الرقة بالأسود للعام الثالث – الجزء الثاني

الرقة تذبح بصمت

نستأنف فيما حققه تنظيم داعش بعد مرور ثلاث سنوات على سيطرته الرقة ونتابع في وضع الرقة

 

تعليمياً : لطالما كانت سياسة فرض الجهل السياسة الاستعمارية الأبرز، كما كانت هذه السياسة شغل التنظيم الشاغل، فقد عمل التنظيم في بادئ الأمر على اغلاق الجامعات و المدارس وذلك بعد لصق تهمة الردة بكل من يعلِّم أو يتعلم بها، وعمد إلى تهديد المعلمين في حال قاموا بإعطاء دروس خصوصية في المنازل، فعهد إليهم باتباع دورة (استتابة) من المناهج السورية، بحجة وقوعهم بالردة لتدريس العلوم التطبيقية المنافية لشرعه، وعملهم في وزارات الدولة السورية التابعة للنظام، ليحرم جيلاً كاملاً من طلب العلم، ليقتصر التعليم بعد ذلك على مناهج خاصة أصدرها التنظيم متوافقة ومنهجه في غسل أدمغة الطلبة وتسييرها وما يتناسب مع أعماله الإرهابية، محولاً المدارس إلى تجمعات للصغار يحاول من خلالها تجنيدهم بغسل الأدمغة حيناً وبالترغيب المادي حيناً آخر، الأمر الذي لاقى عدم القبول من الأهالي الذين عزفوا عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، كما منع التنظيم سفر أبناء المدينة نحو جامعاتهم في المدن الآخرى، موقعاً العقوبات بمن يخالف قرارته.

عسكرياً: وكأن التنظيم لم يأتِ إلى الرقة إلا لحاجة في نفس يعقوب، ألا وهي تمهيد الطريقة ﻹقامة دويلة شريطية للأحزاب الإنفصالية الكردية، إذ قام التنظيم السنة الفائتة بتسليم مدينة تل أبيض وريفها بالكامل لصالح قوات الحشد الكردية، وهاهو اليوم يسلم الريف الغربي وذلك بتسليم ريف مدينة الطبقة والذي يشمل قلعة جعبر الأثرية إلى تلك القوات، دون مقاومة تذكر، فلم يشهد ريف الرقة أي معارك حقيقية بين التنظيم والقوات المهاجمة، هذا ولم تتوقف غارات التحالف بشن هجمات على المدينة مستهدفة قيادات للتنظيم بعينهم أو مواقع عسكرية لهم أو عمليات إنزال، بالإضافة إلى استهداف الغارات الروسية بين الفينة والأخرى حاصدة أرواح العشرات من أهلها.

طبياً: شهدت الرقة تراجعاً في الخدمات الطبية وذلك بعد خروج بعض المشافي عن الخدمة ولعل أبرزها المشفى الوطني، والذي يعد المشفى المجاني الوحيد الذي يقدم خدماته في مدينة الرقة، إذ تعرض المشفى للقصف لأكثر من مرتين، مما أدى لخروج قسم كبير منه عن الخدمة، كما قام التنظيم بالتضييق على الأطباء مانعاً الأطباء الذكور من معالجة الإناث، مما دفع العديد من الأطباء للهرب من مناطق سيطرة التنظيم نحو تركيا أو مناطق سيطرة النظام، حارماً أهالي الرقة من تلقي الخدمات الطبية، كما كان لقرار إغلاق المنظمات الإنسانية والطبية في الرقة، بحجة العمالة وقيامها بحملات “تبشيرية”، الأثر السلبي في تردي الوضع الصحي العام للمحافظة وحرمان أهلها من الأدوية واللقاحات والمياه النظيفة، فأصبحت حياة مئات الآلاف مهددة نتيجة تردي هذه الخدمات.