الحصوة التي جاءت بالبلاء على الأمة

الرقة تذبح بصمت

#نساء_بلا_حقوق

العبائة الفضفاضة تلامس الأرض، الخمار، الدرع، الكفين، الخف الأسود في القدمين، بالأسود من الرأس الى الاساس تكون المرأة صالحة وكريمة في زمن “داعش” ودون ذلك سفور وفجور.

هكذا رافقتني زوجتي الى السوق قبل عدة أشهر وللمرة الثانية طيلة عامين بعد سيطرة “داعش” على الرقة وفرض شروط قاسية على المرأة “لإكرامها” بصفتها شرف كل مسلم كما يدّعون، لأكثر من ساعة تتفقد مظهرها الخارجي خشية هفوة تطيح بي وبها الى السجون رغم أن جولة التسوق هذه ستكون فيها زوجتي داخل السيارة إلا في حالات الضرورة التي تستدعي نزولها لأنتقاء بعض الخضروات او غيرها من المؤن الشهرية للمنزل.

حصوة صغيرة في “خف” زوجتي ومسافة لا تتجاوز الـ 10 امتار بين السيارة ومحل الخضار كانت سبباً في كل بلاء حل على “دولة الاسلام” كما صرخ احد عناصر “داعش” القادمين من اقصى المغرب العربي قائلا: ياسافرة،، يافاجرة، والله لم يأتي بلاء علينا إلا من هذه الفتنة التي تفتعلونها بزينتكم.

أخر ماكنت اظن أن هذا الكلام لزوجتي إلا أن ظنوني خابت حين اقترب منها يسأل عن “محرمها” لتشير الي ويقترب مني هو ومرافقيه الأربعة قائلاً انتم بلا شرف، اهل هذه المدينة بلا شرف، اين شرفك حين تخرج زوجتك من منزلها بهذا الشكل!! واضعاً مسدسه في رأسي ” والله لولا اتهامي بالغلو لأفرغت هذا المسدس في دماغك” لم استوعب الأمر، كلام مثل هذا جعلني افكر انها عارية او فعلت شيئا من خلفي، ادخل الف وسواس في صدري!.

خير خير شبيها زوجتي؟ يافاسق الم تسمع صوت نعلها، الم تسمع هذا الصوت الذي غايته الفتنة،،، فتنة الشباب المسلم !!.

حاولت الإقتراب من زوجتي لافهم من اين هذا الصوت وماهي القصة! الا ان كتيبة الخنساء كانت اقرب الىها واقتادونا الى سجن الحسبة حيث بقيت لاربع ساعات قبل أن يتم عرضي على القاضي هناك، وبدا حديثه كما جرت العادة بالاحاديث والايات وتفسيرها وفق اهوائهم، عن فتنة النساء وكيدهن، عن التربية والضرب والتأديب، وتابع عن زوجتي مستغرباً كيف أسمح لها بالخروج هكذا؟ بقلق وتعجب، ياشيخ ماذا فعلت ؟.

– زوجتك اثارت الفتنة في الشارع حيث تقصدت وضع حصوة في اسفل نعلها لاصدار صوت يجذب الرجال.

– ياشيخ !!! حجر بالشارع و”يعلق” بكل حذاء اعزكم الله.

– لا يا اخي كان بامكانها ان ترميه.

لم يسمع الشيخ كلامي ولا حجتي وحكم بـ 70 جلدة لكل منا انا وزوجتي، طلبت منه راجياً أن اجُلد عنها وعن تحملي المسؤولية كاملة إلا انه رفض وقضى بالامر.

كان “الكرباج” ينهال على ظهري بعد ربط ذراعي على “خشب” مصلوب الا اني لم اشعر بالالم، الالم الحقيقي كان حين اسمع صراخ زوجتي يرتد صداه بين اروقة الحسبة، لاطاقة لي لسماع هذا، العجز اسوء مايصيب الانسان، ان تفشل في كل شيء، المقاومة، الصمت، الصراخ، الكتم، كل شيء، نعم نحن عاجزون امام هذا المرض الي يدعى “داعش” لم يقتلنا ولم نقتله، وبقينا معلقين بين هذا وذاك.

اليوم وبعد مضي عدة اشهر تمكنت من الخروج من المدينة وبقي الآلاف مثلي ومثل زوجتي، وهناك ملايين “الحصى” وكثير من النساء، لازالت الحسبة والخنساء هناك، ولازالوا احرار طلقاء ونحن المقيدين، نحن الذين نموت وهم الأحياء، ولازالت هناك الرقة تجلد كل صبح وعشية وتموت الف الف مرة.