سلبوا منهم طفولتهم ، وقدموهم للموت كالرجال

فرات الوفا – الرقة

100

في ظل المعارك الحاصلة في سوريا وفوضى الحروب الدائرة التي تتشارك فيها بلدان العالم ككل ، وتسعى كل دولة لتصفية حساباتها مع الدول الأخرى في سوريا ، التي أصبحت ساحة لتصفية الحسابات المخابراتية العالمية ، هناك آهات ، وآلام ، وأحلام ضاعت ، وأضاعت معها طفولة ذنبها أنها تعيش في وطنٍ يديره وحوش ، أداروا ظهورهم لمستقبل بلد كامل بتاريخه ، وحضارته ، وأهله ، ليبقوا على مقاعد السلطة ،يمارسون طغيانهم وإنتهاك الحقوق ، وسلب الحرّيات والكرامات ، أطفال سوريا ،هذا الجيل الذي نشأ في هذه الحرب ، فقد طفولته ويفقد رويداً ، رويداً إنسانيته ، في ظل هذه المجازر التي يندى لها جبين البشرية والتي ترتكب بشكل شبه يومي ، على مرأى ومسامع العالم أجمع ، العالم الذي أغلق عينيه عن صراخات ، وجراحات أطفال سوريا وآلامهم وآمالهم واليوم وسط هذه الفوضى والدمار ، يخرج أطفال سوريا الذين سلبوا طفولتهم من أوكار الخوف ، ومحطات الشتات في الداخل ، تتلقفهم الحرب فكرياً ، ونفسياً ، وعسكرياً ، يستغل ضعاف النفوس والدين حماس الأطفال ، وأندفاعهم ، وعذاباتهم ، ليجعلوهم وقود الحرب في سوريا .

يعمل تنظيم داعش  بشكلٍ ممنهج على إستمالة الأطفال لتنظيمهم ، وتسميم أفكارهم ، بفكرهم الذي ألحق بسوريا وأهلها الويلات فضلاً عن النظام السوري ، يتم تصيّد الأطفال بسن 12 -13 فما فوق من خلال حلقات ودروس القرآن التي يقيمها التنظيم ، كوسيلة ومفتاح لجذب الأطفال ، فتبدأ عملية غسل الأدمغة ودس السموم وتسميم الأفكار ، ليخرج الطفل من حلقات العلم إلى حلقات العمل ( الكائنة ) في المعسكرات التي يقيمها التنظيم تحت مسمى ” أشبال الدولة الإسلامية ” والمنتشرة في كل مكان يتواجدون به .

حدث في محافظة الرقة أكثر من مرّة أن فقدت أسراً أطفالها ، وفي رحلة بحثهم يعلمون أنهم في قبضة عناصر تنظيم داعش فإن كانت الأسرة تنحدر من عشيرة ذات قوة ومنعة ، يستطيعون الذهاب لإعادة أبنائهم وإن كانوا من أسر بسيطة يخافون حتى مجرد السؤال عن أطفالهم ، حدث قبل حوالي أسبوع من هذا التاريخ تقريباً أن فقدت إحدى الأسر في محافظة الرقة طفلها وبعد أن بحثوا وكلّوا وملّوا من البحث ، جائهم إتصال من طفلهم الضائع ليقول لهم : أنه بايع أمير المؤمنين ، وأنه ترك المنزل لأن أهله كفّار وهو لايعيش بين الكفار !

وفي آخر جرائم التنظيم وعمليات غسل الأدمغة وتسميمها ، يستخدم التنظيم الأطفال في جبهات القتال الحامية الوطيس ، وآخرها معركة تحريرمطار الطبقة العسكري في الريف الغربي لمدينة الرقة ، حيث أستخدم تنظيم داعش طفلاً لايتجاوز سن الرابعة عشر من عمره لعملية إنتحارية بسيارة مفخخة لإقتحام المطار الطفل ذو الأربعة عشر ربيعاً ، المفترض أن يكون في مقاعد الدراسة يحلم كغيره من أطفال العالم ، بلعبةٍ جديدة ، ومستقبلٍ يكون فيه مهندساً أو طبيباً ، أصبح وقوداً لحرب لاناقة له فيها ولاجمل ، تحول إلى أشلاء بضغطة زر واحدة وذهب ، وذهبت معه إنسانية ، نسمع بها عند العرب والغرب ولا نراها الطفل ” سفيان العمر ” المكنّى ( ابو علاء الشامي ) يبلغ من العمر 14 عاماً فجّر نفسه بسيارة مفخخة في حربٍ عبثية ، في حربٍ للبقاء على عرش الحكم في حربٍ يراها العالم ويغمض عينيه عنها ، سفيان العمر الذي لحق بأبيه الذي سبقه بيومين بذات المعركة على أسوار مطار الطبقة العسكري ، دمائه في رقاب علماء المسلمين ، في رقاب القادة ، والرؤوساء ، والحكّام العرب ، دماؤه ستكون لعنة تحلّ على أرواحهم جميعاً ، بدعاء أم مظلومة ثكلى ، وأخوة أيتام وأمةٍ مسلمة تعاني من الظلم والظلام ، فمتى ستستيقظ ضمائركم أيها الحكام ؟!