الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

ميليشيات “قسد” مدينة منبج للأسد، النظام يشن أعنف هجوم على غرب حلب، قوات النظام السوري تستلم تدمر مجدداً، الحشد للفيلق الخامس.

تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
ميليشيات “قسد” تسلّم مدينة منبج للأسد

مجلس منبج العسكري يعلن تسليم القرى المحاذية للجبهات مع درع الفرات غربي منبج في ريف حلب الشرقي إلى قوات النظام بالاتفاق مع روسيا.

لم تخرج خطوة مجلس منبج العسكري عن السياق العام للأحداث، وتندرج الخطوة ضمن خريطة التنسيق الدائم مع قوات النظام السوري منذ الأيام الأولى، فمجلس منبج العسكري يتبع كلياً لقوات سورية الديمقراطية التي تخضع لسيطرة كاملة لقوات الحماية الكردية، فمدينة منبج التي يشكل العرب أكثر من 90% من مكوناتها تحكم من قبل أقلية كردية لا تنتمي لمنبج.

لا داعي للحديث عن عمالة قسد، وبيان حجم تنسيقها مع النظام، لكن ينبغي الإشارة أن هذا التنسيق يتم برعاية وأوامر روسيا، وبدا ذلك أكثر وضوحاً عندما احتلت “قسد” عدداً من البلدات والقرى في ريف حلب الشمالي، ولكن لماذا تفضح “قسد” نفسها من جديد بهذه الطريقة الفجة عبر تسليم هذه القرى للنظام؟.

إن تسليم القرى رسالة من الروس لها ما بعدها. فروسيا تريد القول لتركيا: دخلتم للباب وفق اتفاقكم معنا، ولن نسمح لكم بتجاوز الباب إلا بعد التنسيق معنا، ولا ينبغي أن تنخدعوا بالأمريكان، فنحن -الروس- من يملك مقاليد اللعبة، فالهدف ليس منع اقتتال قوات درع الفرات مع “قسد” كما يروج الإعلام، فنقاط التماس بينهما كثيرة بدءاً بأعزاز مروراً بتل رفعت وليس انتهاء بمارع ومنبج في الريف البعيد، وبإمكان قوات درع الفرات تحرير منبج انطلاقاً من جرابلس. فالهدف إذاً رسالة تهديد لتركيا بتغيير قواعد الخارطة العسكرية في حال الابتعاد عن الروس لصالح طرف ما، أو الذهاب في خطوة بعيداً عن الروس.

تريد روسيا الحفاظ على خيوط اللعبة بيدها، وتدرك أن الأكراد نقطة ضعف تركيا، وبالتالي تساوم تركيا على هذه الورقة، ومن هنا جائت فكرة تسليم منبج للنظام السوري، فالكرد والنظام لا يستطيعان الخروج عن الإرادة الروسية، وربما يتضح الأمر بعد زيارة الرئيس التركي لموسكو بعد أيام. فلا شك أن ملف الكرد في روسيا سيكون في قائمة المحادثات.


الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
النظام يشن أعنف هجوم على غرب حلب

قوات النظام بدعم الميليشيات الطائفية تشن هجوماً عنيفاً على جبهات ⁧جبل معارة وشويحنة ⁩والراشدين الشمالية.

شنّت قوات النظام السوري أعنف هجوم لها على المناطق الواقعة غرب حلب بعد السيطرة على أحياء حلب الشرقية، ويهدف النظام السوري من العملية الأخيرة إكمال السيطرة على حلب وتأمين المدينة، فالمناطق التي يسيطر عليها الثوار تتيح لهم فرصة تحرير حلب إذا توفرت الإرادة، ونُزِع الغطاء عن النظام السوري، كما تهدف لمحاصرة ما بقي من الريف الشمالي ولا سيما مدينة عندان، وفتح طريق آخر لمدينة نبل.

ولا يغيب هنا الرسالة السياسية، فالحملة تتزامن مع اليوم الأخير لمحادثات جنيف، وطالما عوّد النظام الجميع على تصعيد عسكري عقب كل محادثات سياسية ليقول للجميع أنه لا يؤمن بالحل السياسي، وأن الحل ما ترسمه قواته في الميدان، ويبدو لافتاً مشاركة الطيران الروسي بكثافة في العمليات العسكرية، وقد اعترف الروس بذلك. مما يقدم دليلاً واضحاً على نفاق الروس وجدلهم، فهم أساتذة النظام بالتهرب والتملص من التعهدات والالتزامات من جهة، واستحالة أن يكون الروس وسيطاً وعدواً من جهة أخرى.

أسفرت العملية العسكرية عن أسر الثوار لعنصر من النظام، وقتل العشرات، وتدمير عدة آليات، وأفشلوا هجوم النظام. ولكن أتعي المعارضة السياسية والعسكرية رسائل المعركة؟.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع
قوات النظام السوري تستلم تدمر مجدداً

استعادت قوات النظام السوري السيطرة على مدينة تدمر بفضل التخطيط والإسناد الجوي الروسي.

تكشف معركة تدمر الأخيرة جانباً من حقيقة العلاقة الخفية بين النظام السوري وداعش، ونحن هنا لا نملك أدلة ملموسة على هذه العلاقة إنما نملك مؤشرات، فالمدينة سقطت في المرة الثانية بيد داعش بكل سهولة رغم أن المنطق العسكري يفرض وجود حامية قوية تدافع غن المدينة ولا سيما أن للروس قاعدة في المدينة.

كما يفرض العلم العسكري تعزيز المواقع الدفاعية لا إعطاء أوامر للموجودين بالانسحاب، كما تتطلب خطط الانسحاب سحب العتاد والذخيرة لمنع استفادة العدو منهما أو إتلافهما في حال العجز، وكل ذلك لم يتحقق أثناء هجوم داعش الثاني بل سلمت مخازن مملوءة لداعش، كما أن سرعة سيطرة التنظيم بداية والنظام أخيراً تثير الشكوك، فداعش قاوم شهوراً في منبج ومثلها في الباب رغم دقة الطيران الغربي وفر هارباً بسرعة من تدمر، وهذا دليل على شيء ما.

ويتحدث الإعلام العالمي وحتى الثوري عن الخسارة التي لحقت بحجارة تدمر “آثارها” وهي فعلاً خسارة للبشرية، لكنه نسي أبناء تدمر وأهلها، نسي تشردهم ومعاناتهم، نسي الضحايا من أهلها، نسي أن تدمر بلا أهلها، وتحدث عن إجرام داعش بحق الآثار، وتناسى إجرام النظام، تناسى صواريخ بوتين وبراميل الأسد فقد كانت وروداً تلقى فوق الآثار.

تحدث النظام المجرم عن تحرير تدمر، ونسي أن ما حصل في تدمر تدمير وتهجير ولا يمت للتحرير بصلة، فلم يبق حجر على حجر، كما لم يبق فيها بشر. ونسي أن ما يسمى “التحرير” قام به الروس حتى أن خبر إعلان طرد داعش وصل لبوتين عبر وزارة دفاعه قبل علم الأسد، وقد يبدو هذا طبيعياً في ظل الاحتلال الروسي لسورية.

الشرطة العسكرية التابعة لقوات النظام في حلب تطلق الرصاص على شاب حاول الهروب بعد اعتقاله مع آخرين واقتيادهم للخدمة العسكرية الاحتياطية.
الحشد للفيلق الخامس

النظام السوري يُكثّف من عمليات السوق الإجباري للخدمة الاحتياطية، الشرطة العسكرية التابعة لقوات النظام في حلب تطلق الرصاص على شاب حاول الهروب بعد اعتقاله مع آخرين واقتيادهم للخدمة العسكرية الاحتياطية.

تعيش حلب والمدن السورية الخاضعة لسيطرة النظام حالة من الرعب والخوف نتيجة عمليات السوق الإجباري للخدمة الاحتياطية، فبدا لافتاً في حملات السوق الأخيرة وصول الطلب لأعمار كبيرة، فقد تم توثيق حالات كثيرة لسوق رجال من مواليد 1975، وما زاد من المخاوف عدم وجود آلية واضحة وشفافة للسوق حتى أن وسائل الإعلام الموالية والتابعة للنظام تتحدث عن هذه العبثية.

وتتعرض حملات السوق للنقد من قبل بعض وسائل إعلام النظام، وبعض الشخصيات، فمناطق سيطرة النظام أُفرغت حقيقة من شريحة الشباب قبل هذه الخطوة، وستشهد مزيداً من الإفراغ نتيجة هروب جديدة من الشباب خارج مناطق النظام، وتثبت حملات السوق الأخيرة معاناة النظام من النقص البشري في قواته، فيما فسرها آخرون بمساعٍ روسية لتشكيل جيش من السوريين يضع حداً لنفوذ الميليشيات الإيرانية.

أياً تكن الأسباب فإن حملات السوق التي ارتفعت لتطال أعماراً كبيرة سيكون لها انعكاسات خطيرة على البنية الاجتماعية للمجتمع السوري، وخللاً في الأسرة السورية التي تعاني الأمرين، وترسخ حملات السوق الأخيرة عسكرة المجتمع، وتدق مسماراً آخر في نعش الحفاظ على ما تبقى من خبرات قد تسهم في بناء الوطن بعد انتهاء الاستبداد، فالنظام يريد من السوريين أن يكونوا مشروع قاتل أو مقتول.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

ماذا ينتظر السوريين في جنيف 5

انتهت المفاوضات في جنيف 4 بتحقيق الأجندات الروسية.

انتهى جنيف 4 دون التوصل لأي اتفاق يرسم ملامح للحل السياسي رغم ما ادعاه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أنّ الاجتماعات كانت بناءة، وقوله: أتوقع من الأطراف وضع اتفاق إطار يتضمن عملية سياسية تفاوضية، فما زال الحديث يدور في حلقة مفرغة حول الأولويات رغم الحديث عن أربع سلل، وما زال تفسير الانتقال السياسي ضبابياً، وغير متفق عليه بين الجميع، ويشارك المبعوث الدولي في صنع هذا الغموض بتمييعه مستقبل الحل السياسي، إذ يتجنب دي ميستورا الإشارة نهائياً لمصطلح الانتقال السياسي بالذات، بينما نراه واضحاً جداً في السلات الأخرى رغم إدراك الجميع أن النجاح في السلل الأخرى متوقف على سلة الانتقال السياسي، فالعربة تسير بوضع الأحصنة أمامها لا العكس.

ويتميز جنيف 4 بالسيطرة الروسية على المؤتمر من بابه لمحرابه، فلا يكتفي الروس بدعم النظام السوري على الأرض إذ يتدخلون في تشكيل وفد المعارضة على مزاجهم من خلال محاولة زج منصتي القاهرة وموسكو في وفد المعارضة السورية، رغم أن المنصتين تمثلان نسخة باهتة معدلة عن النظام السوري، ويشارك المبعوث الدولي في هذه المسرحية من خلال الحديث عن الحاجة لإيجاد وفد معارضة واحد للتفاوض مع الحكومة. متناسياً أنّ المفاوضات فشلت سابقاً عندما كان هناك وفد واحد، ومتجاهلاً الحقيقة التي يعرفها عن تبعية منصتي القاهرة وموسكو لروسيا، وقول دي ميستورا بأن مساري أستانا وجنيف يكمل أحدهما الآخر ويعززه يوضح بما لا يدع مجالاً للشك سعي الروس لخطف الملف السوري كاملاً.

يتضح يوماً بعد آخر استحالة أن يكون الروس جزءاً من الحل السوري، فالروس لم يصدقوا حتى اليوم بكلمة واحدة، ولم يلتزموا بتعهد واحد، وليس أدل على ذلك من الحديث الإيجابي الذي حدث بين وفد الهيئة العليا للمفاوضات ونائب وزير الخارجية الروسي غاتيلوف ثم تنكر الخارجية الروسية بعد أقل من 24 ساعة لكل ما دار في الاجتماع حيث شككت موسكو في قدرة المعارضة السورية على التوصل لاتفاق بجنيف، واتهمت الهيئة العليا للتفاوض في المعارضة السورية بتقويض محادثات جنيف.

وما جرى من محاولات روسية الاستحواذ على كل شيء يوضح ما سيجري في جنيف 5، ولعل ما جرى من تسليم قرى في منبج، يكمل المشهد فروسيا تحاول أخذ الكعكة كاملة، ويبقى نجاح الروس في مسعاهم متوقفاً على دور الداعمين الإقليميين والولايات المتحدة.

الرقة تذبح بصمت – قراءة في أحداث الاسبوع

للمرة السابعة

استخدمت روسيا والصين حق النقض في مجلس الأمن ضد قرار يفرض عقوبات على سورية لاستخدام نظامها السلاح الكيميائي.

رغم تقديم لجنة التحقيق الدولية أدلة دامغة تثبت استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي يصر الرو على استخدام حق النقض، ولا يعد استخدام الروس هذا الحق أمراً جديداً وغريباً، فهذه المرة السابعة التي يستخدم فيها الروس هذا الحق.

إن منح دول معينة صلاحية تعطيل العدالة، وتسمية ذلك بـ”حق النقض” يسيء لكلمة “الحق” بما تتضمنه من معاني أخلاقية وقانونية وإنسانية، وهذا تماماً ما يفعله الروس بالتعاون مع نظام الأسد المجرم من إساءة لأبسط معايير الإنسانية، ومن الحمق الاستمرار بالتصويت على هكذا مشاريع، فالروس لا يقبلون بأية حال تمرير هكذا قرارات، ولاسيما أنها أصبحت شريكة فعلية بالجرائم، كما أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة شريكتان بجريمة الكيماوي منذ زمن بعيد عندما وافقتا عام 2013م على تسليم الكيماوي دون محاسبة المجرم.

إن الهدف من المشروع لم يكن إظهار الحقيقة، والدفاع عن السوريين فمن قتلهم بشار بالسلاح التقليدي وخلف القضبان أضعاف مضاعفة لمن قتل بالكيماوي. فالهدف تسجيل نقاط بين الدول الكبرى، وللأسف تدفع شعوبنا الثمن، ولكن يبقى السؤال متى ينتهي تسجيل النقاط، ويُحال مجرم الكيماوي وغيره للعدالة، إن العدالة تتمثل في محاسبة السوريين للمجرمين، لأن المجتمع الدولي لن يحاسبه إلا وفق مصالحه لا وفق مبدأ العدالة.

Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".