايات المتحدة اعترفت بشنها غارات على مواقع لتنظيم القاعدة شمال سورية نافيةً على لسان الناطق باسم القيادة المركزية العقيد جون توماس استهداف مسجد خلال هذه الغارات، ويشار هنا أنه كان في المسجد نشاط دعوي لجماعة الدعوة والتبليغ، ولا تقوم هذه الجماعة ولا سيما في سورية بأي نشاط عسكري أو سياسي، وتقتصر نشاطاتها على الجانب الدعوي والإرشادي وذلك يؤكد عدم وجود عناصر للقاعدة من جهة، ويسحب ذريعة استهداف المسجد من جهة ثانية.

هذه الجريمة البشعة محصورة بين طرفين النظام والروس أو قوات التحالف فلا أحد غيرهما يمتلك سلاح الطيران، والطرفان لهما سوابق كثيرة وإن تفوق طرف النظام والروس أشواطاً كثيرة على التحالف، وما يُؤسف له أن هذه الجرائم تمر دون محاسبة وكأننا أرقام بل لا تلقى مجرد استنكار وإدانة، وهذا ما يفسر غياب الحل رغم مرور ست سنوات من الجرائم.

ولم يعد السوريون يرغبون محاسبة المجرمين بمقدار رغبتهم إنهاء الإجرام، ولكن يبدو أن هذه الأمنية بعيدة المنال على الأقل في المدى المنظور.

Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".