وقاحة الحشد الشعبي و غباء داعش الممنهج

الرقة تذبح بصمت

أعلنت ميليشيات الحشد الشعبي عن نيتها و عزمها عبور الحدود السورية و القتال مع قوات النظام السوري لطرد مقاتلي تنظيم الدولة من هناك و جاءت هذه التصريحات على  لسان المتحدث الرسمي لميليشيا الحشد الشعبي  ” أحمد الأسدي ” يوم السبت   بعد الاعتراف الرسمي بالمشاركة في معارك الموصل و بالتزامن مع تطورات المعركة  في المدينة .  فيما صرّح نائب رئيس “هيئة الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس ”  أن  الحشد   غير مكلف بالدخول إلى مركز الموصل، وإن الوجهة المقبلة للحشد بعد معركة الموصل ستكون الرقة و ديرالزور .”

فهل بدأت حماقة داعش تعطي ثَمرها الذي يُؤكل ؟!

يبدو أن حماقة داعش في سوريا و العراق بدأت نتائجها  تظهر جلية و بشكل كامل، فقد عمد التنظيم و منذ  إعلانه عن خلافته المزعومة في منتصف  2014 إلى تفريغ المناطق السنية من مقاتليها و ملاحقتهم و قتلهم وكان هذا واضحا في الرقة و ديرالزور و تدمر و مناطق من ريف حمص و حلب و دمشق عندما شن التنظيم هجوما عسكريا على فصائل الثورة السورية هناك  و اتهامها بالردة و الكفر و العمالة.

إذ عمد التنظيم على تصفية و اغتيال قادات الجيش الحر و الكتائب الإسلامية و ظهر ذلك في خطابه الديني حيث روج التنظيم لعناصره ”  أن قتال المرتدين و المقصود بهم الجيش الحر و الكتائب الإسلامية أولى من قتال العدو الظاهر و المقصود به قوات النظام السوري أو حلفائه من العراق و إيران.

و إن حالة الانتهازية التي تتمتع بها داعش جلبت الويلات و الخراب للمناطق السنية سواء  في العراق أو في سوريا. فالتزام داعش في قتال المجموعات السنية بوحشية و صلابة بدا جليا في اجتثاث هذه المجموعات المقاتلة و تفريغ المناطق السنية من سلاحها و رجالها ثم تسليم هذه المناطق للنظام السوري كما في تدمر أو للحشد الشعبي كما في العراق.

وفي أدبيات داعش الفكرية كانت البرغماتية أيضا جزءا من خطابه العام فهو يعتمد على تكفير و مقاتلة الجهاديين و أقرانه في الساحة لكنه و في المقابل يقبل بيعة قطاع الطرق و اللصوص كما حدث في ديرالزور حين وافق التنظيم على بيعة كثير من اللصوص و المنبوذين من قبل الجيش الحر بسبب سوء سلوكهم  لكن مع ذلك ضّمهم التنظيم في صفوفه و عينهم في مناصب حساسة بين سوريا و العراق.

” الحرب خدعة ” ذريعة داعش في تسليم المدن السنية،  فهل الرقة و ديرالزور بعد تدمر أيضا ؟

مع تطورات معركة درع الفرات جاء انسحاب تنظيم داعش من مناطق في ريف حلب الشمالي ” تل شعير و معمل الاسمنت و مدرسة المشاة ” بشكل مفاجئ. حيث انسحب التنظيم من هذه المناطق و سلمها للميليشيات  الكردية و قوات النظام السوري، بينما كان رد التنظيم على معارك الموصل  عبر مجلته الرسمية “النبأ” قائلا : “إن إشغال الكفار بأنفسهم خير من تركهم ينشغلون بنا، وإن ضربة في الظهر تساوي عشرات من مثيلاتها في الوجه أو الصدر”. وهذه التصريحات لا تختلف كثيرا عن حجج التنظيم في تسليم مناطقه بشكل سهل لقوات  النظام السوري أو المليشيات الكردية كما في ريف حلب.

في المقابل أعلنت  وزارة الدفاع الأمريكية  تحضيرها  لهجوم واسع على مدينة  الرقة بالاستعانة بالـميليشيات الكردية و بحسب قائد المهام المشتركة ضد التنظيم في العراق و سوريا ” بأن توظيف و تدرب و تسليح بعض من قوات قسد –  قوات سوريا الديمقراطية و التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية جزءاً كبيراً منها وتمتلك قيادتها – هو جزء من تحضيرات المعركة حول مدينة الرقة وفي المقابل جاءت تصريحات مستشار الأمن الوطني في الحكومة العراقية و رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض بنية دخول قوات بلاده الأراضي السورية بعد تحرير الموصل، مبررا ذلك لملاحقة عناصر تنظيم الدولة هناك.

وتثير هذه التصريحات حول مدينة الرقة و ديرالزور من قبل الأمريكان و الحشد الشعبي مخاوف الأتراك حول اشراك المليشيات الكردية أو الشيعية في معركة  الرقة.  وحول التداعيات لمعركة الموصل أعرب الرئيس التركي عن استعداد بلاده للتحرك نحو مدينة الرقة دون مشاركة منظمات إرهابية  قائلاً: “إذا كانت قوات التحالف مستعدة للتحرك معنا سنقوم بما يجب ضد داعش في الرقة أيضاً، لكن دون مشاركة  تنظيم PKK ، لا نريد تنظيمات إرهابية معنا .