قراءة في أحداث الاسبوع

خاص – الرقة تذبح بصمت
زواج لن يدوم
انفجار شاحنة مفخخة في القامشلي يسفر عن استشهاد أكثر من خمسين وجرح قرابة 70، مع دمار كبير تسبب به التفجير، وداعش تتبنى، والنظام يستهجن.
من يعرف طبيعة حواجز التفتيش التي أقامتها القوات الكردية يجزم باستحالة مرور الشاحنة ودخولها للقامشلي عبر هذه الحواجز ولا سيما أن كميّة المتفجرات كبيرة جداً.
وصرامة القوات الكردية بالتفتيش ودقتها يدفع الاتهام مباشرة للطرف الآخر المتمثل بالنظام رغم تبني داعش للتفجير، فداعش لا تترك لقيطاً لا تتبناه فكيف هذا التفجير؟!
وهناك احتمالان، احتمال شراء داعش لحواجز النظام، وميليشيات الدفاع الوطني، وهذا احتمال وارد نتيجة الفساد الكبير فيهما، واحتمال عمل مخابراتي هدفه توجيه رسالة للكرد مفادها أنكم لا تستطيعون تخطي الخطوط الحمراء فبإمكاننا حرقكم في أي وقت، فلا تنخدعوا بأنفسكم، ويظهر أن قوات الحماية الكردية أخذت الاحتمال الثاني مما دفعها لاتهام أجهزة النظام صراحة بالوقوف وراء التفجير
ويتضح من هذه الرسائل والاتهامات أن زواج المتعة القائم على اللذة العابرة لن يستمر طويلاً، فما يفرِّق الطرفان أكثر مما يجمعهما بكثير، ويصل حدّ التناقض فالنظام لن يقبل بحال إلا أن يكون شمولياً فهذه طبيعة رئيسة في أنظمة الاستبداد، وبالتالي يستحيل على الكرد تحصيل أي حق من النظام، ومن يحسب أنه يستطيع استثمار الظرف الراهن فإنه يسعى وراء سراب، فإما يبقى النظام -وهذا شبه مستحيل- ومحال بالتالي إقامة أي نوع من الإدارة الذاتية أو الفيدرالية، وإما تنجح الثورة -وهو الأرجح وفق منطق التاريخ- وستخسر قواتُ الحماية الكردية الكردَ والعرب نتيجة زواجها النفعي مع النظام، ففي الثورات يوجد فئة صامتة لكن لا يوجد طرف ثالث كما تدعي قوات الحماية الكردية.
وترتكب قوات الحماية خطأ استراتيجياً عندما تجعل من نفسها أداة بيد الآخرين، فالنظام يستثمرهم في حربه ضد الثوار، والتحالف في حربه ضد داعش بينما تتطلب مصلحة الكرد الوقوف مع الشعب لصوغ قرار وطني يرفض داعش، وإملاءات الخارج، واستبداد النظام، فالكل راحل وتبقى الأرض والشعب.
النصرة تفك ارتباطها بالقاعدة
أعلن أبو محمد الجولاني أمير جبهة النصرة فكّ ارتباط “جبهة النصرة” مع تنظيم القاعدة، وتسمية التشكيل الجديد ب”جبهة فتح الشام”.
لم يكن إعلان فك الارتباط مفاجئاً للمتابعين للشأن السوري، بل يراه بعضهم تأخر كثيراً، وسبب تأخيره حرجاً للثورة والثوار وسبب كثير من المآسي لهم، في حين يراه بعضهم مناسباً في توقيته بل يرى أن فك الارتباط قبل هذا اليوم ربما ستكون نتائجه كارثية على الثورة السورية، فتنظيم داعش كان يُراهن منذ اليوم الأول لإعلانه حلّ النصرة لاستقطاب عناصرها، وبالتالي فاتخاذ قرار فك الارتباط قبل هذا التاريخ يعني تقديم دعم مباشر لداعش، ويميز مؤيدو هذا الرأي بين التشدد وبين التطرف إذ يمكن التعايش والحوار مع الأول وتليينه، ويستحيل مع الثاني.
وجاء إعلان الجولاني عقب مباركة “القاعدة الأم” هذا القرار، وترك الحرية للمجاهدين على الأرض، ويوجه انتقاد حاد للنصرة هنا، ويؤكدون أن موافقة القاعدة الأم على قرار فك الارتباط دليل على أن الفك شكلي، فالتغيير تناول الاسم دون المسمى.
ويتخوف قسم من السوريين أن يكون فك الارتباط مجرد خدعة من النصرة لجذب مؤيدين جدد على مستوى الأفراد والجماعات تمهيداً لإعلان إمارة إسلامية على غرار خلافة داعش بدليل عدم رفع علم الثورة السورية عند إعلان فك الارتباط.
ولا شكّ أن قرار الفك سينعكس تأثيره على الثورة السورية داخلياً وخارجياً، فالخطوة الأصعب تم اتخاذها مما يشير أن الخطوات اللاحقة نحو الثورة ممكنة، فقبل عامين كان قرار فك الارتباط مستحيلاً وهذا يعني رفع الحرج عن تعاون الفصائل الوطنية والإسلامية مع النصرة، وربما يعقب ذلك تشكيل تحالفات داخلية تمكن المعارضة من مواجهة كثير من التحديات، وينبغي هنا عدم وضع العصي في العجلات وتقليل شأن الانفكاك، فالثورة بحاجة لبندقية تقاتل معها، ويُستغرب هنا من حرص كثيرين على كسب عداء النصرة في حين يرون ويباركون ويغظون الطرف عن نظام الأسد “العلماني، القومي” وهو يستعين بقوى أجنبية وطائفية راديكالية ثبت إجرامها.
أما على الصعيد الخارجي فلا ننخدعن بالمواقف الأمريكية الآنية، فأمريكا قد تحول الوطني لإرهابي، وقد تحول الحركات الإرهابية لحركات تحرر وطني كما هو حاصل مع حزب العمال الكردستاني، وذلك يكون رهن المصالح لا المبادئ، فأمريكا رغم حربها الطويلة والمكلفة بأفغانستان تفتح قنوات مع حركة طالبان، وهنا نرى أنّ فك الارتباط لم يكن مجانياً، فمن المؤكد أن جبهة النصرة قد حققت مكاسب مالية وعسكرية عبر تفاهمات معينة مع دول إقليمية بالإضافة لمحاولة حماية نفسها، وما يخفى في السياسة يكون أعمق وأبلغ تأثيراً مما يقال في العلن.
وما يساعد النصرة حقيقة على امكانية الاقتراب من خط الثورة أن الغالبية الساحقة من عناصرها سوريون، وعددهم لا شكّ سيزداد عقب فك الارتباط، وهذا يجعلهم أكثر حرصاً على وطنهم، وتفهماً لاحتياجاته فالنصرة أو “جبهة فتح الشام” أو أي حركة أو فصيل في نهاية المطاف سيذوب في جيش سورية المستقبل أو يتم محاربته في حينها، وكل هذه التسميات مراحل مؤقتة، وعلينا بالتالي أن نتقبل كل من يقبل المشروع الثوري، ونعمل على الاستفادة منهم في إنجاح الثورة، وبناء الوطن، وتأجيل نقاط الخلاف لمراحل لاحقة فما يجمع أكثر مما يفرق.
حلب تئن تحت الحصار
النظام يحكم حصاره على حلب بالسيطرة على طريق الكاستيللو، وحي بني زيد المقابل له.
نجح النظام بمحاصرة أحياء حلب المحررة بمساعدة الغطاء الجوي الروسي والميليشيات الطائفية، ولم يكن ليحقق النظام ذلك لولا تلك المساعدة، والموافقة السياسية الدولية.
. وبات قرابة نصف مليون رهينة سلاح الحصار القذر المتمثل بالتجويع والقصف اليومي كما هو حاصل في داريا وغيرها
ومن يتتبع مراحل سيطرة النظام يلحظ الخدمات الجليلة التي تقدمها “قسد” لقوات النظام، فالثوار انسحبوا من حي بني زيد بعد أن أصبحوا محاصرين في خاصرة رخوة نتيجة سيطرة قسد على السكن الشبابي، وهذا يعيدنا لمرحلة السيطرة على تل رفعت من قبل قسد، وفك الحصار عن نبل والزهراء فقد حصل ذلك أيضاً بغطاء روسي، وتنسيق عملياتي بين النظام وقسد على الأرض.
لن نتهم ” قسد” بالعمالة للنظام، إذ لم يعد بمقدور قسد والنظام حقيقة فعل شيء، فالطرفان ينفذان الخطة الروسية لمستقبل سورية، وليس في وسعهما رفض الإملاءات الروسية.
فضّل النظام تسليم الوطن للروسي والإيراني على الاستجابة لمطالب شعبية، وليس أدل على ذلك من إصدار وزير الدفاع الروسي فتح ممرات آمنة لمواطنين سوريين، ومن المضحك المبكي أن النقد لروسيا جاء من دي ميستورا لا من النظام السوري، فدي ميستورا يرى أن الممرات الآمنة وظيفة الأمم المتحدة، في حين يرى النظام أن السوريين شأن روس!.
ونعتقد أنّ المسعى الروسي لن ينجح، وحصار حلب لن يطول، فما يملكه الثوار من قوة وعزيمة يمكنهم من تحرير كل حلب لكنّ ذلك يحتاج تجميع هذه القوة وتنظيمها داخل حلب وخارجها، إذ لا يعقل أن نجد كثيراً من المسميات في مدينة محاصرة، ويعمل كل مسمى منفصلاً عن الآخر!.
منبج الثقب الأسود
استمرار المعارك مع تقدم بطيء جداً لقسد وسط استمرار المجازر بحق المدنيين.
يدخل الحصار في منبج شهره الثالث فيما تشهد المدينة معارك ضارية، ويدفع المدنيون الفاتورة الأكبر دماً وجوعاً ودماراً.
ورغم دخول الحصار شهره الثالث، وتقديم دعم جوي لا محدود لقوات قسد إلا أنها -حتى الآن- تفشل في تحقيق نصرٍ ساحق على داعش بل تكبدت خسائر فادحة في الأرواح، وهذا مايراهن عليه داعش الذي يعد معركة منبج معركة كسر عظم.
وما يفاقم المعاناة اتباع سياسة الأرض المحروقة، وعدم الدقة في توجيه الضربات، ولا يهتم الأهالي هنا، سواءً أكان الخطأ من التحالف، أو قسد في إعطاء الإحداثيات حيث ينحصر اهتمام الأهالي بأرواحهم وأرزاقهم المدمرة.
واستمرار المعارك على هذه الوتيرة يعني دماراً محتماً للمدينة من جانب، وتزايد وتيرة الضحايا المدنيين من جانب، وزرع أحقاد بين العرب والكرد في مدينة كانت نموذجاً مشرقاً للثورة قبل مجيء داعش حيث التعايش المشترك بين العرب والكرد والشركس. فهل تحسم المعارك سريعاً أم تتحول منبج لثقب أسود يغيّبُ الجميع.
من يمنح العفو؟!
الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً يمنح عفواً عن كل من حمل السلاح، أو حازه لأي سبب من الأسباب متى بادر إلى تسليم نفسه أو سلاحه خلال ثلاثة أشهر.
يذكر أنّ مرسوم الأسد جاء لاحقاً لقرار وزير الدفاع الروسي فتح ما أسماه “ممرات آمنة” للمدنيين، وألقى النظام مناشير أوضح فيها هذه الممرات الآمنة، وطريقة الخروج.
واستقبل أهالي حلب المرسوم بالاستهزاء إذ بدأ منشوره بالقول: إلى أهالي حلب الكرام.
فيقولون ساخرين: ألا يستحي من قصفه ناساً كراماً كل هذه السنين؟! ثم إن فتح الممرات الآمنة اعتراف صريح منه على وجود مدنيين آمنين كان يقصفهم طوال هذه السنين.
ولا يجرؤ 90% ممن يقطن المناطق المحررة التوجه لمناطق النظام، إذ لم يعرفوا عن النظام وفاء بعهد.
ويبقى السؤال الكبير: أيعفو المجرم عن الضحية أم العكس؟ فالنظام ارتكب ويرتكب مجازر مروعة بحق أهالي حلب، ناهيك عن التدمير الذي ألحقه بتلك المناطق، والصور التي عرضها تلفزيون النظام لحي بني زيد توضح بشكل جلي التحرير الذي يريده ويسعى له النظام.
ويبدو لافتاً هنا موقف دي ميستورا من الممرات الآمنة إذ أكد أن الممرات الآمنة ينبغي أن تترك للأمم المتحدة لما لديها من خبرة، وينبغي منح الأهالي خيار البقاء وعدم إجبارهم على الخروج. فما الذي يريده دي ميستورا، وهل اقتنع بعبثية الحل السياسي مع النظام؟!
تركيا بعد الانقلاب
المجلس الأعلى العسكري في تركيا يبقي قادة القوى البرية والجوية والبحرية في مناصبهم.
مع مواصلة الحكومة التركية تطهير مؤسسات الدولة ممن تسميهم “الكيان الموازي” يعقد مجلس الشورى العسكري اجتماعاً مهماً يبقي فيه القادة الكبار في مناصبهم، ويدلل هذا القرار على قصور الانقلاب، وفشله في جر المؤسسة العسكرية نحو انقلابه.
وكشفت التسريبات الصحفية وكلام أردوغان أن ثمة أياد خفيّة للمخابرات الأمريكية تقف وراء محاولة الانقلاب رغم نفي الولايات المتحدة لذلك، ومجرد توجيه الاتهام للولايات يدلل أن العلاقات الأمريكية التركية قبل الانقلاب تختلف عما بعده.
ويخشى مراقبون أن تسهم عمليات التطهير في تكريس سلطة الفرد، وخاصة إذ نجح أردوغان بتنفيذ مسعاه في جعل الجيش والمخابرات تحت إشرافه.
أوقفوا مجازركم، ولا نريد ممراتكم
هيومن رايتش ووتش تؤكد استخدام الطيران الروسي والسوري قنابل عنقودية محرمة دولياً على نطاق واسع.
نورد الخبر للتدليل على حجم النفاق لدى المجتمع الدولي، واستهتاره بالدم السوري، وللتدليل على مقدار الكذب الروسي، فالقنابل العنقودية قنابل عمياء ويبقى أثرها بعد الحرب لفترات طويلة ولهذا السبب محرمة دولياً، وهذا يؤكد أن السوريين يقتلون بشكل عشوائي وبسلاح دولة عضو دائم في مجلس الأمن!.
ويظهر الكذب الروسي عبر إنكارهم استخدام هذا السلاح، وهنا يتساءل أهالي حلب: كيف نصدق الروس في ممراتهم الآمنة، وهم يمطروننا بقنابلهم وصواريخهم وينكرون ذلك.
وتبدو العدالة الدولية عرجاء إذ لا يستطيع أحد محاسبة الروس على جرائمهم، فروسيا عضو دائم في مجلس الأمن قادرة على إجهاض أي قرار.
وليس بمقدور السوريين حقيقة إلا المقاومة على الأرض، وفضح روسيا في الفضاء الإعلامي علّ الضغط الشعبي إن صحا ضمير الشعوب يسعف السوريين.
استخدام روسيا سلاحها الجوي بهذا الشكل الجنوني وحرق الأرض لحصار مدنيين ثم قصف المستشفيات ومستودعات الأدوية والأفران ومخازن المواد الإغاثية يؤكد أنّ روسيا أصبحت طرفاً في الصراع يبحث عن حسم عسكري لا وسيطاً نزيهاً يبحث عن حل سياسي، ومحال لمن كانت هذه أفعاله سعيه تأمين ممرات آمنة، وعليه يقول أهل حلب: أوقفوا إرهابكم ولا نريد ممراتكم.
قمة عربية تعكس هشاشة النُظم العربية
الدول العربية تعقد اجتماعاً لها في العاصمة الموريتانية نواكشوط بغياب معظم ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية.
خلافاً لما صرح به الأمين العام للجامعة العربية من نجاح القمة فإنها تعد من أسوأ القمم العربية، ولا يدل على ذلك مستوى التمثيل الدبلوماسي المتدني وحسب، إنما يدلل بيان القمة عن مضمونها فقد ظهر الشرخ العربي واضحاً بين الأنظمة فيما بينها، وبين الأنظمة وشعوبها من جهة أخرى، فجاء بيانهم باهتاً بلا طعم أو لون أو رائحة، وبقيت فلسطين شعاراً للمزاودة من دون أن يقدم لها شيء ذو بال منذ تأسيس الجامعة.
ينبع الفشل حقيقة من تصارع إرادة الحكام عموماً مع إرادة الشعوب، فالجامعة العربية تمثل النظام العربي المتعفن الساعي لوأد تطلعات الشعوب، وسعيها نحو انعتاق سياسي واقصادي واجتماعي وعلمي، ولا يمكن تحقيق أي انعتاق في ظل الانغلاق السياسي في المجتمعات العربية، وستكون القمم القادمة أسوأ ما لم تمثل الحكومات شعوبها..
Founder of Raqqa is being slaughtered silently, journalist featured in film "City of Ghosts".