داعش ماذا بعد الرقة

الرقة تذبح بصمت

في الحروب هناك احتمالان لا ثالث لهما إما النصر أو الهزيمة وحتى الصلح لا يكون إلا بعد هزيمة طرف وانتصار آخر وإن اختلفت درجات النصر أو الهزيمة، لكن الحرب على تنظيم داعش تبدو الاحتمالات كثيرة، فالتنظيم المتطرف لا يعبأ بموضوع الحدود والسيطرة كثيراً وفقاً لما عبر عنه العدناني المتحدث الرسمي السابق باسم التنظيم والذي لقي مصرعه منذ عدة اشهر بغارة جوية حين صرح أنّ خسارة الموصل أو الرقة أو غيرها لا تعني للتنظيم هزيمة (لم تكن في ذلك الوقت معركة الموصل قد بدأت وإن كانت المعطيات تشير إلى اقترابها).

يكثر الحديث في هذه الأيام عن قرب طرد تنظيم داعش من الرقة عاصمته في سوريا ومركز القيادة والسيطرة لديه خاصة بعد بدء معركة الموصل وسقوطها بيد القوات العراقية ومليشيات الحشد الشعبي المساندة لها مسألة وقت رغم الشراسة الكبيرة التي يبديها التنظيم، قد لا تختلف النتيجة في الرقة فخروج التنظيم المتطرف الذي يسيطر عليها منذ ثلاثة أعوام مسألة وقت لكن السؤال الجوهري ماذا بعد الرقة؟ أين سيذهب التنظيم أين سيختفي، هذا الجواب عصي على التكهن أو الإجابة عليه لكن نظرة المتابع للوضع يمكن أن يحددها في أربعة سيناريوهات رئيسية قد توضح الصورة أكثر. يمكن أن يطبق التنظيم أحدها.

السيناريو الأول: الانسحاب و العودة إلى الصحراء 

ويستند هذا السيناريو على أن “داعش” ، يمكن أن يكرر تجربته في العراق بعد هزيمته سنة 2007 حيث خرج إلى صحراء الأنبار ليعود ويسيطر على الرقة وريفها في سوريا بعد الثورة السورية ولاحقاً على الموصل مستغلاً قمع المتظاهرين العراقيين المحتجين على سياسات نوري المالكي الطائفية حيث سيطر على ثاني أكبر مدينة في العراق بدون مقاومة تقريبا -مع الابتعاد عن نظرية تسليم من قبل المالكي لتحويل الانتفاضة الشعبية إلى حرب على الإرهاب- وتوسع في صيف 2014 ليسيطر على ثلث مساحة العراق وأصبح على مشارف بغداد واربيل لولا تدخل الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

يمكن أن يختفي التنظيم في الصحراء دون شن أي عملية مهمة مع الاحتفاظ بخلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سلطته وفي هذه الحالة يكون هدفه وجهده منصباً على إعادة منظومة القيادة والسيطرة لديه بانتظار اللحظة المناسبة كذلك زيادة مقدرته الأمنية للتغلغل أكبر قدر ممكن في تلك المناطق، أو أن يتخذ التنظيم البادية قاعدة لشن هجماته على المدن بهدف ادامة الصراع أكبر فترة ممكنة بانتظار الظروف المواتية

وجهته هذه المرة ستكون البادية السورية وهي التي يسيطر على معظمها باستثناء بعض المناطق في القلمون الشرقي وهذه البادية متصلة بصحراء الأنبار العراقية وتحاذي معظم المدن السورية حماة حمص دير الزور حلب الرقة درعا السويداء وحتى دمشق وينتظر الوقت المناسب لكي يظهر وربما بشكل أكبر وأخطر. يشير أصحاب هذا الراي إلى أنّ استعادة التنظيم لتدمر واستماته في اقتحام مطارات التيفور والسين تصب في هذا الاتجاه ، وبات معلوماً أن التنظيم يعمل على تجهيز البادية منذ زمن بعيد حيث حفر الأنفاق وجهز بعض المشافي والمقرات تحت الأرض.

السيناريو الثاني: امتداد التنظيم إلى دول و أقاليم جديدة

على مدار السنوات الماضية كوّن “داعش” تجمعات له في غرب أفريقيا وشمالها، وليبيا، واليمن، وأجزاء في سيناء المصرية. وفي ليبيا استقدم “داعش” مقاتلين من سوريا والعراق، بهدف توحيد واندماج المقاتلين تحت لواء الخلافة المزعومة. كما عمل التنظيم على ضمّ مقاتلين من تنظيماتت إرهابية منفصلة لصفوفه مثل تنظيم “بوكو حرام”، بهدف إيجاد امتداد أكبر لفكر التنظيم الإرهابي في مناطق مختلفة بالعالم. ويطلق المراقبون على هذه الخطة استراتيجية “بقعة الحبر”، لأن كل فرع سيتسع مثل بقعة الحبر على ورق نشاف. ويعد هذا السيناريو صعبا حدوثه على أرض الواقع في مناطق مثل اليمن، وغرب أفريقيا، بينما يسهل حدوثه في الجزائر وليبيا ، قد تكون وجهته القادمة الأردن والمملكة العربية السعودية عبر مثلث الحدود السعودية الأردنية العراقية والملتصق بالحدود السورية ، ربما الهجوم الفاشل للتنظيم على مدينة الكرك الأردنية مؤخرا محاولة لتكرار تجربة الموصل.

.
السيناريو الثالث: الذئاب المنفردة

وهو سيناريو مرجح أيضاً حيث أنّ هذا العمل لا يحتاج إلى جهود تنظيمية كبيرة إنما خبرة أمنية والتنظيم لا تنقصه هذه الميزة حيث سيكون العمل باتجاهين الاتجاه الأول في مناطق النزاع كما في سورية والعراق عبر عمليات تفجير سيارات مفخخة أو أحزمة ناسفة أو عمليات اغتيال لشخصيات محددة أو غير محددة أصلاً ويمكن تمويل مثل هكذا عمليات بسيطة بواسطة الخطف وأخذ الفدية. بهدف افقاد أي جهة تسيطر على المدن ثقة الناس ثم اقتناص الفرصة للهجوم بعد تشكيل جسم قيادي جديد للتنظيم مجدداً، الاتجاه الثاني هو ازدياد الهجمات على المدن الغربية بمختلف الوسائل المتاحة دهس جماعي تفجيرات والغاية هي نقل المعركة لأرض “العدو” فتصبح حكومات تلك الدول منصبة أكثر على تحقيق أمنها الداخلي أكثر من التركيز على حربها في مناطق تواجده.

السينايو الرابع : الخمول 

ربما يعمد التنظيم إلى زرع أكبر عدد ممكن من الخلايا النائمة في المناطق التي تخرج عن سيطرته وانتظار أي فرصة تسمح له بايقاظ تلك الخلايا وهذا السيناريو مرتبط بوجود قيادة للتنظيم تعمل على استغلال أي وضع سياسي أو أمني للسيطرة على منطقة ما لاحقا والعودة من جديد.