قرابين الوهم

الرقة تذبح بصمت

لا تمرّ مناسبة إلا كان تنظيم داعش الأكثر احتفاء بها، ليرينا مدى وحشيته وتفننه في أساليب القتل، وكلّما اتّبع أسلوب وحشيّ أتى على أسلوب أكثر وحشيّة٬ إصدار “صناعة الوهم” الذي أظهر فيه التنظيم قيامه بنحر عدد من شباب مدينة دير الزور، حيث بثّ مشاهد تظهر كيف قام أحد عناصر التنظيم بارتدائه صدرية بيضاء ليظهر وكأنّه جزار٬ ومن ثمّ قام بتعليق الشباب من أقدامهم وهم مكبليّ الأيدي وجزّهم واحد تلو الآخر في أحد المسالخ٬ وكأنّهم قرابين العيد، هادفين إلى تشويه هذه المناسبة المقدّسة بالنسبة للمسلمين.

لم تكن هذه الطريقة الوحشيّة الأولى ولا الأخيرة، إذ في كلّ مرّة يبث ّ فيها التنظيم إصداراته يصوّر لنا فيها أساليبه المقيتة في الإعدام والتي تعكس الحالة النفسيّة لمرضى داعش المتمثّلة بإجرامهم، القادمين من أصقاع الأرض ليخوضوا تجربة المغامرة والإجرام ويتم استغلال تلك الأمراض في التفنن بأساليب القتل وإظهار حقد وغلّ التنظيم، أساليب وحشيّة جعل منها داعش الطريق الأسهل والأبشع لإخضاع الرقاب تحت سلطته، أساليب يتعدى بها الحق ويشرّعها لإرساء قواعد دولته المزعومة، فقد عمل وخلال مدّة لم تتجاوز العامين على إنتاج المئات من الإصدارات٬ التي تحتوي على مشاهد وحشيّة عمد خلالها على إعدام الكثير من مناهضيه من مدنيين وعسكريين والذين هم أكثرهم من أهل السنّة، فهو يقدم كلّ هؤلاء الضحايا على هيئية قرابين يطهّر بهم دنس دولته المزعومة، متفنناَ في طرق ذبحهم، أساليب تنوّعت ما بين الإحراق والإغراق والتفجير.

وماهي إلا أساليب من صنيعة الحكومات والمخابرات العالميّة، جعلت من داعش أخطبوط المنطقة ليكون أذرعاً مُستثمرة لأكثر من جهة، ذراعاً إيرانيّة من حيث قتله وتهجيره لأبناء السنّة، وذراعاً أميركيّاً لتسليمه الشمال السوريّ لإقامة منطقة انفصالية لصالح المليشيات الكردية مُبعداً بذلك الاتهام المباشر لهم، ولكن يبقى الذراع الأبرز والأهم وأيضاً السبب المباشر لتأسيسه هو قتل روح الثورة السوريّة حيث عمل التنظيم على قتل وتصفية العديد من قادة ومقاتلي الجيش الحرّ٬ وكذلك قتله النشطاء الإعلاميين حيث عمل على تفجيرهم بأدواتهم الإعلاميّة كي يفقؤوا عين كلّ من يرصد إرهابهم ووحشيتهم، ليكونوا بذلك الجسم البديل عن النظام في تنفيذ أساليب القمع و كمّ الأفواه مُتّبعاً نفس أسلوبه في تلفيق التهم للضحايا ولعلّ التهمة الأبرز والمنسوبة لأغلب ضحاياه في الآونة الأخيرة هي إعطاء إحداثيّات لطائرات التحالف الذي يبدو وكأنّه عاجز عن تحديد هذه الإحداثيّات .