الحسبة 45

خاص – الرقة تذبح بصمت

يتصف تنظيم “داعش” بكونه تنظيم أمني بالدرجة الأولى، فهو يولي اهتماماً كبيراً للشق الأمني فيما عرف عن أمنييّه أنّهم أكثر عناصره إرهاباً للمدنيين، وذلك نتيجة ممارساتهم وطرق تعاملهم، فهم أصحاب اليد المطلقة في عمليات الاعتقال والتعذيب فضلاً عمّا يمتازون به من سلطة مطلقة ممنوحة لهم.


مؤخراً برز جهاز الحسبة الذي يماثل في عمله ومهامه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، إذ يتكون من عشرات السيارات الجوالة من نوع “فان” تحمل أرقاماً تميزها وتجوب شوارع المحافظة بحجة ملاحقة المخالفين لتعليمات التنظيم وقراراته كالتدخين وعدم الإلتزام بصلاة الجماعة ومخالفة قوانين اللباس والكثير من القوانين الأخرى التي سنها التنظيم، فنسمع كل يوم حكايا عن تجاوزات عناصر الحسبة بحق الأهالي.

وخلال الاشهر القليلة الماضية بدأ نجم الحسبة باللمعان وبخاصة السيارة التي تحمل الرقم 45 إذ باتت حديث العامة فأصبح أول شيء يحاول المدنيون النظر إليه اذا لاحت سيارة الحسبة هو رقمها ليعرفوا إن كانت تحمل الرقم 45. وعن سبب هذا الخوف ووقع الرقم 45 في نفوس المدنيين يقول (أ.أ): “جهاز الحسبة مثله مثل جميع أجهزة التنظيم وعناصره التي تحمل شيئاً من الخوف لنا نحن المدنيين، إلا أنّ وقع الحسبة أقل وطأة من الأمنيين رغم أنّ سيارة الحسبة التي تحمل رقم 45 باتت رعباً يجوب أحياء المدينة لأسباب عدة أولّها، كون الدورية التي تتواجد في السيارة تتألف من المهاجرين أصحاب الجنسية التونسية المعروفين بأنهم الأكثر إيذاءً للمدنيين الذين يتحاشونهم بدورهم ولا يحبذون الخلطة معهم لأنهم متطرفون عن جهل، إلى جانب أنّ الدورية تقوم بالاعتقال لسبب وبدون سبب وإذا أوقفت الشخص فإن الاعتقال سيكون مصيره مهما حاول سواء كان مخالفاً أم لا. فقد يكون السبب الإزار وعدم رفعه بطريقة كافية أو اللحية وحلاقتها أو اللباس إن كان ضيقاً، وبجميع الأحوال سيجدون لك ألف سبب ليقوموا باعتقالك.

يضاف إلى هذين السببين، أنّه بات معروفاً أن الدورية لن تعود للمقر إلا بعدما تملأ السيارة بشكل كامل، فضلاً عن خروج الدورية بشكل دائم عقب غارات الطيران الحربي فتحاول أحياناً كثيرة ربط الاعتقال بتهم أمنية خطيرة قد تكلف الشخص حياته. فالتنظيم يستسهل كيل التهم كالتعامل مع التحالف والقوات الكردية شمالاً أو مع النظام.
وعند سؤالنا (أ.أ) عن سبب اعتقاله قال: “لم يكن هناك سبب فعلاً، مرت الدورية بجانبي فحاولت عدم الاكتراث بها لكن يبدو أن مظهري العام لم يعجب عناصرها، فناداني أحدهم وطلب مني ركوب السيارة وعند وصولي للمقر قرروا اتهامي بأن بنطالي ضيق”.
من جهته يقول أبو خالد: “بات الجميع يلوذون بالفرار إذا لاح لهم رقم سيارة الحسبة 45 فالحال عاد كما كان سابقاً عند مشاهدة دوريات الأمن العسكري التابعة للنظام، فإذا حاولت مقاومة الحسبة تجد العصي تنهال عليك قبل أن يبدأ إطلاق النار وطلب المؤازرة وهنا تصعب الأمور كثيراً وتخرج عن نطاق مخالفة عادية إلى مقاومة عناصر التنظيم. وبين هذا وذلك باتت الحياة في الرقة صعبة للغاية، فالطيران يقتل المدنيين بالجملة والتنظيم يتفنن بقتلهم فرادى.