سجون داعش .. والأقفاص آخرها

خاص – الرقة تذبح بصمت

بعد انتشار تنظيم الدولة داعش في سوريا وإحكام سيطرته على الرقة التي جعل منها حاضرةً لخلافته، ممتدّاً إلى مساحات كبيرة من دير الزور وريف حلب الشماليّ، آخذاً برسم خريطة جديدة للحياة على أراضي هذه المناطق، مستعيناً بجهازه القضائيّ المتمثل بالمحاكم الشرعيّة، وآخر أمني لتطبيق تشريعاته عبر السجون والمعتقلات.

تغصّ سجون داعش بالمدنيين والعسكرييين من عناصر الجيش الحرّ، إضافة إلى الصحفيين وناشطيّ المجتمع المدنيّ وحقوق الإنسان، سجون لاتزال تٌعدّ مجهولةً حتّى الآن، فثمّة معتقلون لا يعرف أحد في العالم الخارجيّ بوجودهم. فالاعتقالات تطال كلّ معارض لقوانين التنظيم، كبيراً كان أم صغيراً، مدنيّاً أم مسلّحاً لا فرق، وتتنوّع أسباب الاعتقال والتهم بحسب شريعة التنظيم، فالمدنيين في مناطق سيطرة داعش معرّضين بشكل يوميّ إلى وابل من التّهم بدءاً من الحسبة التي تتدخل في كلّ شاردة وواردة، مثل عدم الالتزام باللّباس الشرعيّ، و الجهر بالكفر، و ارتكاب المعاصيّ كتدخين السجائر وشرب الخمر. ويُضاف إلى ذلك من أسباب الاعتقال عدم دفع الضرائب الماليّة من قبل أصحاب المحلّات التجاريّة مقابل الحماية، وكذلك عدم الفصل بين الإناث والذكور في مختلف مناحي الحياة.

أنواع السجون :

– سجون عامّة : وهي للاعتقالات الشبه يوميّة بين المدنيين الخاضعيين لحكم التنظيم، حيث يتوزّع المعتقلون على سجون عامّة معروفة يقضون فيها مدّة حكمهم، أو تتمّ فيها عمليّات التحقيق.
– سجون الأطفال: الذين لم تشفع لهم طفولتهم فكان لهم نصيب فيها، وأكثر التهم المنسوبة إليهم هي شتم الذات الإلهيّة.
– المعتقلات السريّة: والتي تتوزّع على امتداد مناطق سيطرة التنظيم شرق وشمال شرق سوريا، ولكن تبقى هناك سجون أكثر سريّة من غيرها، فبحسب أمراء منشقين عن التنظيم يصفون خارطة سجون داعش في سوريا : ففي دير الزور هناك العديد من السجون السريّة، وكذلك مدينة البوكمال والتي تعتبر سجونها الأكثر تحصيناً حيث تحتوي على معتقلين من التنظيم نفسه، إضافة لصحافيين وشخصيّات مهمّة، حيث تمّ اختيار هذا الموضع لهم لسهولة نقلهم للعراق إذا اَضّطرّ الامر .
وعن محافظة الرّقّة : يعتبر سجن (العكيرشيّ) القرية التي تبعد حوالي 20 كم شرقيّ المدينة وهو من أهم مراكز سجون التنظيم، حيث يتمّ بداخله احتجاز المعتقلين الأجانب والعرب، إضافة لمبنى المحافظة والذي يُعدّ معقلاً أساسيّاً داخل المدينة.
سجن السدّ والذي يقع في مدينة الطبقة غربيّ الرقّة والذي غالباً ما يتمّ فيه اعتقال الصحفيين الأجانب كما يحتوي على عدد كبير من أسرى قادة الجيش الحرّ.

أمّا في حلب فيعتبر سجنا منبج ودير حافر ومسكنة أهم سجون التنظيم.

أساليب التعذيب في سجون التنظيم:

فبمجرّد دخول أي أحد سجون داعش السريّة يتفاجئ بسجون مستنسخة عن أقبية النظام السوريّ فيجد وجوهاً أعياها الضرب وفقدت ملامحها، وآخرون تفسخت جلودهم من آثار الجَلْد، لدرجة أنّ بعض المعتقلين يطالبون بأن يُقتلوا، إذ يبدأ التعذيب بالإهانات اللّفظيّة مرورا بالجَلْد والشبح والدولاب والكهرباء، ثمّ التهديد بالذبح، إلّا أنّ أكثر حالات الموت تكون بسبب انتشار الأمراض بين المعتقلين، فمن يمرض في سجونهم فهو مشروع ميْت، فلا يُعرض للمعالجة، أو دواء يخفف مرضه، إلّا باستثناء المعتقلين الذين يريدهم التنظيم لمقايضتهم بأسرى لهم.
.
لا يوجد عددُ ثابتُ للمعتقلين في سجون داعش ، فكلّ يوم يختفي العديد من الشباب في غياهب سجون التنظيم الذي يُنكر وجودهم لديه حتّى لايتحمّلوا مسؤوليّة موت أحدهم تحت التعذيب. فعدد غير قليل من المعتقلين يتعرّضون للتعذيب داخل السجون، وعقب ذلك تطبّق العقوبات بشكل علنيّ في الساحات العامّة كنوع من الردع، وإنّ أكثر من يتعرّض للتعذيب هم غالباً ما يكونون من فصائل الحرّ.
أمّا اليوم فيظهر نوع جديد من السجون ألا وهي الأقفاص، وهي خاصّة بالنساء، ففي ما مضى يقولون فلانة دخلت القفص إشارة إلى زواجها أمّا اليوم في ظلّ حكم داعش تدخله بسبب عدم التزامها باللّباس الشرعيّ، حيث يضعون كلّ من تخالف في هذا القفص مع عدد من الجماجم البشريّة، والتي أوصلت كثير من النسوة حدّ الانهيار.

قام داعش بوضع فتاتين لعقوبة لهما على مخالفة اللباس “الشرعي” حسب زعمهم وتعرضت إحداهما لصدمة نفسية بعد 4 ساعات من وضعها داخل القفص الحديدي بجانب الجماجم البشرية نقلت على إثرها إلى المستشفى, يذكر أنه ليست المرة الاولى التي يستخدم فيها التنظيم طريقة الاقفاص حيث قام سابقاً بوضع عدّة اقفاص حديدية في مدينة الرقة والطبقة ومنبج والباب في ريف حلب واستخدمها في حجز المعتقلين بعدّة تهم وقد يضل المتهم داخل القفص لمدة تصل إلى اسبوع.

يستمر تنظيم داعش بإرهاب سكان المناطق الخاضعة لسيطرته في سبيل ابقائهم تحت سيطرته ومنع اي محاولة لمحاربته عسكريا او مدنيا مستخدماً بذلك السجون والاقفاص وكل مايبقيه محتلاً للمدن.