الخِيار الخالق للإرهاب

الرقة تذبح بصمت
لم يعد عداء الحركات اليمينية واليسارية الغربية اتجاه المسلمين خفياً على أحد، والتي يستعرضها قادة اليمين المتطرف في أميركا وأوربا بشكل علني على وسائل التواصل الإجتماعي وفي المقابلات المصورة، إذ يسارع هؤلاء بعد كل عمل إرهابي أو في كل خطبة لحشد مؤيديهم إلى اتهام الإسلام والمسلمين بالتطرف.

وما كان وصول ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وما سبقه من وصول العديد من الحركات المتطرفة ضد المسلمين في أوربا، إلا نتاجاً ناجحاً لسعيهم في شيطنة وخلق عدو لشعوبهم، يستثمرون من خلاله أصوات ناخبيهم، وثروات ممولي حملاتهم القائمة على بيع السلاح والدواء لدول الحروب.

فلا يمكن اليوم لوم ترامب، بعدائه للمهاجرين المسلمين نحو بلاده، فهو من وصل إلى حكم الشعب الأمريكي حاصداً أكثر من نصف أصوات شعبه، بما سوقه الإعلام الغربي لمواطنيه عن الشبح الإسلامي الذي يغزو بلادهم، متذرعاً بأفعال تنظيم داعش وإصدارته المملوءة بالقتل.

ففي بلادنا هناك ألف ألف ترامب والكثير من التجارب المستنسخة فكرياً عن مارين لوبان، فمن قوات الحشد الشعبي الشيعي في العراق وما نتج عنها من ردات فعل كتنظيم داعش وانتهاكاته في سوريا والعراق، والذي لم يكتفوا بالتجييش الإعلامي، شاغلين أنصال سكاكينهم في أعناق المسلمين والعرب، عاملين بجهد مدمى لإجتثاث كل من لا يوافق أهوائهم.

إلا أنّ ما يجهله الغربيون عامة والأمريكيون خاصة، أنّ وصول أصحاب اليسار المتطرف بتصريحاته ونواياه المعلنة، لن يحمي بلادهم من ردات الفعل، فالضغط يولد الإنفجار الحتمي، والإرهاب بكل أشكاله يجلب إرهاباً مضاداً يساويه في القدر أو يزيد عليه، وستكون العواقب على أمنهم القومي والوطني جسيمة.

فتصريحات ترامب ووعوده الغريبة لن تخدم إلا من ينادي بالموت لأمريكا سواء تنظيم داعش أو القوات الشيعية المدعومة إيرانياً، والتي ستظهر بثوب المدافع عن المسلمين والمضطهدين من السياسات الغربية التعسفية، ما يضفي عليها شرعية المدافع عنهم. وبعد أن تصدّر اليمين المتطرف انتخابات أعضاء البرلمان الأوروبي في فرنسا بات طبيعياً أن يتراجع الزخم الحضاري والانفتاحي لباريس في المحافل الدولية، مما يعكس إخفاق اليسار الحاكم وضعف جاذبية اليمين المعتدل.

فلا يبدو اليوم أحداً قد عاش نشوء انتصار ترامب ولوبان أكثر منه إلا زعماء تلك التنظيمات الردكالية، وأعينهم على ما ستجلبه الإنتخابات المحلية الفرنسية داعياً بخشوع لفوز حزب الجبهة الوطنية اليميني، والتي ستكون سفينة نجاة لهم بعد انقطاع مصادر تجنيد المقاتلين في صفوفهم.

فلينعم الشعب الأمريكي بخياره، ولتعمل أوربا على شيطنة المهاجرين، ولنتقاسم كأس الموت سوياً.
Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".