دواعش أوروبا الخطر الكامن – أسباب الجذب

الرقة تذبح بصمت

لا تزال الكثير من الدراسات ومراكز الأبحاث تتسائل عن سبب فعالية تنظيم داعش في استقطاب شباب غربيون ولدوا وعاشوا وتلقوا تعليماً وقيماً “أوربية” فلماذا ينجح التنظيم في استقطاب هؤلاء.

إن الاجابة على تلك الأسئلة ليست بالأمر اليسير فالأسباب كثيرة لكن هناك خطوطاً عامة نجمعها، أبرزها :

فشل الاندماج

كثير ممن انضم إلى تنظيم داعش سواء نجح في الذهاب إلى مناطق سيطرة التنظيم أو نفذ عمليات في أوروبا يعودون لأصول مهاجرة غالبيتهم ينحدر من مدن المغرب العربي كما في حالة صلاح عبد السلام الذي قام بتخطيط وتنفيذ هجمات باريس العام الماضي وألقي القبض عليه لاحقاً في بلجيكا.
جميع هؤلاء هم مواطنون يحملون جنسيات أوروبية ولدوا وتلقوا تعليمهم في تلك المدن لكن دائماً ما كانوا يعانون من نوع من التمييز وذلك منذ دور أصولهم التي قدمت إلى أوروبا وبالتحديد أكثر فرنسا وبلجيكا، عاشوا في “غيتوهات” مستقلة في بيوت فقيرة وأحياء مغلقة تقريباً، كثيراً ما نُظر إليهم على أنهم لصوص وقطاع طرق وتعرضوا لمضايقات من السلطات المحلية وصلت في بعض الأحيان إلى أعمال شغب جماعية ففي عام 2006 قامت مظاهرات في الضواحي الفرنسية احتجاجاً على مقتل شبين فرنسيين من اصول مغاربية أثناء اختبائهما من الشرطة تطورت إلى أعمال عنف وحرق للمباني والسيارات.

يؤكد أصدقاء القتيلين بأنهما ماتا هباءً ونتيجة أسلوب التفرقة العنصرية الذي تنتهجه معهم الشرطة. وقد أثيرت قضيتهما أثناء انتخابات الرئاسة الفرنسية التي كان يخوضها مرشح الرئاسة آنذاك ووزير الداخلية المستقيل نيكولا ساركوزي، فقد قيل له حين سأل عنهما أنهما لصان هربا من الشرطة مما زاد في تأجج الاحتجاجات، لاحقاً تمكنت الشرطة الفرنسية من ضبط الوضع بعد فرض حالة الطوارئ.

غياب أي مبادرة مجتمع حقيقي سوى بعض نداءات أئمة المساجد وبعض النشطاء في تلك المناطق لا تلقى أي أذان صاغية خاصة أن معظم هؤلاء الشباب غير متدينون أصلاً، ذلك الفراغ ولد نقمة عرف تنظيم داعش كيف يستغله ويتغلغل في صفوفهم فهو يدعوا للانتقام أكثر منه للإسلام وهو ما يوافق هوى أولئك الشباب الغاضب .

السجون 

نشوء تنظيم “داعش” ساهم في تقوية الرابط بين الجريمة والإرهاب، وأن داعش، وبدلا من أن يتوجه إلى الجامعات أو المؤسسات الدينية، فإنه تحول الى “الغيتوهات” والسجون و “الطبقات الدنيا” لتجنيد أشخاص لهم ماض إجرامي، فالسجون توفر إمدادات جاهزة من “الشبان الغاضبين” الذين “نضجوا” للتطرف. مما يسمح للجماعات الجهادية بالاستفادة من “المهارات القابلة للانتقال” بما في ذلك الخبرة في الأسلحة والتمويل الذاتي من خلال الجريمة.

الباحثون في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، ومقره لندن، قاموا بتحليل شخصيات 79 جهاديا أوروبيا لهم ماض إجرامي، من بلجيكا وبريطانيا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا، وجمعيهم إما سافروا للقتال أو تورطوا في مخططات إرهابية في أوروبا. و57% ممن شملتهم الدراسة كانوا في السجون قبل أن يجنحوا إلى التطرف، فيما 27% على الأقل ممن أمضوا عقوبة في السجن، جنحوا نحو التطرف وهم خلف القضبان.

ورأى الباحثون أن الجهاد للبعض، هو نوع من أنواع “التكفير” عما ارتكبوه .

استخدام الشبكة العنكبوتية

في حين اقتصر استخدام تنظيم القاعدة الذي انشق عنه تنظيم ةداعش للإنترنت على بث الكلمات لقادته وبعض المنتديات الجهادية الخاصة بأعضاء التنظيم، في حين أن الأعداد الكبيرة للمجندين في صفوف “داعش” جاءت عن طريق التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد عبر الشبكة العنكبوتية، إذ إن ذلك يعتبر أهم غرض لهم ليقينهم التام بأن استقدام عناصر جديدة داخل المنظمات الإرهابية، يحافظ على بقائها واستمرارها حيث يواصل التنظيم نشاطه الإعلامي من خلال العمل في المدونات، ومن أهمها مدونات باللغتين الروسية والإنجليزية؛ إذ تقوم الهيئة بترجمة الإصدارات الإعلامية إلى لغات أجنبية عديدة، كالإنجليزية والفرنسية، والألمانية، والإسباني، والأوردو، وغيرها وهو ما أكسبه الكثير من الأفراد من مختلف الجنسيات.

فالأشرطة والمواد الدعائية التي تصدرها المؤسسات الإعلامية التابعة للتنظيم كمؤسستي “الفرقان” و”الاعتصام”، تؤكد على التحول الكبير في بنيته وقدراته الفائقة، وتكتيكاته العنيفة، واستراتيجيته القتالية المرعبة؛ فقد أصدر سلسلة من الأفلام المتقنة، أطلق عليها “صليل الصوارم”. وأفادت بأن التنظيم يسيطر على عدد كبير من المواقع والمنتديات الإلكترونية، التي تحتوي على مكتبة هائلة وواسعة تختص بالأيديولوجيا والخطاب وآليات التجنيد والتمويل والتدريب والتخفي والتكتيكات القتالية وصنع المتفجرات.

الدراسة بأن عناصر “داعش” باتوا يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الشبكة العنكبوتية مع قضاياهم، ويجتذبونهم بعبارات براقة وحماسية من خلال غرف الدردشة الإلكترونية، مع علمهم بأن تسلية الشباب والمراهقين في الخليج العربي والمغرب العربي واوروبا وغيرهم هي الجلوس لساعات طويلة أمام الشبكة العنكبوتية خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، للحديث مع جميع أنواع البشر في مختلف أنحاء العالم ولعل تجنيد الشباب عن طريق الوسائل الحديثة أسهل بالنسبة لهذه المنظمات؛ لأن الشخص لا يظهر إلا بالصورة المثلى التي يريدها. فيقع الآخر في شباكه بسهولة.