التحالف الدولي وسياسة التدمير

الرقة تذبح بصمت

إتخذ التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في الشهور الأخيرة سياسية جديدة في الحرب على التنظيم تتركز على البنية التحتية والمرافق العامة للمدن والبلدات التي يسيطر عليها التنظيم، وذلك بعد حملة جوية إستهدفت المقرات والمواقع الرئيسية للتنظيم ثم ملاحقة الافراد والقادة التي أضعفت التنظيم بكل كبير وأجبرته على التحرك بشكل مركز وسري للغاية.

بدأ التحالف الدولي سياسته الجديدة هذه مع بدء حملة “غضب الفرات” التي تشنها ميليشيات سورية الديمقراطية بهدف السيطرة على ريف محافظة الرقة وحصار المدينة، وهذا مابدى واضحاً بعد تدمير عدد من الجسور الرئيسية والفرعية في المدينة وضواحيها التي عزلت بشكل كامل عن الضفة الجنوبية لنهر الفرات ليلة أمس إثر تدمير التحالف لجسري الرقة الرئيسيين “القديم والجديد” بالإضافة لجسور أخرى في ريف المدينة.

حيث شن الطيران الحربي ليلة أمس عدة غارات جوية على الجسرين ما أدى الى خروجهما عن الخدمة بشكل كامل بعد أنهيار أجزاء واسعة منهما، وتحديداً الجسر الجديد الذي يعتبر شريان الحياة للمدينة وريفها الشرقي والغربي من ضفة “الشامية” وكذلك الجسر القديم الذي كان يستخدم للمشاة والدراجات النارية والهوائية والسيارات الصغيرة.

و يبدو أن التحالف الدولي يحاول منع أهالي مدينة الرقة من العبور الي الضفة الجنوبية ما يدفعهم للنزوح بإتجاه مناطق سيطرة ميلشيات سورية الديمقراطية التي باتت على مقربة من المدينة بمسافة لاتتجاوز الـ 20 كم، في نهج لتلميع صورة هذه المليشيات وإظهارها على هيئة المحرر والمنقذ من خلال مقاطع فيديو وصور يتم نشرها كما حدث في بعض القرى التي أجبر أهلها على الترحيب بهذه الميليشيات بقوة السلاح في وقت يتم تهجيرهم الى العراء بعد إنتهاء المهمة وفرض شروط على العائدين منهم، ناهيك عن عدد الشبان الذين سيتم إعتقالهم بتهم “الدعشنة” من جهة وتجنيدهم إجبارياً وزجهم الى محرقة داعش من جهة أخرى.

ويتحدث ناشطون وسكان من المدينة إن سياسية تدمير البنية التحتية التي يتخذها التحالف الدولي تعود بالضرر على المدنية والمدنيين، ولا تضر بداعش إطلاقاً، حيث أن تدمير هذه الجسور شل حركة المدنيين ولم يؤثر على داعش بشيء، فهم يملكون أساليبهم الخاصة في التنقل بين الضفتين عبر قوارب وعبارات كما يحدث في دير الزور في وقت يعجز فيه الناس للعبور إلا بهذه الطرق التي ستسبب أزمة بسبب قلتها وهذا ماسيجعل أسعارها مرتفعة وسط حالة فقر مدقع بالإضافة لخطورتها وخشية مستقليها من الإستهداف من قبل الطيران الدولي.

وكان التحالف الدولي قد دّمر في وسابق عدد من الجسور الفرعية في ريف المدينة كـ جسر بلدة السلحبية ومزرعة الأنصار غربي المدينة بالإضافة لجسري الكالطة والعبارة شمال المدينة، والجسر الحربي شرقي المدينة، حيث بقي سد الفرات غربي الرقة بـ 50 كم بجانب سد الرشيد في بلدة المنصورة المنافذ الوحيدة بين ضفتي الفرات والمتبقية في محافظة الرقة.

ويعود بناء الجسر الجديد إلى ستينيات القرن الماضي حيث يبلغ طولة قرابة الـ 500 متر بعرض 16 متر بأربعة مسارات، خصص أثنين منهما للسيارات الخفيفة والثقيلة، وأثنين أخرين للمشاة، في حين يعود تاريخ إنشاء الجسر القديم الى الاحتلال الفرنسي في ثلاثينات القرن الفائت بعرض يصل إلى 10 أمتار بالإضافة لحمله خطوط المياه التي تغذي الجزء الجنوبي والشرقي من المدينة، حيث يقع هذين الجسرين جنوب “المدينة” وتقدر المسافة بينمها بـ 5 كم.