تجاذبات معركة الموصل

الرقة تذبح بصمت

تعد معركة الموصل العراقية كمباراة لكرة قدم في الدوري الممتاز، استعد طرفاها بشكل جيد، بهدف تحقيق أهداف ميدانية تعد لكلا الطرفين مفتاح السيطرة ورسم الخريطة الجديدة للمنطقة.

فقد عمل تنظيم داعش منذ أكثر من سنتين على تعزيز دفاعاته في الموصل، والتي تعد أكبر معاقله في العراق، فحفر الأنفاق وعزز السواتر الترابية، كما عمد إلى تجهيز خزانات النفط بهدف حرقه وتشكيل سحابة فوق المدينة بغية تحييد الطيران الحربي عن أهدافه، بالمقابل تعمل ثمان قوى على استعادة الموصل من أيدي عناصر التنظيم وهي: “قوات مكافحة الإرهاب، الجيش العراقي، الشرطة، التحالف الدولي، البشمركة، الحشد الشعبي الشيعي، فرق من القوات الإيرانية، قوات تركية”.

إنسانياً، وطبقاً للأمم المتحدة، من الممكن أن تؤدي المعركة إلى تهجير 1.2 مليون شخص من المدينة. ويعيش حالياً حوالي 213 ألف شخص من مدن الموصل والفلوجة والقيارة بمخيمات اللاجئين في شمالي العراق، ومن المتوقع أن يهرب 200 ألف شخص من مدينة الموصل خلال المراحل الأولى للهجوم. ولهذا قامت الأمم المتحدة بتوسعة مخيمات اللاجئين، وبناء العديد من المخيمات الجديدة في شمالي العراق لاستيعاب تدفق السكان أثناء الهجوم.

وتم إنشاء مخيمين آخرين بديباغة جنوب شرقي الموصل في شهري تموز وآب لاستيعاب السكان الفارين من القرى شرقي نهر دجلة. وقد تضاعف عدد سكان مخيمات ديباغة منذ افتتاحها العام الماضي.

وفي المرحلة الأولى من عملية طرد داعش من الموصل، فقد شهدت المدينة حركة نزوح باتجاه محافظة الرقة وريف دير الزور، حيث مناطق سيطرة التنظيم، بالمقابل شهدت مدينة الرقة انسحاب عدد من الحواجز في المدينة ونقص عدد الدوريات التابعة للتنظيم في الشوارع، حيث علمت “الرقة تذبح بصمت” عن سحب التنظيم لعدد من مقاتليه وتوزيعهم في الريف الشرقي لمحافظة حلب وارسال عدد منهم نحو الموصل العراقية.

الموصل العراقية التي ظهر فيها أبو بكر البغدادي أمير تنظيم داعش للمرة الاولى ليست لقمة سائغة كما يظن البعض وفي المقابل ليست حصناً منيعاً لا يمكن دخوله، فالمعركة بالنسبة للولايات المتحدة هامة جداً لما لها من مآلات ونتائج خاصة في الداخل العراقي، لكن حجم ونوعية القوات المشاركة وعدد السكان وحجم المدينة لن يكون بحانب القوات المهاجمة بالاضافة لرمزية المدينة بالنسبة لعناصر التنظيم، فالموصل ليست الفلوجة.

فما بعد المعركة مهم ايضا في ظل الوضع العراقي المبني على المحاصصة خاصة في ضل غياب العرب السنة عن التمثيل الواضح، ونجاح معركة الموصل يعني ان الولايات المتحدة نجحت الى حد كبير في محاربة التنظيم ولكن هل ستكون بهذا الانتصار قد اوقفت التمدد الايراني في العراق او انقاذ العراق من الوضع الداخلي السيء وسيطرة بعض الميليشيات على الدولة ومقدراتها كـ الحشد الشعبي؟.

وفي ضل الانباء عن البدء بتشكيل قوة لمحاربة التنظيم في عاصمته السورية “الرقة” هل ستعتمد الولايات المتحدة على عدّة اطراف كما فعلت في معركة الموصل، وهل سيكون النظام السوري احدها؟.

جميع الانباء تتحدث ان عناصر التنظيم الفارين من الموصل وعوائلهم اتجهت وسوف تتجه الى الرقة مما يعني تجمع وتحصن العشرات بل المئات هناك وهذا يعني ان معركة الرقة لن تكون بهذه السهولة خاصة ان الولايات المتحدة تعتمد كلياً على الميليشيات الكردية في معركة الرقة المستقبلية والتي يرفضها السكان بشكل اساسي وسيكون لمشاركتها الدور الاكبر في اطالة امد المعركة وربما خسارتها ودفع العديد للانضمام لداعش.